أ. لولوة السجا
السؤال
♦ الملخص:
فتاة تشكو كثرة انشغال خطيبها بعمله، فهو لا يسأل عنها ولا يهتم بها،
وقد يمر الأسبوع ولا يرسل لها رسالة اطمئنان، وتسأل: ماذا أفعل حتى
لا أكثر من العتاب عليه وأكون (نكدية) في نظره.
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة مخطوبة (معقود عليَّ)، وخطيبي إنسان طيب ومحترم، ويحب
العمل، ويحب أن يُطوِّر نفسه، لكن المشكلة أنه يعمل وقتًا طويلًا،
ويأتي مِن عمله متعبًا مرهقًا وينام إلى الصباح.
أشعر أنه مُقصر في حقي، ولستُ في جدول يومه، مع أنه يستشيرني
في كل شيء، وأحاول أن أقترب منه وأقول له أفضل الكلمات التي
تشعره بأهميته، لكنه في المقابل لا يتكلم مثلما أتكلم، بل يكتفي بالرد المقتضب وفقط.
أشعر بالحيرة الشديدة والفراغ والوحدة، وأفتقده كثيرًا خلال يومي،
وتكون داخلي رغبة كبيرة في الحديث معه، لكنه منشغل باستمرار،
ولا أريد أن أضغط عليه فيكفي ما هو فيه.
أحيانًا يمر الأسبوع وزيادة ولا يسأل عني، ولا نتحدث هاتفيًّا ولا يكلمني،
وهذا يزعجني كثيرًا، بل يقهرني عدم اهتمامه ولا مبالاته وردوده الباردة.
لا أعلم هل هذه الحالة ستدوم بعد الزواج أو هذا بسبب عمله؟
أنا محتارة كثيرًا، خاصة بعد أن عاتبتُه بأسلوب لطيف، لكنه رد بنبرة هجومية،
وقال: وماذا أفعل؟ ليس بيدي شيء!
لا أرغب في الإكثار من العتاب حتى لا أكون نكدية، فأخبروني ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعدُ:
فلا أرى أن ما ذكرته من أمرك هو مشكلة في حد ذاتها، وإنما بكل بساطة:
أنت فتاة ذات عاطفة قوية، وطبيعة حساسة، ولكنها تجهل طبيعة الرجل
التي خلقه الله عليها.
بُنيتي، لو استمعتِ لأغلب النساء لوجدت نفس الشكوى تتمثل في مجموعة
ألفاظ متكررة مثل: (لا يحبني، لا يهتم بي، لا يسأل عني، لا يراسلني،
لا يبادلني المشاعر، لا يفتقدني، لا ولا ولا بلا نهاية).
فهل هذا يعني أنه فعلًا لا يحبك؟ إذًا فلماذا اختارك زوجة له؟ ولماذا
علاقتك به مستمرة إلى الآن ولو شاء لأنهاها؟ ولماذا يحادثك ويضحك،
و... و...؟!
المشكلةُ تكمن في طريقة ونمط تفكير المرأة والرجل، فهناك فارق كبير
في ذلك، فالذي تراه المرأة ضرورة قد يراه الرجل غير ذلك، بل قد
يراه عيبًا، أو أمرًا غير معتاد، وذلك بحسب ما تعوَّد عليه في بيئته
ومجتمعه، أضِف لذلك ما جُبل عليه من الطباع.
وحتى تتضح لك المسألة سأضرب لك مثالًا على ذلك: أليس هناك نساء
اشتهرت مكانتها عند زوجها، وكل من حولهم يدركون ذلك، ومع هذا
حين تسألين تلك المرأة عن زوجها تجدين أنها تعاني من فظاظته أو
جفافه العاطفي، فما تفسير ذلك؟!
كما ذكرت لك، فالرجل بطبعه عقلاني، قليل التعبير عن المشاعر،
يميل إلى الفظاظة والجمود غالبًا.
قد تمر أشهر بل سنوات يعيش مع زوجته تحت سقف واحد دون أن
يتلفظ بكلمة حب واحدة! نعم بُنيتي لا تتعجبي، لكن هل تعلمين متى
تظهر تلك المشاعر وبأي صيغة؟
تظهر حين غياب الزوجة عن البيت كسفر، أو فترة نفاس، أو غير ذلك،
وأحيانًا لا تَظهر إلا مع أصعب الظروف لا قدر الله؛ كمرض، أو طلاق!
ولا يعني ذلك أنه لا توجد نماذج مختلفة عن ذلك، ولعل زوجك أحدهم،
إذ يعبِّر لك ولو قليلًا، ومع ذلك تجدين أنك لم تكتفي بذلك، فأنت تريدين
منه كثرة التواصل ليثبت لك حبه، وعدم استغنائه!
ليس شرطًا غاليتي أن تكون هذه هي الوسيلة، فقد يغيب الزوج ويتأخر
عن زوجته ولا يحادثها، ويقتصد في بث المشاعر في وقت هو يحمل
في صدره قلبًا مغرمًا بزوجته! نعم هذه حقيقة، والذي يؤكد ذلك غالبًا
هو ما يكون حين اللقاء، فلا عبرة بما ذكرت.
لذا فإني أنصحك بألا تجعلي هذا الأمر همك؛ حيث إنه يُحدِث قلقًا
وانشغالًا فكريًّا واضطرابًا قد يؤثر سلبًا على العلاقة، فالزوج لا يتقبل
العتاب إلا في النادر وبشروط.
كما أنَّ ذلك من شأنه أن يؤثرَ على أعظم علاقة في حياتك، ألا وهي
علاقتك بخالقك، نعم ستجدين نفسك قد استهلكت جل وقتك في التفكير
والانشغال النفسي الذي يمنعك من مزاولة أبسط العبادات؛ كقراءة
القرآن، وأداء النوافل، بل وحتى بعض الفروض قد تتأثر كالصلاة،
فأنت حين تدخلين في الصلاة تجدين أن فكرك ليس في صلاتك، بل
مع زوجك؛ لماذا قال؟ ولماذا فعل أو لم يفعل؟! وهذا مما قد يزيد من
التوتر النفسي لديك؛ فتزداد حالك سوءًا حين لم تستفيدي من صلاتك
التي كانت من المفترض أن تكون هي المستراح.
اقرئي كثيرًا فيما يتعلق بالفروق بين المرأة والرجل في التعبير،
وتصوير المشاعر، وكيفية التعامل مع كل نوع، ومما أوصيك به
الاطلاع على كتاب: (المرأة البحر والرجل المحيط)؛
للكاتب عبدالله الداود؛ ففيه من الفوائد ما قد يغنيك الشيء الكثير.
وإن كنت أرى اتفاق الرجال جميعًا في الجدية والعقلانية، فقلما تجدين
رجلًا عاطفيًّا بما تَحمله هذه الكلمة، وأقصد بذلك العاطفة الخارجية.
لا تجعلي جل اهتمامك لماذا فعل؟ ولماذا لم يفعل؟ وإنما إن أحسن فاحمدي،
وإن أساء فتغافلي، ولا تُدَقِّقي، فليس في ذلك عظيم فائدة، بل قد يكون العكس.
تعايَشي مع حياتك بشكل متوازن، وأعطي كل ذي حق حقه، وانصرفي
إذا انصرف، وأقبلي إذا أقبل، ولا تجعلي سعادتك رهن بضع كلمات أو تصرفات.
وللعلم، فالرجل يحب المرأة المرنة التي تتعامل مع المواقف بحسبها،
ولا تخلط الأمور ببعضها، ولا نسيء فهم تصرفاته حتى وإن قصر
وأهمل.
أعانك الله
وأسأل الله أن يريحَ بالك وقلبك، وألا يجعلَ الدنيا همَّك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق