النقطة التاسعة ثمرات اليقين:
والأمور التي يؤثرها في سلوك الإنسان، وفي قلبه،
وفي سائر تصرفاته وأعماله:
أقول: ما الذي يجعل الناس يتأخرون عن طاعة الله عز وجلّ، ولا يتأخرون
عن الدنيا؟ لماذا يتردد الإنسان عن الصيام تقرباً لله عز وجلّ وتطوعاً- وهو
من أَجَلّ القربات- ثم إذا كان ذلك بنصيحة من الطبيب، وأن عافيته تتوقف
على ذلك؛ فإنه يترك هذا الطعام والشراب، ويترك أنواع الطيبات، ويبقى في
حال يرثى له بها عدوه، حيث منع نفسه أشياء كثيرة جدًّا، وصار لا يأكل
إلا بعض الأمور التي يصعب تحصيلها، ما الذي يجعله يفعل ذلك؟ هو صحة
متوقعة، وعافية مرجوة ليست متيقنة، فما الذي يمنع العبد من المسارعة
في أمور أخبر الله عز وجلّ عنها، وخبره صدق وحق:
{ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا[87] }.
[سورة النساء] .
{ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا }
[122] [سورة النساء].
فلذلك يقول بلال بن سعد رحمه الله:' عباد الرحمن: أمَّا ما وكَّلَكُم الله به
فتضيعونه، وأما ما تكفل لكم به فتطلبونه، ما هكذا بعث الله عباده الموقنين،
أَذَوُواْ عقول في طلب الدنيا، وبُلْهٍ عما خُلقتُم له؟! فكما ترجون رحمة الله بما
تؤدونه من طاعة الله عز وجل، فكذلك أشفقوا من عذاب الله مما تنتهكون
من معاصى الله عز وجلّ'
[صفة الصفوة 4/219 ، الحلية5/231].
ويقول الحسن البصرى:'ما رأيت يقيناً لا شك فيه أشبه من شك لا يقين فيه
من أمرنا هذا'. يعني: أننا نوقن بالموت، وبالجزاء والحساب، ولا نعمل لذلك،
ولا نستعد له، نوقن بالنار، ولا نرى حَذِراً خائفا منها، وإنما نهجم على
معاصى الله عز وجلّ ومساخطه. ويقول سفيان الثورى رحمه الله- مبيناً هذا
المعنى: وهو أثر اليقين في قلب العبد بالتشمير في طاعة الله جلّ جلاله-:
' لو أن اليقين استقر في القلب كما ينبغي؛ لطار فرحاً، وحزناً، وشوقاً إلي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق