الأمثال في السنة (02)
عَنْ أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَن النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
( مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ، وَالْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يَعْمَلُونَ لَهُ
عَمَلًا يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ عَلَى أَجْرٍ مَعْلُومٍ, فَعَمِلُوا لَهُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ فَقَالُوا:
لَا حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ الَّذِي شَرَطْتَ لَنَا، وَمَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ, فَقَالَ لَهُمْ: لَا تَفْعَلُوا
أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمْ وَخُذُوا أَجْرَكُمْ كَامِلًا فَأَبَوْا وَتَرَكُوا, وَاسْتَأْجَرَ أَجِيرَيْنِ بَعْدَهُمْ
فَقَالَ لَهُمَا: أَكْمِلَا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمَا هَذَا، وَلَكُمَا الَّذِي شَرَطْتُ لَهُمْ مِن الْأَجْرِ, فَعَمِلُوا
حَتَّى إِذَا كَانَ حِينُ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَالَا: لَكَ مَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ, وَلَكَ الْأَجْرُ الَّذِي
جَعَلْتَ لَنَا فِيهِ, فَقَالَ لَهُمَا: أَكْمِلَا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمَا، مَا بَقِيَ مِن النَّهَارِ شَيْءٌ يَسِيرٌ،
فَأَبَيَا, وَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا أَنْ يَعْمَلُوا لَهُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ, فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَت
الشَّمْسُ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا؛ فَذَلِكَ مَثَلُهُمْ وَمَثَلُ مَا قَبِلُوا
مِنْ هَذَا النُّورِ).
وفي رواية: عَن ابن عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-
عَن النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
(مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي
مِنْ غُدْوَةَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَت الْيَهُودُ, ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي
مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَت النَّصَارَى, ثُمَّ قَالَ:
مَنْ يَعْمَلُ لِي مِن الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ عَلَى قِيرَاطَيْنِ؟ فَأَنْتُمْ هُمْ.
فَغَضِبَت الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالُوا: مَا لَنَا أَكْثَرَ عَمَلًا وَأَقَلَّ عَطَاءً, قَالَ:
هَلْ نَقَصْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ )(2).
شرح المفردات (3):
(أَهْل الْكِتَابَيْنِ) هم: الْيَهُود وَالنَّصَارَى.
( كَمَثَلِ رَجُل ) فِي السِّيَاق حَذْف, تَقْدِيره: مَثَلكُمْ مَعَ نَبِيّكُمْ، وَمَثَل أَهْل الْكِتَابَيْنِ
مَعَ أَنْبِيَائِهِمْ كَمَثَلِ رَجُل اسْتَأْجَرَ, فَالْمَثَل مَضْرُوب لِلْأُمَّةِ مَعَ نَبِيّهمْ، وَالْمُمَثَّل بِهِ
الْأُجَرَاء مَعَ مَن اسْتَأْجَرَهُمْ.
(واستكملوا أجر الفريقين)؛ لأنه لما بطل عملهما، وسقط أجرهما، وعمل
المسلمون بقيةَ النهار على قيراطين، فكأنهم أخذوا القيراطين منهما،
واستحقوا ما كان لهما على عملهما، وحازوه دونهما، ولهذا قال تعالى:
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ
يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ لئلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ
بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }
[الحديد: 28، 29]؛
ولهذا اعترف أهل الكتاب أنهم لم يظلموا من أجرهم شيئاً.
(غُدْوَة) البُكْرةُ، أو ما بينَ صلاةِ الفجرِ وطُلوعِ الشمسِ.
(قيراط) القيراطُ جُزء من أجزاء الدِينار.
شرح الحديث:
قال في عمدة القاري: المقصود من هذا الحديث ضرب المثل للناس الذين
شرع لهم دين موسى - عليه الصلاة والسلام- ليعملوا الدهر كله بما يأمرهم
به وينهاهم، إلى أن بعث الله عيسى - عليه الصلاة والسلام- فأمرهم باتباعه
فأبوا، وتبرأوا مما جاء به، وعمل آخرون بما جاء به عيسى - عليه السلام-
فأمرهم على أن يعملوا بما يؤمرون به باقي الدهر، فعملوا حتى بعث سيدنا
رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فدعاهم إلى العمل بما جاء به فأبوا
وعصوا، فجاء الله تعالى بالمسلمين فعملوا بما جاء به، واستكملوا إلى قيام
الساعة، فلهم أجر من عمل الدهر كله بعبادة الله تعالى، كإتمام النهار الذي
استؤجر عليه كله، أول طبقة.
وفي حديث ابن عمر قدر لهم مدة أعمال اليهود، ولهم أجرهم، إلى أن نسخ
الله تعالى شريعتهم بعيسى - عليه الصلاة والسلام-، وقال عند مبعث عيسى
– عليه السلام-: من يعمل إلى مدة هذا الشرع وله أجر قيراط، فعملت
النصارى إلى أن نسخ الله تعالى ذلك بمحمد - صلى الله عليه وسلم-،
ثم قال متفضلاً على المسلمين من يعمل بقية النهار إلى الليل وله قيراطان؟
فقال المسلمون: نحن نعمل إلى انقطاع الدهر، فمن عمل من اليهود إلى أن
آمن بعيسى - عليه السلام- وعمل بشريعته له أجره مرتين، وكذلك النصارى
إذا آمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم-، كما جاء في الحديث، ورجل آمن
بنبيه، وآمن بي يؤتى أجره مرتين(4).
فإن قلت حديث أبي موسى دلَّ على أن الفريقين لم يأخذا شيئاً، وحديث ابن
عمر دلَّ على أن كلاً منهما أخذ قيراطاً، قلت: ذلك فيمن ماتوا منهم قبل
النسخ، وهذا فيمن حرف، أو كفر بالنبي الذي بعث بعد نبيه(5).
من فوائد الحديث:
1- فِي الحديث حُجَّة لِأَهْلِ السُّنَّة عَلَى أَنَّ الثَّوَاب مِن اللَّه
عَلَى سَبِيل الْإِحْسَان مِنْهُ جَلَّ جَلَاله.
2- تفضيل هذه الأمة، وتوفير أجرها مع قلة عملها، وأنها أفضل الأمم،
وأكملها؛ لإيمانها برسولها - صلى الله عليه وسلم- وبسائر الأنبياء قبله،
ولما خصها الله تعالى به من فضل رسولها - صلى الله عليه وسلم-، وكمال
شريعته، وشهادتها على سائر الأمم قبلها، إلى غير ذلك من الخصائص
التي خصها الله تعالى بها.
3- أن على المسلم أن يستشعر عظم فضل الله علينا نحن المسلمين،
وما أسبغ علينا من نعمه، نعمل قليلاً، ونؤجر كثيرًا، فلله الحمد، والمنة،
والفضل.
4- في الحديث أن من استؤجر على عمل، ثم عمل ولم يتمه،
فإنه لا يستحق الأجرة.
5- في قوله فإنما بقي من النهار شيء يسير إشارة إلى قصر
مدة المسلمين بالنسبة إلى مدة غيرهم.
6- جواز الإجارة بالأجر المعلوم إلى الوقت المعلوم.
------------
(1) - صحيح البخاري، برقم: (2271).
(2) - صحيح البخاري، برقم: (2268).
(3) - ينظر: فتح الباري لابن حجر، 4/ 446.
(4) - رواه الترمذي 4/ 420،
وصححه الألباني، صحيح سنن الترمذي3/ 116 .
(5) - ينظر: عمدة القاري 5/ 54.
عَنْ أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَن النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
( مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ، وَالْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يَعْمَلُونَ لَهُ
عَمَلًا يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ عَلَى أَجْرٍ مَعْلُومٍ, فَعَمِلُوا لَهُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ فَقَالُوا:
لَا حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ الَّذِي شَرَطْتَ لَنَا، وَمَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ, فَقَالَ لَهُمْ: لَا تَفْعَلُوا
أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمْ وَخُذُوا أَجْرَكُمْ كَامِلًا فَأَبَوْا وَتَرَكُوا, وَاسْتَأْجَرَ أَجِيرَيْنِ بَعْدَهُمْ
فَقَالَ لَهُمَا: أَكْمِلَا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمَا هَذَا، وَلَكُمَا الَّذِي شَرَطْتُ لَهُمْ مِن الْأَجْرِ, فَعَمِلُوا
حَتَّى إِذَا كَانَ حِينُ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَالَا: لَكَ مَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ, وَلَكَ الْأَجْرُ الَّذِي
جَعَلْتَ لَنَا فِيهِ, فَقَالَ لَهُمَا: أَكْمِلَا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمَا، مَا بَقِيَ مِن النَّهَارِ شَيْءٌ يَسِيرٌ،
فَأَبَيَا, وَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا أَنْ يَعْمَلُوا لَهُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ, فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَت
الشَّمْسُ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا؛ فَذَلِكَ مَثَلُهُمْ وَمَثَلُ مَا قَبِلُوا
مِنْ هَذَا النُّورِ).
وفي رواية: عَن ابن عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-
عَن النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
(مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي
مِنْ غُدْوَةَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَت الْيَهُودُ, ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي
مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَت النَّصَارَى, ثُمَّ قَالَ:
مَنْ يَعْمَلُ لِي مِن الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ عَلَى قِيرَاطَيْنِ؟ فَأَنْتُمْ هُمْ.
فَغَضِبَت الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالُوا: مَا لَنَا أَكْثَرَ عَمَلًا وَأَقَلَّ عَطَاءً, قَالَ:
هَلْ نَقَصْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ )(2).
شرح المفردات (3):
(أَهْل الْكِتَابَيْنِ) هم: الْيَهُود وَالنَّصَارَى.
( كَمَثَلِ رَجُل ) فِي السِّيَاق حَذْف, تَقْدِيره: مَثَلكُمْ مَعَ نَبِيّكُمْ، وَمَثَل أَهْل الْكِتَابَيْنِ
مَعَ أَنْبِيَائِهِمْ كَمَثَلِ رَجُل اسْتَأْجَرَ, فَالْمَثَل مَضْرُوب لِلْأُمَّةِ مَعَ نَبِيّهمْ، وَالْمُمَثَّل بِهِ
الْأُجَرَاء مَعَ مَن اسْتَأْجَرَهُمْ.
(واستكملوا أجر الفريقين)؛ لأنه لما بطل عملهما، وسقط أجرهما، وعمل
المسلمون بقيةَ النهار على قيراطين، فكأنهم أخذوا القيراطين منهما،
واستحقوا ما كان لهما على عملهما، وحازوه دونهما، ولهذا قال تعالى:
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ
يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ لئلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ
بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }
[الحديد: 28، 29]؛
ولهذا اعترف أهل الكتاب أنهم لم يظلموا من أجرهم شيئاً.
(غُدْوَة) البُكْرةُ، أو ما بينَ صلاةِ الفجرِ وطُلوعِ الشمسِ.
(قيراط) القيراطُ جُزء من أجزاء الدِينار.
شرح الحديث:
قال في عمدة القاري: المقصود من هذا الحديث ضرب المثل للناس الذين
شرع لهم دين موسى - عليه الصلاة والسلام- ليعملوا الدهر كله بما يأمرهم
به وينهاهم، إلى أن بعث الله عيسى - عليه الصلاة والسلام- فأمرهم باتباعه
فأبوا، وتبرأوا مما جاء به، وعمل آخرون بما جاء به عيسى - عليه السلام-
فأمرهم على أن يعملوا بما يؤمرون به باقي الدهر، فعملوا حتى بعث سيدنا
رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فدعاهم إلى العمل بما جاء به فأبوا
وعصوا، فجاء الله تعالى بالمسلمين فعملوا بما جاء به، واستكملوا إلى قيام
الساعة، فلهم أجر من عمل الدهر كله بعبادة الله تعالى، كإتمام النهار الذي
استؤجر عليه كله، أول طبقة.
وفي حديث ابن عمر قدر لهم مدة أعمال اليهود، ولهم أجرهم، إلى أن نسخ
الله تعالى شريعتهم بعيسى - عليه الصلاة والسلام-، وقال عند مبعث عيسى
– عليه السلام-: من يعمل إلى مدة هذا الشرع وله أجر قيراط، فعملت
النصارى إلى أن نسخ الله تعالى ذلك بمحمد - صلى الله عليه وسلم-،
ثم قال متفضلاً على المسلمين من يعمل بقية النهار إلى الليل وله قيراطان؟
فقال المسلمون: نحن نعمل إلى انقطاع الدهر، فمن عمل من اليهود إلى أن
آمن بعيسى - عليه السلام- وعمل بشريعته له أجره مرتين، وكذلك النصارى
إذا آمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم-، كما جاء في الحديث، ورجل آمن
بنبيه، وآمن بي يؤتى أجره مرتين(4).
فإن قلت حديث أبي موسى دلَّ على أن الفريقين لم يأخذا شيئاً، وحديث ابن
عمر دلَّ على أن كلاً منهما أخذ قيراطاً، قلت: ذلك فيمن ماتوا منهم قبل
النسخ، وهذا فيمن حرف، أو كفر بالنبي الذي بعث بعد نبيه(5).
من فوائد الحديث:
1- فِي الحديث حُجَّة لِأَهْلِ السُّنَّة عَلَى أَنَّ الثَّوَاب مِن اللَّه
عَلَى سَبِيل الْإِحْسَان مِنْهُ جَلَّ جَلَاله.
2- تفضيل هذه الأمة، وتوفير أجرها مع قلة عملها، وأنها أفضل الأمم،
وأكملها؛ لإيمانها برسولها - صلى الله عليه وسلم- وبسائر الأنبياء قبله،
ولما خصها الله تعالى به من فضل رسولها - صلى الله عليه وسلم-، وكمال
شريعته، وشهادتها على سائر الأمم قبلها، إلى غير ذلك من الخصائص
التي خصها الله تعالى بها.
3- أن على المسلم أن يستشعر عظم فضل الله علينا نحن المسلمين،
وما أسبغ علينا من نعمه، نعمل قليلاً، ونؤجر كثيرًا، فلله الحمد، والمنة،
والفضل.
4- في الحديث أن من استؤجر على عمل، ثم عمل ولم يتمه،
فإنه لا يستحق الأجرة.
5- في قوله فإنما بقي من النهار شيء يسير إشارة إلى قصر
مدة المسلمين بالنسبة إلى مدة غيرهم.
6- جواز الإجارة بالأجر المعلوم إلى الوقت المعلوم.
------------
(1) - صحيح البخاري، برقم: (2271).
(2) - صحيح البخاري، برقم: (2268).
(3) - ينظر: فتح الباري لابن حجر، 4/ 446.
(4) - رواه الترمذي 4/ 420،
وصححه الألباني، صحيح سنن الترمذي3/ 116 .
(5) - ينظر: عمدة القاري 5/ 54.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق