الطلاق بالكناية
د. صغير بن محمد الصغير
السؤال
♦ الملخص:
رجلٌ مصابٌ بشللٍ نصفي، وزوجتُه تقوم بكل مستلزمات البيت، لكنها
تشكو الحمل الثقيلَ، فغضِب زوجها وقال لها: إن تسوَّقتِ فاذهبي
إلى بيت أهلك، ويسأل: هل هذا طلاق معلق؟
♦ التفاصيل:
أنا رجل متزوج ولي أربعة أبناء، أُصبتُ بمرض الشلل النصفي، وقد
ألزَمني هذا المرض الجلوس على كرسي متحرك، فتحمَّلت زوجتي
قضاء مستلزمات البيت، والذهاب إلى السوق، وكان هذا بالطبع يُتعبها،
فتشكو، وكانت تحدُث بيننا مشاجرات، لكن هذه المرة بلغ مني الغضبُ
مبلغًا، وقلتُ لها بالحرف الواحد: من اليوم لن تتسوَّقي،
وإن فعلتِ ذلك فاذهبي إلى بيت أهلك.
أعلمُ أنها تشكو من ضغط المسؤولية عليها، لكن قولها صدَمني بسبب
عجزي، والآن أنا حيران: هل ما قلتُه طلاق معلق؛ لأني لم أذكُر كلمة الطلاق؟
وهل تُعتبر طلقة رجعية أم لها كفارة؟ علمًا بأني قلتُ هذه
الكلمة دون إدراكٍ مني لعواقبها ودون تفكيرٍ!
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
أخي الفاضل، أسأل الله تعالى أن يجمع لك بين الأجر والعافية،
وأن يجمع شملَك ويُيسِّر أمرك وأهلك،
وأُوصيك بتقوى الله عز وجل، ثم بما يلي:
أولًا: اعلم أنك على خير عظيمٍ، فما ابتلاك الله عز وجل، إلا ليرفعك
ويكفِّر عنك خطاياك، فاصبِر واحتسِب مرضك، في الحديث قال صلى الله عليه وسلم:
(وإن الرجل ليُصيبه البلاء حتى يمشي في الناس وما عليه خطيئة)؛
رواه الإمام أحمد 3 /87، وصحَّحه الألباني في صحيح
الجامع 1/ 231 برقم993.
ثانيًا: أوصيك وزوجتك بترك الغضب والصبر الجميل، وحسن العشرة بينكما،
فالغضب لا يأتي بخير، ودائمًا ما يستغله الشيطان لإحداث شرخٍ
في الأسرة يصعب ردمُه ومحوُه، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
فقال: يا رسول الله، أوصِني، قال: لا تغضَب، فردَّد مرارًا،
قال: لا تغضَب؛ رواه البخاري، 8/ 28 برقم 6116.
أوصاه صلى الله عليه وسلم بترك الغضب؛ لأنه ربما كان يعلَم مِن
حالته أنه سريعُ الغضب. فمتى وجدتَ نفسك في حالة غضب،
فتعوَّذ بالله من الشيطان الرجيم، وتوضَّأ أو اغتسِل، وغيِّر هيئتك،
كل ذلك ورَد في السُّنة المطهرة لمعالجة الغضب، وأُوصيك وزوجتك
بقراءة سيرة نبي الله تعالى أيوب عليه السلام، وما كان من عاقبة
صبره واحتسابه، وكثرة دعائه والْتجائه إلى الله تعالى؛ قال الله تعالى:
{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ *
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ
وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ }
[الأنبياء: 83، 84].
ثالثًا: قول القائل لامرأته: ن فعلتِ كذا فاذهبي إلى بيت أهلك هو:
تعليق للطلاق بلفظ الكناية، والكناية لا يقع بها الطلاق إلا بنيَّة،
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى: فأما غير الصريح - الكناية -
فلا يقع الطلاقُ به إلا بنيَّة أو دلالة حال؛ ا.هـ؛ المغني 7/ 306.
وعليه فإن كان يقصِد الطلاق، فإنه يقع طلقة إذا فعلتِ الزوجة ما
علَّق الزوجُ الطلاق به، وإن كان لا يقصِد الطلاق فلا يقع، كما
أفتى بذلك سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى؛
فتاوى نور على الدرب 22 /95.
والذي أنصحك به أخي الفاضل في مثل هذه الحال، هو الاتصال بمفتي
أو قاضي البلدة عندكم؛ ليسمَع منك ومِن زوجتك، ويعرِف حالتكما
بالتفصيل، فيُكيِّفها فقهيًّا، ويُفتيك على ضوء ذلك،
وفَّق الله الجميع لما يحب ويرضى.
منقول للفائدة
د. صغير بن محمد الصغير
السؤال
♦ الملخص:
رجلٌ مصابٌ بشللٍ نصفي، وزوجتُه تقوم بكل مستلزمات البيت، لكنها
تشكو الحمل الثقيلَ، فغضِب زوجها وقال لها: إن تسوَّقتِ فاذهبي
إلى بيت أهلك، ويسأل: هل هذا طلاق معلق؟
♦ التفاصيل:
أنا رجل متزوج ولي أربعة أبناء، أُصبتُ بمرض الشلل النصفي، وقد
ألزَمني هذا المرض الجلوس على كرسي متحرك، فتحمَّلت زوجتي
قضاء مستلزمات البيت، والذهاب إلى السوق، وكان هذا بالطبع يُتعبها،
فتشكو، وكانت تحدُث بيننا مشاجرات، لكن هذه المرة بلغ مني الغضبُ
مبلغًا، وقلتُ لها بالحرف الواحد: من اليوم لن تتسوَّقي،
وإن فعلتِ ذلك فاذهبي إلى بيت أهلك.
أعلمُ أنها تشكو من ضغط المسؤولية عليها، لكن قولها صدَمني بسبب
عجزي، والآن أنا حيران: هل ما قلتُه طلاق معلق؛ لأني لم أذكُر كلمة الطلاق؟
وهل تُعتبر طلقة رجعية أم لها كفارة؟ علمًا بأني قلتُ هذه
الكلمة دون إدراكٍ مني لعواقبها ودون تفكيرٍ!
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
أخي الفاضل، أسأل الله تعالى أن يجمع لك بين الأجر والعافية،
وأن يجمع شملَك ويُيسِّر أمرك وأهلك،
وأُوصيك بتقوى الله عز وجل، ثم بما يلي:
أولًا: اعلم أنك على خير عظيمٍ، فما ابتلاك الله عز وجل، إلا ليرفعك
ويكفِّر عنك خطاياك، فاصبِر واحتسِب مرضك، في الحديث قال صلى الله عليه وسلم:
(وإن الرجل ليُصيبه البلاء حتى يمشي في الناس وما عليه خطيئة)؛
رواه الإمام أحمد 3 /87، وصحَّحه الألباني في صحيح
الجامع 1/ 231 برقم993.
ثانيًا: أوصيك وزوجتك بترك الغضب والصبر الجميل، وحسن العشرة بينكما،
فالغضب لا يأتي بخير، ودائمًا ما يستغله الشيطان لإحداث شرخٍ
في الأسرة يصعب ردمُه ومحوُه، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
فقال: يا رسول الله، أوصِني، قال: لا تغضَب، فردَّد مرارًا،
قال: لا تغضَب؛ رواه البخاري، 8/ 28 برقم 6116.
أوصاه صلى الله عليه وسلم بترك الغضب؛ لأنه ربما كان يعلَم مِن
حالته أنه سريعُ الغضب. فمتى وجدتَ نفسك في حالة غضب،
فتعوَّذ بالله من الشيطان الرجيم، وتوضَّأ أو اغتسِل، وغيِّر هيئتك،
كل ذلك ورَد في السُّنة المطهرة لمعالجة الغضب، وأُوصيك وزوجتك
بقراءة سيرة نبي الله تعالى أيوب عليه السلام، وما كان من عاقبة
صبره واحتسابه، وكثرة دعائه والْتجائه إلى الله تعالى؛ قال الله تعالى:
{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ *
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ
وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ }
[الأنبياء: 83، 84].
ثالثًا: قول القائل لامرأته: ن فعلتِ كذا فاذهبي إلى بيت أهلك هو:
تعليق للطلاق بلفظ الكناية، والكناية لا يقع بها الطلاق إلا بنيَّة،
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى: فأما غير الصريح - الكناية -
فلا يقع الطلاقُ به إلا بنيَّة أو دلالة حال؛ ا.هـ؛ المغني 7/ 306.
وعليه فإن كان يقصِد الطلاق، فإنه يقع طلقة إذا فعلتِ الزوجة ما
علَّق الزوجُ الطلاق به، وإن كان لا يقصِد الطلاق فلا يقع، كما
أفتى بذلك سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى؛
فتاوى نور على الدرب 22 /95.
والذي أنصحك به أخي الفاضل في مثل هذه الحال، هو الاتصال بمفتي
أو قاضي البلدة عندكم؛ ليسمَع منك ومِن زوجتك، ويعرِف حالتكما
بالتفصيل، فيُكيِّفها فقهيًّا، ويُفتيك على ضوء ذلك،
وفَّق الله الجميع لما يحب ويرضى.
منقول للفائدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق