أ. عزيزة الدويرج
السؤال
♦ الملخص:
شاب يحفَظ القرآن وكثيرًا من المتون لكن دون تركيز، ويفتقد حُسنَ التعبير عما في داخله،
ولا يستطيع ترتيب أفكاره، ويريد توجيهًا وإرشادًا.
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أنا شاب في العقد الثالث من عمري، أدرُس في الجامعة تخصُّص عقيدة، حفِظتُ القرآن الكريم،
وكثيرًا من المتون خلال مدة الدراسة، لكني نسيتُ أكثرها، كما قرأتُ بعضَ الشروح وبعض الكتب،
لكني نسيتُ جلَّ ما جاء فيها، وحضرتُ العديد من الدروس، واستمعتُ الكثير من الصوتيات، ولا أستطيع استحضار ما جاء فيها.
من بين مشكلاتي التي أعاني منها، أنني إذا سُئِلتُ عن موضوع، أو طلَب أحدٌ مني النصيحةَ،
لا أستطيع أن أتكلم، أو أنصَحه بشيء، ذلك أن ذهني خالٍ تمامًا من أيَّة أفكار؛ مما جعلني أتحاشى الحديث في الدين مع الناس،
علمًا بأن بعض الناس عندما أجلِس معهم يطلبون مني أن أُحدثهم وأَعِظَهم، وهذا يؤرِّقني كثيرًا؛
لأني أُحِسُّ أن على عاتقي مسؤوليةَ التبليغ والدعوة، خاصة أن الناس يَرونني أملًا لهم باعتبار تخصُّصي في العلوم الإسلامية!
يحدُث معي هذا الأمر أيضًا في الجامعة، فإذا طلب مني أحدُ الأستاذة مناقشةَ موضوع، أو إبداء رأي،
لم أستطع أن أَدلوَ فيه بدلوي، وكذلك إذا طُلِب مني كتابة مقالٍ أو بحث، لا أجد ما أكتُبه، وأكتفي بالنقل من الإنترنت.
صرتُ أعاني مؤخرًا من صعوبة في نُطق الكلمات وترتيب الحروف، وصرتُ أُبْهَرُ من العوام كيف أنهم يرتِّبون أفكارهم،
ويستطيعون الإفصاح عما في نفوسهم، وإبداء آرائهم، مع أني قبلَ سنوات لم أكُن أنظُر إليهم بهذه الطريقة!
تعِبتُ من عدم التحصيل وقلة التركيز، وعدم الفصاحة والبيان، وقراءة الكتب وحضور المجالس دون استفادةٍ،
أرجو التوجيه والإرشاد، وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة لله وبركاته:
أولًا: أُبارك لك وصولَك إلى هذه المرحلة، وأسأل الله سبحانه أن يُعلي شأنك ويبارك فيك،
وينبغي أن نركز على عدة جوانب في استشارتك، ولنبدأ بالجانب النفسي والاجتماعي،
مع الأخذ بالاعتبار أنك في بداية مشوارك العلمي، وتحتاج إلى مزيدٍ من الوقت، لاكتساب العديد من المهارات
والخبرات التي تساعدك في تسيير أمورك.
ولمواجهة نسيان النقاط والعناوين المهمة عند حضورك مشاركةً علمية أو دينية - من الضروري جدًّا تدوينها كتابةً،
أو إضافة تسجيل صوتي إذا كان مسموحًا به لدى الجهة التي تُشارك في حضور محاضراتها وندواتها,
وذلك لاستحضار ما جاء فيها من معلومات؛ ليتسنَّى لك الرجوع إليها عند رغبتك في ذلك، أو احتياجك إلى تثبيتها في ذهنك.
يجب عليك بوصفك طالبَ علمٍ أن تكون في مراجعة تحديث مستمر لمعلوماتك وأفكارك؛
حتى تستطيع أن تشارك في أي مناسبة وتجب على السائلين، حتى ولو كانت مشاركة يسيرة في بداية الأمر،
وتذكَّر أنك لا تستطيع أن تكون ملمًّا بجميع التخصصات والموضوعات الدينية في وقت واحدٍ،
فكبارُ العلماء يتخصصون في علم معين، ويَتبحَّرون فيه، لذلك لا تكلِّف نفسك فوق طاقتها، وتُحمِّلها ما لا تُطيق،
ولا تتحرَّج أبدًا من عدم الرد على مَن يسألك في مسائل تخصُّصية لا تعرف عنها شيئًا,
فقد قال علي رضي الله عنه: "ولا يَستحيي مَن يعلَمُ إذا سُئل عما لا يعلم أن يقول: الله أعلمُ".
ابدَأ بتغيير فكرتك عن نفسك، ومهم جدًّا تغيير القناعات الذاتية، حتى وإن كنتَ تراها حقيقةً،
ولمواجهة الخوف والتردد، ابحَث عن مكامن القوة والمهارات الجيدة لديك، وعالِج نقاط الضَّعف بالتدريب والممارسة والتجربة.
نأتي الآن إلى الجانب التطويري، وسأذكُر أهم الأشياء التي تساعدك في الإلقاء والاسترسال
والتحدث بطلاقة أمام الناس، وهو حضور دورات تدريبية عن فن الإلقاء، فهي تساعد على صَقل المهارات،
ومعرفة القدرات الكامنة، والإكثار من القراءة وتنويعها، للحصول على أكبر قدرٍ من الحصيلة العلمية،
والإلمام بالوضع الحالي للمجتمع لربطه بالأدلة والأحكام الشرعية. عليك أن تبدأ بالمحاضرات القصيرة
والكلمات التي تُلقى بعد صلاة الفريضة في المسجد، ثم التوسع تدريجيًّا إلى أن تصل إلى المحاضرات الطويلة والندوات.
وأخيرًا الجانب الصحي: من المهم جدًّا عمل تحاليل شاملة لمعرفة سبب النسيان وعدم التركيز،
فقد يكون نقصًا لفيتامين معين، أو معدن مهم في الجسم.
كانت تلك إضاءات قد يكون أحدُها مِفتاحًا لإنهاء مشكلتك،
وسبيلًا لتسهيل حلها، وأسأل الله لك نجاحًا وتوفيقًا مِن عنده.
منقول للفائدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق