(قصة
الكعب العالي النسائي!!)
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ
عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
:
( كَانَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ
قَصِيرَةٌ تَمْشِي مَعَ امْرَأَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ
فَاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ وَخَاتَمًا مِنْ
ذَهَبٍ مُغْلَقٌ مُطْبَقٌ ثُمَّ حَشَتْهُ
مِسْكًا وَهُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ فَمَرَّتْ بَيْنَ
الْمَرْأَتَيْنِ فَلَمْ يَعْرِفُوهَا
فَقَالَتْ بِيَدِهَا
هَكَذَا"_ وَنَفَضَ شُعْبَةُ يَدَهُ )
...رواه مسلم
4182
وفي رواية لأحمد 10937
:
(
فَكَانَتْ إِذَا مَرَّتْ بِالْمَجْلِسِ حَرَّكَتْهُ فَنَفَخَ
رِيحَهُ )
وعند ابن حبان في صحيحه 5683:
( فاتخذت لها نعلين من خشب فكانت تمشي
بين امرأتين طويلتين تطاول بهما
)
(معاني المفردات)
رجلين من خشب : أي نعلين من الخشب كما في رواية ابن
حبان
فقالت بيدها هكذا : يعني حرّكت يديها لتفوح رائحة
العطر
خاتماً مُغْلَقٌ مُطْبَقٌ: أي خاتماً محكم الإغلاق
وعليه غطاء
(تفاصيل القصّة)
من سنن الله الكونية ألا تبلغ الحضارات الإنسانيّة
أوجّ عزّها ، ولا ترتقي
إلى قمّة مجدها ، إلا حين تتّخذ من الأخلاق الفاضلة ،
ومعاني العفّة
والطهارة ، سياجاً يحيط بها ، وفي المقابل أيضاً لا
ترى التراجع والوهن
يبدأ في أمّة من الأمم إلا حين تنسلخ من القيم
والمُثُل العليا ، وتفشو في
أفرادها مظاهر الترف والبذخ ، والبحث عن المظاهر
الكاذبة والتصنّع
الزائف ، حتى تأتي اللحظة التي تنهار فيها ، وتزول عن
الوجود .
والنبي – صلى الله عليه وسلم – يعرض من خلال القصّة
التي بين يدينا ،
جانباً من جوانب الفساد الاجتماعي والافتتان بزخارف
الدنيا ، والذي
أودى بالمجتمع الإسرائيلي مهاوي الردى ، وكان سبباً
في تسلّط أعدائهم عليهم .
وقد ظهرت بوادر الفساد الاجتماعي في تلك الأمّة بقوّة
من خلال
المبالغة في الاهتمام بالمظاهر ، فكان الإنفاق على
الملابس والحلي
وأنواع الزينة ومراسم الحفلات على أشدّه ، ولم يكن
التسابق المحموم
على تلك الأمور محصوراً بالطبقة الغنيّة القادرة ، بل
اكتوى بنارها
الفقراء والمعدمين ، سعياً لمجاراة الواقع الموجود ،
ومع مطالب النساء
وما جرّه من النفقات الباهظة ، كانت النتيجة الحتمية
الغرق في دوّامة
لا
تنتهي من الديون والقروض الرّبوية .
أما الصورة الأخصّ التي ذكرها النبي – صلى الله عليه
وسلم – فهي حال
امرأة
من بني إسرائيل ، تملّكها الشعور بالحسرة على قصر قامتها ،
ورأت في نفسها أنها أقل حظّاً في نيل إعجاب الرجال
ولفت أنظارهم ،
وكان الرجال من بني إسرائيل يرون الجمال في طول
المرأة .
وبدلاً من الرضى بقضاء الله وقدره ، ظلّت تفكّر
زماناً طويلاً للبحث عن
أفضل الطرق لجذب أنظار الناس إليها ، حتى اهتدى عقلها
إلى حيلة تزيل
ما تظنّه عيباً فيها ، فقد صنعت لها نعلين من الخشب
تلبسهما تحت الثياب
فيزيد من قامتها ، ويظهرها أمام الناس
طويلة.
وأمام الحيلة التي ابتكرتها ، تغيّر منظرها الخارجي ،
فلم يتعرّف عليها
الرجال ، وظنّوا أنها امرأة غريبة عن الديار ، بل
أرسلوا أحدهم ليعلم
عن هذا الوافد الجديد – بالنسبة إليهم – ويتقصّى
حقيقتها فلم يفلح .
وبذكائها أيضاً بغير زكاة القلب ، اتّخذت خاتماً من
ذهب صنعته خصّيصاً
عند أحد الصاغة ، وأمرته أن يجعل فيه تجويفاً له غطاء
لتملأه مسكاً
قوي الرائحة ، ثم كانت تذهب إلى مجامع الناس وتحرّك
يدها ذات اليمين
وذات الشمال ، فيفوح شذى العطر في أرجاء المكان ليسلب
بعبقه ألباب
الرجال وينال استحسانهم لها
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق