- فضل النصف من شعبان مع وقفات مهمه لحديث:
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه
إلا لمشرك أو مشاحن )
[رواه الطبراني وابن حبان وهو حديث صحيح].
ولنا مع هذا الحديث الذي يتعلق بالنصف من شعبان أربع وقفات مهمة:
الأولى:
أن الله يغفر فيها لكل عباده إلا المشرك فتفقد نفسك يا عبد الله،
وفتش باطنها، فلعلك أن تكون مبتلى بشيء من هذه الشركيات المنتشرة
في الأمة، ولا تظنن بنفسك خيرا بل فاتهمها في جانب الله وفي
تقصيرها، ولا تقل أني بريء من الشركيات، ولا يمكن أن أقع فيها، ويكفى أنني
أعيش في بلد التوحيد، فإن هذا غرور وجهل منك.
إذا كان أبو الأنبياء وإمام الحنفاء خليل الرحمن يخشى على نفسه الشرك،
بل يخشى على نفسه وعلى بنيه عبادة الأصنام، فمن دعاء الخليل
كما تعلمون واجنبني وبني أن نعبد الأصنام [إبراهيم 35].
وقد بين إبراهيم ما يوجب الخوف من ذلك فقال:
رب انهن أضللن كثيراً من الناس .
قال إبراهيم التيمي: من يأمن البلاء بعد إبراهيم؟ فلا يأمن الوقوع في
الشرك إلا من هو جاهل به، وبما يخلصه منه.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:
( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه؟ فقال: الرياء ).
وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام:
( اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم ).
الوقفة الثانية:
خطورة الشحناء والبغضاء بين الناس، وأن الله لا يغفر للمتشاحنين،
والشحناء هي: حقد المسلم على أخيه المسلم بغضا له لهوى في نفسه،
لا لغرض شرعي ومندوحة دينية، فهذه تمنع المغفرة في أكثر أوقات المغفرة والرحمة.
وأما الشحناء وما أدراكم ما الشحناء؟ شرها عظيم, ووبالها يعم ولا
يخص, ألم يخرج نبينا صلوات الله وسلامه عليه ذات يوم بخبر
ليلة القدر, فتلاحى رجلان فرفع خبرها ونبأها, رفعت تلك البركة
عن الأمة إلى قيام الساعة بسبب ملاحاة رجلين
وخصومة اثنين من الصحابة, فما ظنكم
بما يقع في أيامنا هذه من خصومات ومشاحنات, ومن كان له مشكلة
بالقضاء والمحماة يقف على ما يشيب له الولدان, لا أقول مشاحنات
بين المسلمين, بل والله بين الأشقاء, بل بين الابن وأبيه,
والرجل وأمه, مشاحنات ومرافعات وقضايا.
أين هؤلاء جميعًا من هذا الحديث ومن حديث مسلم الثابت عنه عليه
الصلاة والسلام
( تفتح أبواب الجنة يوم الخميس ويوم الإثنين فيغفر لكل عبد لا يشرك
بالله شيئًا إلا رجلاً بينه وبين أخيه شحناء, يقال أنظروا هذين حتى
يصطلحا, انظروا هذين حتى يصطلحا )
وقد وصف الله المؤمنين عموما بأنهم يقولون: ربنا اغفر لنا ولاخواننا
الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين ءامنوا ربنا إنك
رؤوف رحيم .
قال بعض السلف:
أفضل الأعمال سلامة الصدور وسخاوة النفوس والنصيحة للأمة
وبهذه الخصال بلغ من بلغ، وسيد القوم من يصفح ويعفو، فأقِل يا عبد الله
حتى تُقال.
الوقفة الثالثة:
إحياء بعض الناس لليلة النصف من شعبان، وبعضهم يصليها في
جماعة ويحتفلون بأشياء وربما زينوا بيوتهم، وكل هذا من البدع المحدثة
التي لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحبه ولا تابعوهم،
وهم الحجة لمن أراد سواء السبيل وما ثبت في هذه الليلة
من فضل هو ما قدمناه من
أنك يجب عليك أن تحقق التوحيد الواجب، وتنأى بنفسك عن الشرك،
وأن تصفح وتعفوا عمن بينك وبينه عداوة وشحناء، أما إحداث البدع
في هذه الليلة فإن أهلها هم أولى الناس بالبعد عن رحمة الله،
وأن ينظروا هم حتى يتوبوا من بدعتهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق