سلسلة أعمال القلوب (104)
أنـواع الخشــوع:
ولما ذكر شمس الدين ابن القيم رحمه الله أنواع البكاء في كتابه:'زاد المعاد'
قال:' والثامن: بكاء النفاق، وهو أن تدمع العين والقلب قاس، فيظهر صاحبه
الخشوع، وهو من أقسى الناس قلباً ، وقد رأى بعضهم رجلاً خاشع المنكبين
والبدن فقال: يا فلان الخشوع هاهنا !! وأشار إلى قلبه، لا هاهنا
وأشار إلى منكبيه'[انظر المدارج 1/521-524] .
وذكر أن عائشة رضي الله عنها رأت أناساً يمشون ويتماوتون في مشيتهم،
فسألت عن هؤلاء، فقيل لها: نُسَّاك أي:أن هؤلاء عباد. فقالت:' كان عمر
بن الخطاب رضي الله عنه إذا مشى أسرع، و إذا قال أسمع، و إذا ضرب
أوجع، و إذا أطعم أشبع، وكان هو الناسك حقاً'[السابق] .
وقد فرق ابن القيم رحمه الله بين خشوع النفاق، وخشوع الإيمان في
كتابه:[الروح ص232] فقال عن خشوع الإيمان بأنه: خشوع القلوب لله
بالتعظيم والإجلال، والوقار والمهابة والحياء، فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة
من الوجل والخجل، والحب والحياء، وشهود نعم الله، وجناياته هو، فيخشع
القلب لا محالة فيتبعه خشوع الجوارح، و أما خشوع النفاق: فيبدو على
الجوارح تصنعاً وتكلفاً، والقلب غير خاشع إلى أن قال: فالخاشع لله عبد قد
خمدت نيران شهوته، وسكن دخانها عن صدره؛ فانجلى الصدر، وأشرق فيه
نور العظمة؛ فماتت شهوات النفس للخوف و الوقار الذي خُشي به، وخمدت
الجوارح، وتوقر القلب واطمأن إلى الله وذِكْرِه بالسكينة التي نزلت عليه من
ربه، فصار مخبتاً له، والمخبت: المطمئن، فإن الخبت من الأرض ما اطمأن
فاستنقع فيه الماء ... فكذلك القلب المخبت قد خشع و اطمأن كالبقعة
المطمئنة من الأرض التي يجري إليها الماء فيستشعر فيها، وعلامته أن
يسجد بين يدي ربه إجلالاً وذلاً وانكسارًا بين يديه سجدة لا يرفع رأسه
عنها حتى يلقاه.
وأما القلب المتكبر فإنه قد أهتز بتكبره وربى، فهو كبقعة رابية من الأرض
لا يستقر عليها الماء... فهذا خشوع الإيمان، و أما التماوت وخشوع النفاق
فهو حال عند تكلف إسكان الجوارح تصنعاً ومراءاة ونفسه في الباطن شابة
طرية ذات شهوات و إيرادات, فهو يخشع في الظاهر وحية الوادي وأسد
الغابة رابض بين جنبيه ينتظر الفريسة ' أ. هـ أي أن جوارحه لم تواطيء
قلبه في هذا الخشوع ' هذا الفرق بين الخشوعين وشتان ما بينهما
أنـواع الخشــوع:
ولما ذكر شمس الدين ابن القيم رحمه الله أنواع البكاء في كتابه:'زاد المعاد'
قال:' والثامن: بكاء النفاق، وهو أن تدمع العين والقلب قاس، فيظهر صاحبه
الخشوع، وهو من أقسى الناس قلباً ، وقد رأى بعضهم رجلاً خاشع المنكبين
والبدن فقال: يا فلان الخشوع هاهنا !! وأشار إلى قلبه، لا هاهنا
وأشار إلى منكبيه'[انظر المدارج 1/521-524] .
وذكر أن عائشة رضي الله عنها رأت أناساً يمشون ويتماوتون في مشيتهم،
فسألت عن هؤلاء، فقيل لها: نُسَّاك أي:أن هؤلاء عباد. فقالت:' كان عمر
بن الخطاب رضي الله عنه إذا مشى أسرع، و إذا قال أسمع، و إذا ضرب
أوجع، و إذا أطعم أشبع، وكان هو الناسك حقاً'[السابق] .
وقد فرق ابن القيم رحمه الله بين خشوع النفاق، وخشوع الإيمان في
كتابه:[الروح ص232] فقال عن خشوع الإيمان بأنه: خشوع القلوب لله
بالتعظيم والإجلال، والوقار والمهابة والحياء، فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة
من الوجل والخجل، والحب والحياء، وشهود نعم الله، وجناياته هو، فيخشع
القلب لا محالة فيتبعه خشوع الجوارح، و أما خشوع النفاق: فيبدو على
الجوارح تصنعاً وتكلفاً، والقلب غير خاشع إلى أن قال: فالخاشع لله عبد قد
خمدت نيران شهوته، وسكن دخانها عن صدره؛ فانجلى الصدر، وأشرق فيه
نور العظمة؛ فماتت شهوات النفس للخوف و الوقار الذي خُشي به، وخمدت
الجوارح، وتوقر القلب واطمأن إلى الله وذِكْرِه بالسكينة التي نزلت عليه من
ربه، فصار مخبتاً له، والمخبت: المطمئن، فإن الخبت من الأرض ما اطمأن
فاستنقع فيه الماء ... فكذلك القلب المخبت قد خشع و اطمأن كالبقعة
المطمئنة من الأرض التي يجري إليها الماء فيستشعر فيها، وعلامته أن
يسجد بين يدي ربه إجلالاً وذلاً وانكسارًا بين يديه سجدة لا يرفع رأسه
عنها حتى يلقاه.
وأما القلب المتكبر فإنه قد أهتز بتكبره وربى، فهو كبقعة رابية من الأرض
لا يستقر عليها الماء... فهذا خشوع الإيمان، و أما التماوت وخشوع النفاق
فهو حال عند تكلف إسكان الجوارح تصنعاً ومراءاة ونفسه في الباطن شابة
طرية ذات شهوات و إيرادات, فهو يخشع في الظاهر وحية الوادي وأسد
الغابة رابض بين جنبيه ينتظر الفريسة ' أ. هـ أي أن جوارحه لم تواطيء
قلبه في هذا الخشوع ' هذا الفرق بين الخشوعين وشتان ما بينهما
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق