قاعدة شاملة في الرضاع
السؤال:
من جيزان بعث بهذه الرسالة (م. ن. ع) يقول: أنا إمام مسجد، ويرى
الجماعة أنني أحسن أهل البلد فقهاً في الدين، وليس ذلك من جودتي وعلمي،
ولكن هذا عائد لقلة الدارسين في بلدتنا، ويأتيني أسئلة متعددة في الرضاعة
وأفتي فيها، ولكن أحياناً أشك في هذه الفتوى، فهل هناك قاعدة مطردة في
وجوه الرضاعة من حيث الحل والتحريم والزواج؟
أرجو عرض رسالتي هذه على سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ؟
الجواب:
الواجب على طالب العلم أنه لا يفتي إلا عن بصيرة، وألا يقول على الله بغير
علم؛ لأن الله حرم القول عليه بغير علم، فلا يجوز للمسلم أن يفتي إلا بعلم،
لا في الرضاع ولا في غيره، وطالب العلم أولى الناس بأن يتحرى ويطالع
كتب أهل العلم، ويسأل أهل العلم حتى يكون على بينة فيما يريد الفتوى فيه
من رضاع أو غيره.
فالسائل يجب عليه أن يعتني بأحكام الرضاع ويراجعها في أمهات الكتب،
ويراجع كلام أهل العلم ويتبصر ويراجع الأحاديث مثل: بلوغ المرام، ومثل:
منتقى الأخبار، وهكذا الكتب المفيدة التي شرحت أحكام الرضاع حتى يكون
على بصيرة، فإذا عرف الأحكام الشرعية في الرضاع أفتى.
والخلاصة في هذا أن الرضاع المحرم الذي تحصل به الحرمة لابد فيه من
أمرين: أحدهما: أن تكون الرضعات خمس مرات فأكثر، والأمر الثاني:
أن يكون في الحولين، هذا الطفل في الحولين.
فعلى المفتي أن يلاحظ هذا، فإذا كانت الرضعات خمساً أو أكثر، وكان الطفل
في الحولين حين الرضاع تمت أحكام الرضاع وصارت المرضع أماً له،
وأولادها إخوةً له، وأبوها جده، وأمها جدته، وهكذا كالنسب
لقول النبي ﷺ:
( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب )
ولابد من مراعات أن تكون المرضعة ثقة التي أخبرت أو الذي أخبر عنها ثقة
عدل، فالمرضعة التي ليست مضبوطة أو معروفة بالكذب أو ما أشبه ذلك مما
يقدح فيها لا يعتمد على قولها أنها أرضعت فلان، وهكذا من ينقل عنها
الرضاع ويشهد عليها بالرضاع لابد يكون عدل، ويقبل في هذا واحد ثقة
من الرجال وثقة من النساء، ولا يقبل من ليس بثقة لا من الرجال ولا من
النساء، فإذا شهدت ثقة أنها أرضعت الرجل خمس رضعات أو المرأة أرضعت
خمس رضعات في الحولين؛ اعتبرت هذه الرضاعة، وصارت المرضعة أماً
للرضيع، وصارت أمها وجداتها جداتٍ له، وصار أولادها إخوةً له، وصار
زوجها أباً له وهكذا. نعم.
فيجب على المفتي أن يلاحظ هذا، ثم الرضاعة لابد أن يعرف فيها الرضاع
كونه يمسك الثدي ويمص اللبن ثم يطلقه، هذه رضعة، فإذا أمسك الطفل
الثدي وامتص اللبن وابتلع اللبن هذه واحدة، فإذا أطلقه وعاد وامتص اللبن
هذه ثانية، فإذا أطلقه وعاد هذه ثالثة وهكذا حتى يكمل خمس رضعات وإن
كان في مجلسٍ واحد، وإن كان في ساعة واحدة.
وهكذا لو كان في أيام أو في أوقات، لا بأس. نعم.
الحاصل أنه لابد أن يهتم ويعتني ولا يتساهل، لا من جهة الرضعات
ولا من جهة المرضعة، والشاهد من الرضاع، والرضاعة مثل النسب يحرم
من الرضاع ما يحرم من النسب، إذا ثبت وإذا اشتبه عليه شيء لا يعجل
في الفتوى، يؤجل ولا يعجل حتى يتضح له الأمر، أو يتصل بأهل العلم
يسألهم أو يكتب إلى البعيد عنه يسألهم حتى يكون على بينة وعلى بصيرة ،
وهذا من الاحتياط الواجب ومن الورع الواجب حتى لا يقول على الله بغير
علم. نعم.
المقدم: طيب بالنسبة للرضاع «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»
لكن هل اللبن دائماً للزوج والزوجة أو للزوج فقط؟
الشيخ: لهما جميعاً.
المقدم: لهما جميعاً؟!
الشيخ: للفحل وللزوجة، ولهذا إخوان الزوج أعمام يكونوا للرضيع، وأبوه
جداً للرضيع، وأولاده من زوجةٍ أخرى إخوة للرضيع أيضاً من أبيه، فهو
يتعلق بالفحل والأم، فأولاد المرضعة كلهم إخوة للرضيع من هذا الزوج ومن
غيره، من زوج سابق أو زوجٍ لاحق، وهكذا الزوج صاحب اللبن، أولاده من
هذه المرأة المرضعة إخوة للرضيع، وأولاده من غيرها كذلك، قبلها أو بعدها
إخوة للرضيع. نعم.
المصدر/ مجموع فتاوى ابن باز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق