شرح الدعاء (114)
{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .
2- {وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} .
هذه أولى الدعوات التي ذكرها المؤلف حفظه اللَّه تعالى من دعوات
إبراهيم إمام الحنفاء، وقدوة الموحدين، وخليل الرحمن، الذي وصفه
ربنا ﻷ بأنه الجامع لخصال الخير كلّها:
{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} .
فهذه الدعوة المباركة جمعت عدة مطالب عظيمة لا غنى عنها للعبد
في أمور دينه ودنياه.
أولها: سؤال اللَّه تعالى القبول في الأعمال، والأقوال، فقال وابنه إسماعيل
عليهما السلام: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .
وقوله: ((و(يرفع): فعل مضارع، والمضارع للحاضر، أو للمستقبل،
ورفع البيت ماضٍ؛ لكنه يعبَّر بالمضارع عن الماضي على حكاية الحال،
كأن إبراهيم يرفع الآن، يعني: ذكِّرهم بهذه الحال التي كأنها الآن
مشاهدة أمامهم)) .
ففيه تنبيه للعبد أن يستحضر هذه المعاني وكأنها أمامه، من جليل الأعمال
من رفع القواعد، وكذلك دعاؤهما، حتى يتأسى العبد بهذه المقاصد
والمطالب الجليلة من إخلاص العمل للَّه تعالى، وما يحمل الدعاء في طياته
من جميل المعاني من الخوف، والرجاء، والرغبة، والرهبة.
{رَبَّنَا}: ((ربّ)) منادى حذفت منه (يا) النداء، وأصله: يا ربنا،
حذفت ((يا)) النداء للبداءة بالمدعو المنادى، وهو اللَّه جلّ شأنه،
أي كلّ واحد يقول بلسانه: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} .
فقد جاء في صحيح البخاري ((... ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لِأَهْلِهِ: إِنِّي
مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي، فَجَاءَ فَوَافَقَ إِسْمَاعِيلَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ يُصْلِحُ نَبْلًا لَهُ، فَقَالَ:
يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ رَبَّكَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا، قَالَ: أَطِعْ رَبَّكَ، قَالَ: إِنَّهُ قَدْ
أَمَرَنِي أَنْ تُعِينَنِي عَلَيْهِ، قَالَ: إِذَنْ أَفْعَلَ، أَوْ كَمَا قَالَ، قَالَ: فَقَامَا فَجَعَلَ
إِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَيَقُولَانِ:
{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .
انظر يا عبد اللَّه، وتأمّل في شأنهما: يقومان بأجلّ الأعمال وأرفعها بإذنٍ
من ربهما تعالى، وهما يسألان {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا}، فتأمّل كيف كان حالهما
من الخوف والرجاء ألاّ يتقبل عملهما، فإذا كان هذا حال إمام الحنفاء،
وقدوة الموحدين، فكيف بحالنا وتقصيرنا؟.
فعن وهيب بن الورد أنه قرأ:
{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا}،
ثم يبكي ويقول: يا خليل الرحمن، ترفع قوائم بيت الرحمن وأنت مشفق أن
لا يتقبل منك؟)) . وهذا كما حكى اللَّه تعالى عن حال المؤمنينَ الخُلَّص في
قوله تعالى: {وَالَّذينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا} ، أي يعطون ما أعطوا من الصدقات
والنفقات والقربات: {وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} ، أي: خائفة
ألاّ يتقبل منهم، كما جاء في الحديث أن عائشة رَضْيَ اللَّهُ عنْهَا سألت
رسول اللَّه r عن هذه الآية: ((أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ:
لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ، وَيُصَلُّونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ،
وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، {أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} ،
والتعرض لوصف الربوبية في دعائهم؛ لأن إجابة الدعاء من شأن
الربوبية وخصائصها لما فيها من معاني التربية والإصلاح والتدبير،
وقولهما: {تَقَبَّلْ مِنَّا}: ((القبول: أخذ الشيء والرضا به، فتقبّل اللَّه
سبحانه للعمل أن يتلقّاه بالرضى فيرضى عن فاعله، وإذا رضي اللَّه تعالى
عن فاعله، فلا بدّ أن يثيبه الثواب الذي وعده إيّاه)) : وقولهما:
{إنَّكَ أنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} تعليل لطلب القبول، ومزيد استدعاء للإجابة.
والسميع والعليم اسمان للَّه تعالى من أسمائه الحسنى يدلاّن على صفة
السمع والعلم، أي: أنت السميع لأقوالنا التي من جملتها دعاؤنا العليم بما
في ضمائر نفوسنا من الإذعان لك، والطاعة في القول والعمل،
ولا يخفى عليك شيء في قلوبنا.
((وقصر صفتي السمع والعلم عليه تعالى لإظهار اختصاص
دعائهما به تعالى، وانقطاع رجائهما عمّا سواه بالكلية)) .
((ولمّا كان العبد مهما كان، لابدّ أن يعتريه التقصير ويحتاج إلى التوبة
قالا: {وَتُبْ عَلَيْنَا}، قالاه هضماً لأنفسهما، وتعليماً للذرّية بعدهما
أن يلازموا هذا الطلب، والمقصد الجليل)) .
وقولهما: {إنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}: هذه الجملة كسابقتها
تعليل لطلب القبول، ومزيد استدعاء للإجابة.
التواب: أي أنك كثير التوبة على عبادك، فهو يقبل التوبة من عبده
كلما تكررت التوبة منه إلى ما لانهاية.
الرحيم: أي ذو الرحمة الشاملة للمؤمنين يوم القيامة، وهذا الاسم: يخصّ
به المؤمنين يوم القيامة، أما الرحمن فهي رحمته تبارك وتعالى الشاملة
لجميع الخلائق في الدنيا مؤمنهم وكافرهم، إنسهم وجنهم.
الفوائد: تضمنت هاتان الآيتان الكثير من الفوائد الجليلة منها:
1- أهمية القبول حيث إن مدار الأعمال الصالحة عليه، وذلك يقوم
على الإخلاص للَّه تعالى، والاتباع لما جاء به الشرع المطهر.
2- دلّت الآية: أنّ على العبد ملازمة سؤال اللَّه قبول أعماله بعد أدائه
لها، ومنها الدعاء، فقد كان هذا من هدي المصطفى : فإنه كان يستغفر
ثلاثاً بعد الصلاة، وكان يقول بعد صلاة الصبح: ((اللّهمَّ إنّي أسألك علماً
نافعاً، ورزقاً طيباً، وعملاً مُتقبّلاً)) ، وكان يقول : ((ربّ تقبّل توبتي،
واغسل حوبتي، وأجب دعوتي)) ، وكان يستعيذ من عمل لا يُرفع:
((اللّهمّ إنّي أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن عمل لا يُرفع)) ، وغير ذلك.
3- ينبغي للعبد أن يكون في حال عبادته لربه ودعائه، خائفاً راجياً،
كجناحي الطائر، فلا يغلّب الخوف، فيقع في القنوط، ولا يغلب الرجاء،
فيقع في الغرور، والأمن من مكر اللَّه تعالى.
4- التوسّل إلى اللَّه تعالى بأسمائه وصفاته ما يناسب المطلوب والسؤال؛
فإن (السميع) مناسب في سماع دعائهما، و(العليم) مناسب للعلم بنياتهما،
وصدق تضرعهما، وكذلك (التواب الرحيم)..
5- ملازمة التواضع والإخبات للَّه تعالى في حال القيام
بطاعته ولو بأجلّ العبادات والمقامات.
6- أن الدعاء ملجأ ومقصد كل الأنبياء والمرسلين، وأن العبد لا غنى له
عنه في كل أحواله الشرعية والدنيوية.
7- طرد الإعجاب بالنفس، وعدم الإدلال على اللَّه تعالى
بما قام من العمل، فإنّ ذلك مفسد للعمل.
8- أهمية سؤال اللَّه تبارك وتعالى الثبات على الإسلام،
((وهو يشمل على الاستسلام للَّه تعالى ظاهراً أو باطناً .
9- ((أنه ينبغي للإنسان أن يشمل ذريته في الدعاء، لأنّ الذرية الصالحة
من آثار الإنسان الصالحة؛ لقوله تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ}.
10- ((شدة افتقار الإنسان إلى ربه تعالى؛ حيث كرر كلمة ((ربنا))،
وأنه بحاجة إلى ربوبيته اللَّه تعالى الخاصة التي تقتضي عناية خاصة)) .
{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .
2- {وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} .
هذه أولى الدعوات التي ذكرها المؤلف حفظه اللَّه تعالى من دعوات
إبراهيم إمام الحنفاء، وقدوة الموحدين، وخليل الرحمن، الذي وصفه
ربنا ﻷ بأنه الجامع لخصال الخير كلّها:
{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} .
فهذه الدعوة المباركة جمعت عدة مطالب عظيمة لا غنى عنها للعبد
في أمور دينه ودنياه.
أولها: سؤال اللَّه تعالى القبول في الأعمال، والأقوال، فقال وابنه إسماعيل
عليهما السلام: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .
وقوله: ((و(يرفع): فعل مضارع، والمضارع للحاضر، أو للمستقبل،
ورفع البيت ماضٍ؛ لكنه يعبَّر بالمضارع عن الماضي على حكاية الحال،
كأن إبراهيم يرفع الآن، يعني: ذكِّرهم بهذه الحال التي كأنها الآن
مشاهدة أمامهم)) .
ففيه تنبيه للعبد أن يستحضر هذه المعاني وكأنها أمامه، من جليل الأعمال
من رفع القواعد، وكذلك دعاؤهما، حتى يتأسى العبد بهذه المقاصد
والمطالب الجليلة من إخلاص العمل للَّه تعالى، وما يحمل الدعاء في طياته
من جميل المعاني من الخوف، والرجاء، والرغبة، والرهبة.
{رَبَّنَا}: ((ربّ)) منادى حذفت منه (يا) النداء، وأصله: يا ربنا،
حذفت ((يا)) النداء للبداءة بالمدعو المنادى، وهو اللَّه جلّ شأنه،
أي كلّ واحد يقول بلسانه: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} .
فقد جاء في صحيح البخاري ((... ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لِأَهْلِهِ: إِنِّي
مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي، فَجَاءَ فَوَافَقَ إِسْمَاعِيلَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ يُصْلِحُ نَبْلًا لَهُ، فَقَالَ:
يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ رَبَّكَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا، قَالَ: أَطِعْ رَبَّكَ، قَالَ: إِنَّهُ قَدْ
أَمَرَنِي أَنْ تُعِينَنِي عَلَيْهِ، قَالَ: إِذَنْ أَفْعَلَ، أَوْ كَمَا قَالَ، قَالَ: فَقَامَا فَجَعَلَ
إِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَيَقُولَانِ:
{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .
انظر يا عبد اللَّه، وتأمّل في شأنهما: يقومان بأجلّ الأعمال وأرفعها بإذنٍ
من ربهما تعالى، وهما يسألان {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا}، فتأمّل كيف كان حالهما
من الخوف والرجاء ألاّ يتقبل عملهما، فإذا كان هذا حال إمام الحنفاء،
وقدوة الموحدين، فكيف بحالنا وتقصيرنا؟.
فعن وهيب بن الورد أنه قرأ:
{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا}،
ثم يبكي ويقول: يا خليل الرحمن، ترفع قوائم بيت الرحمن وأنت مشفق أن
لا يتقبل منك؟)) . وهذا كما حكى اللَّه تعالى عن حال المؤمنينَ الخُلَّص في
قوله تعالى: {وَالَّذينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا} ، أي يعطون ما أعطوا من الصدقات
والنفقات والقربات: {وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} ، أي: خائفة
ألاّ يتقبل منهم، كما جاء في الحديث أن عائشة رَضْيَ اللَّهُ عنْهَا سألت
رسول اللَّه r عن هذه الآية: ((أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ:
لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ، وَيُصَلُّونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ،
وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، {أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} ،
والتعرض لوصف الربوبية في دعائهم؛ لأن إجابة الدعاء من شأن
الربوبية وخصائصها لما فيها من معاني التربية والإصلاح والتدبير،
وقولهما: {تَقَبَّلْ مِنَّا}: ((القبول: أخذ الشيء والرضا به، فتقبّل اللَّه
سبحانه للعمل أن يتلقّاه بالرضى فيرضى عن فاعله، وإذا رضي اللَّه تعالى
عن فاعله، فلا بدّ أن يثيبه الثواب الذي وعده إيّاه)) : وقولهما:
{إنَّكَ أنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} تعليل لطلب القبول، ومزيد استدعاء للإجابة.
والسميع والعليم اسمان للَّه تعالى من أسمائه الحسنى يدلاّن على صفة
السمع والعلم، أي: أنت السميع لأقوالنا التي من جملتها دعاؤنا العليم بما
في ضمائر نفوسنا من الإذعان لك، والطاعة في القول والعمل،
ولا يخفى عليك شيء في قلوبنا.
((وقصر صفتي السمع والعلم عليه تعالى لإظهار اختصاص
دعائهما به تعالى، وانقطاع رجائهما عمّا سواه بالكلية)) .
((ولمّا كان العبد مهما كان، لابدّ أن يعتريه التقصير ويحتاج إلى التوبة
قالا: {وَتُبْ عَلَيْنَا}، قالاه هضماً لأنفسهما، وتعليماً للذرّية بعدهما
أن يلازموا هذا الطلب، والمقصد الجليل)) .
وقولهما: {إنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}: هذه الجملة كسابقتها
تعليل لطلب القبول، ومزيد استدعاء للإجابة.
التواب: أي أنك كثير التوبة على عبادك، فهو يقبل التوبة من عبده
كلما تكررت التوبة منه إلى ما لانهاية.
الرحيم: أي ذو الرحمة الشاملة للمؤمنين يوم القيامة، وهذا الاسم: يخصّ
به المؤمنين يوم القيامة، أما الرحمن فهي رحمته تبارك وتعالى الشاملة
لجميع الخلائق في الدنيا مؤمنهم وكافرهم، إنسهم وجنهم.
الفوائد: تضمنت هاتان الآيتان الكثير من الفوائد الجليلة منها:
1- أهمية القبول حيث إن مدار الأعمال الصالحة عليه، وذلك يقوم
على الإخلاص للَّه تعالى، والاتباع لما جاء به الشرع المطهر.
2- دلّت الآية: أنّ على العبد ملازمة سؤال اللَّه قبول أعماله بعد أدائه
لها، ومنها الدعاء، فقد كان هذا من هدي المصطفى : فإنه كان يستغفر
ثلاثاً بعد الصلاة، وكان يقول بعد صلاة الصبح: ((اللّهمَّ إنّي أسألك علماً
نافعاً، ورزقاً طيباً، وعملاً مُتقبّلاً)) ، وكان يقول : ((ربّ تقبّل توبتي،
واغسل حوبتي، وأجب دعوتي)) ، وكان يستعيذ من عمل لا يُرفع:
((اللّهمّ إنّي أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن عمل لا يُرفع)) ، وغير ذلك.
3- ينبغي للعبد أن يكون في حال عبادته لربه ودعائه، خائفاً راجياً،
كجناحي الطائر، فلا يغلّب الخوف، فيقع في القنوط، ولا يغلب الرجاء،
فيقع في الغرور، والأمن من مكر اللَّه تعالى.
4- التوسّل إلى اللَّه تعالى بأسمائه وصفاته ما يناسب المطلوب والسؤال؛
فإن (السميع) مناسب في سماع دعائهما، و(العليم) مناسب للعلم بنياتهما،
وصدق تضرعهما، وكذلك (التواب الرحيم)..
5- ملازمة التواضع والإخبات للَّه تعالى في حال القيام
بطاعته ولو بأجلّ العبادات والمقامات.
6- أن الدعاء ملجأ ومقصد كل الأنبياء والمرسلين، وأن العبد لا غنى له
عنه في كل أحواله الشرعية والدنيوية.
7- طرد الإعجاب بالنفس، وعدم الإدلال على اللَّه تعالى
بما قام من العمل، فإنّ ذلك مفسد للعمل.
8- أهمية سؤال اللَّه تبارك وتعالى الثبات على الإسلام،
((وهو يشمل على الاستسلام للَّه تعالى ظاهراً أو باطناً .
9- ((أنه ينبغي للإنسان أن يشمل ذريته في الدعاء، لأنّ الذرية الصالحة
من آثار الإنسان الصالحة؛ لقوله تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ}.
10- ((شدة افتقار الإنسان إلى ربه تعالى؛ حيث كرر كلمة ((ربنا))،
وأنه بحاجة إلى ربوبيته اللَّه تعالى الخاصة التي تقتضي عناية خاصة)) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق