خطورة البدع :
وهذا أيضاً لا أصل له عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون تخصيص
هذا اليوم به من البدع التي حذَّر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وقال فيها:
( كل بدعة ضلالة )..
وليعلم أن من ابتدع في دين الله ما ليس منه فإنه يقع في عدة محاذير
منها:
المحذور الأول:
أن فعله يتضمن تكذيب ما دل عليه قول الله عز وجل:
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ }
[المائدة:3]،
لأن هذا الذي أحدثه واعتقده ديناً لم يكن من الدين حين نزول الآية
، فيكون الدين لم يكمل على مقتضى بدعته.
المحذور الثاني:
أن ابتداعه يتضمن التقدم بين يدي الله ورسوله، حيث أدخل في دين
الله تعالى ما ليس منه. والله سبحانه قد شرع الشرائع وحدّ الحدود
وحذَّر من تعديها، ولا ريب أن من أحدث في الشريعة ما ليس منها
فقد تقدم بين يدي الله ورسوله، وتعدى حدود الله، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون.
المحذور الثالث:
أن ابتداعه يستلزم جعل نفسه شريكاً مع الله تعالى في الحكم بين
عباده، كما قال الله تعالى:
{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ }
[الشورى:21].
المحذور الرابع:
أن ابتداعه يستلزم واحداً من أمرين، وهما: إما أن يكون النبي
صلى الله عليه وسلم جاهلاً بكون هذا العمل من الدين، وإما أن يكون
عالماً بذلك ولكن كتمه، وكلاهما قدح في النبي صلى الله عليه وسلم،
أما الأول فقد رماه بالجهل بأحكام الشريعة، وأما الثاني فقد رماه
بكتمان ما يعلمه من دين الله تعالى.
المحذور الخامس:
أن ابتداعه يؤدي إلى تطاول الناس على شريعة الله تعالى، وإدخالهم
فيها ما ليس منها، في العقيدة والقول والعمل، وهذا من أعظم العدوان
الذي نهى الله عنه.
المحذور السادس:
أن ابتداعه يؤدي إلى تفريق الأمة وتشتيتها واتخاذ كل واحد أو طائفة
منهجاً يسلكه ويتهم غيره بالقصور، أو التقصير، فتقع الأمة فيما نهى الله عنه بقوله:
{ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ
لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
[آل عمران:105]،
وفيما حذر منه بقوله:
{ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيءٍ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ
إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }
[الأنعام: 159].
المحذور السابع:
أن ابتداعه يؤدي إلى انشغاله ببدعته عما هو مشروع، فإنه ما
ابتدع قوم بدعة إلا هدموا من الشرع ما يقابلها.
وإن فيما جاء في كتاب الله تعالى، أو صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم
من الشريعة لكفاية لمن هداه الله تعالى إليه واستغنى به عن غيره،
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ
وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ
فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ َ}.
وقال الله تعالى:
{ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاي فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى }
[طه:123].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق