الحياة في ظل زوج ديكتاتوري
بين ديكتاتورية الزوج في معاملته وديكتاتورية حكم الوالي، سياسة فيها من
البواعث النفسية ما يودي بالروح إلى الهلاك. عن ذاك الزوج الذي يمارس
في حق زوجته ما يفعله حكام العرب في حق شعوبهم، وما يفتعلونه
ويفترون به للجمهرة بسلطانهم، باسم الدين والشرع. وإنه لمن السهل جداً
أن تبحث عن الشبه بينهما، ولا فروق أبداً، فكلاهما له أساليبه في جوره،
متملقين وشرذمة بالنفاق.
كثيرون يَرونَ أن الحياة ميدان تجارب ويتعايشون على هذا الأساس،
إلّا الزواج فلا يجوز أن نقبِل عليه إنّه تجرُبة، كأن يتسلق طرف على حساب
الشريك الآخر ويستثقل مسؤولياته فيلوذ بالفرار، ويقرر بعد ذلك أن يخوض
الزواج بجديّة على حساب تجربته الأولى، التي أحرق فيها نفساً بأنانيته،
ليرمي بنصفه التي خُلقت من ضُلعه في غياهب الحياة، بعد أن استنفد
كل ما فيها من إشراقٍ وحياة.
عن رجلٌ ذهب ليخطُب فتاة، كان في ظاهره واثقَ الخُطى، مُدركاً تماماً أعباء
الحياة الزوجية وفضائلها. دخل بيت الفتاة وكأنه ليس مثلَه أحد، جُلّ همه أن
يبني عُشاً متفردّاً به وزوجته وأطفاله في المستقبل، أن يجعل زوجته تعيش
حياة كريمة، ويكون لها رحمة أبيها وقلب أُمّها، وغيرة وحُبّ أخيها. عن ذاك
الرجل الذي أؤتمن على ابنتهم قرّة أعينهم، وسلّمت له نفسها وبدنها
وجوارحها، فما كان منه إلّا أن خان الأمانة حينما ذهب يتودد إليها على سنة
الله ورسوله، ليتلقاها في بيته بتزمته وجُوره، وفقر أخلاقي وديني، ويكون
بئس الزوج والعشير. تماماً كمن أقدم على قسم الحُكم وتبعه شعبٌ بأكمله،
فخان القسم والآمال التي بُنيت على ولاته لحكم الله في الأرض.
كثيراً ما يتداول الناس، خصوصا منهم المقبلون على الزواج، مقالات تتضمن
إما نصائح لحياة زوجية سعيدة، أو أسرار هذه السعادة، كيف تحققين
السعادة، وكيف تُرضين زوجك وتسعدينه... وغيرها الكثير. ويتهافت
اصحابك وإخوانك ليخبروك بتجاربهم المريرة وكم ذاقوا ويلات من أزواجهم.
لكن أبداً ما حدثتها إحداهن إلّا من رزقت بحب رجل يخاف الله عن رحمة
الزوج. ومن بينها جميعا ما سمعت قط عن أحد أوصى الرجل بامرأته، فقط
على المرأة احتواء الرجل، أمّا هو فما عليه سوى أن يؤذيها حسب ما أوتي
من فظاظة لسان أو سوء معاملة، أو غيرها، تحت ذريعة أن الرجولة نشأ
هكذا، فكيف لم أدر بعد؟ عن أي حياة وسعادة تحدثوا في زمننا هذا مع رجال
ما عرفوا حق الله وما حفظوه حتى يراعوا حقوق زوجاتهم؟ فهل فكرت ولو
لمرة واحدة في أولئك الذين لا زالوا يعيشون معاً وشبّ ابناؤهم؟ كيف هي
حياتهم؟ هل اتبعوا الإرشادات التوعوية أم هل اتفقوا على أمرٍ؟
الحياة في ظل زوج ديكتاتوري هي بالكاد موت من نوع آخر، موت النفس
وموت القلب، حينما يبدي نفسه في كل أمر وينال منها كل جميل،
ويستنزف جُلّ طاقتها
الإجابة قطعاً لا، ففي بيوت أكثر من نصف هذا المجتمع أو يزيد لا سعادة ولا
حياة.. ارتكزت نساء هذه البيوت على سلك أنّ عليها أن تعيش، فمجتمعها لن
يقف بجانبها إن انسحبت، وسيظل يلومها حتى تجد سبيلاً آخر تقي به نفسها
من شرورهم، واتهاماتهم وألسنتهم الحادة. فدائماً ما يرى الزوج نفسه أنه
مهما فعل فهو لا يرتكب جُرماً ولا يُخطئ، هو يفعل ما تمليه عليه الرجولة
التي شرّعها له أبناء جُلدته، أمّا النصح والتريبة فيجب أن يوجها للمرأة،
التي عليها مهما عانت وتألمت ولاقت الأذى من شريكها، أن تصطبر؛ فالرجل
لا يخطئ ولا يعيبه أمرٌ، هو الستر والسند. رغم تَعرّيه من صفات
الخُلق الحسن لكنه يبقى زوجا.
عن ذاك الرجل الذي رأى في الإساءة إلى زوجته أمام أهله وصحبه رجولة
أن يستنقص من قيمة ما تقدمه وتسعى بشغف إليه من قيمة ما تحب
وترضى، ليتبجح عليها بنظريات وتعليمات تُرضي إن فعلت من حوله،
أن يكون عاجزاً حتى عن حمل أخطائه والاعتراف بها، فدائماً ما يرمي بها
زوجته. وإن حاولت أن تُدافع فهي في نظره ساخطة عنه، حينما أخْبَركِ لأول
مرة رآكِ فيها أنّه يرغب في امرأة تقيّة مُتدينة، ليصدمك بعد العشرة بأنّه
لا يخاف الله في كلامه وأفعاله معك، وأنّه حقيقة ما تزوجكِ لأنّه يريد أن
تُعينه على أمر دينه، بل أراد أن يكتسب تجربةً بك، وجاءك من باب ترضين
به، ويُظهر نفسه أمام الناس على أنّه يكره الظلم والطغيان ولا يعلم أحد
ممن خُدع فيه أنّه فظٌ لا يعرف رحمة ولا أُلفة.
حينما تعرف أن ذلك الزوج المدعي للثقافة والذي ينادي بالحريات
والديمقراطية والشورى في الأمر، كان حينما يختلف وامرأته في أمر
يصرخ في وجهها ويقاطعها وإن كان المخطئ والصواب عند امراته، لكنّها
لا تصلح للتحاور إن خالفته الرأي.. أمّا من يحرم زوجته من حقوقها عليه
ولا يؤدي واجباته أبداً، فهو حُر، كما يشاء ويقاضيها على أبسط الأمور وإن
لم تكن ضمن حقوقه وواجباته. ولطالما يطالبها بأكثر مما هي مكلّفة به،
تحت رسم التجربة ليرى إلى أي مدى يستطيع أن يستفيد منها. تللك الحياة
في ظل زوج ديكتاتوري هي بالكاد موت من نوع آخر، موت النفس وموت
القلب، حينما يبدي نفسه في كل أمر وينال منها كل جميل، ويستنزف جُلّ
طاقتها ليدعها تنهار وتنام عيناه باكية في كل ليلة، فيخبرها بأنّ لا علاقة له
بحزنها، وإن كان هو السبب، وليس مجبراً على أن يطبطب حزنها أو يقف
بجانبها، كلّ ما عليها هو أن تبتسم، وإن كان يذبح ما بقي حيّا فيها.
هكذا تكون الحياة في ظل الديكتاتورية، في ظل الحروب والثورات. قبل أن
تثور على حكم وطغيان الولاة، انظر إلى نفسك، كيف تحكم في أهل بيتك؟
كيف تعامل زوجتك التي أوصاك بها نبيك وجعلها الله سكنا؟ أن تتذكر
ولا تغفل عن أمر أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، أنّ
نستطيع تحرير أنفسنا عندما نعطي ما فقدناه لمستحقيه وأهله.
بين ديكتاتورية الزوج في معاملته وديكتاتورية حكم الوالي، سياسة فيها من
البواعث النفسية ما يودي بالروح إلى الهلاك. عن ذاك الزوج الذي يمارس
في حق زوجته ما يفعله حكام العرب في حق شعوبهم، وما يفتعلونه
ويفترون به للجمهرة بسلطانهم، باسم الدين والشرع. وإنه لمن السهل جداً
أن تبحث عن الشبه بينهما، ولا فروق أبداً، فكلاهما له أساليبه في جوره،
متملقين وشرذمة بالنفاق.
كثيرون يَرونَ أن الحياة ميدان تجارب ويتعايشون على هذا الأساس،
إلّا الزواج فلا يجوز أن نقبِل عليه إنّه تجرُبة، كأن يتسلق طرف على حساب
الشريك الآخر ويستثقل مسؤولياته فيلوذ بالفرار، ويقرر بعد ذلك أن يخوض
الزواج بجديّة على حساب تجربته الأولى، التي أحرق فيها نفساً بأنانيته،
ليرمي بنصفه التي خُلقت من ضُلعه في غياهب الحياة، بعد أن استنفد
كل ما فيها من إشراقٍ وحياة.
عن رجلٌ ذهب ليخطُب فتاة، كان في ظاهره واثقَ الخُطى، مُدركاً تماماً أعباء
الحياة الزوجية وفضائلها. دخل بيت الفتاة وكأنه ليس مثلَه أحد، جُلّ همه أن
يبني عُشاً متفردّاً به وزوجته وأطفاله في المستقبل، أن يجعل زوجته تعيش
حياة كريمة، ويكون لها رحمة أبيها وقلب أُمّها، وغيرة وحُبّ أخيها. عن ذاك
الرجل الذي أؤتمن على ابنتهم قرّة أعينهم، وسلّمت له نفسها وبدنها
وجوارحها، فما كان منه إلّا أن خان الأمانة حينما ذهب يتودد إليها على سنة
الله ورسوله، ليتلقاها في بيته بتزمته وجُوره، وفقر أخلاقي وديني، ويكون
بئس الزوج والعشير. تماماً كمن أقدم على قسم الحُكم وتبعه شعبٌ بأكمله،
فخان القسم والآمال التي بُنيت على ولاته لحكم الله في الأرض.
كثيراً ما يتداول الناس، خصوصا منهم المقبلون على الزواج، مقالات تتضمن
إما نصائح لحياة زوجية سعيدة، أو أسرار هذه السعادة، كيف تحققين
السعادة، وكيف تُرضين زوجك وتسعدينه... وغيرها الكثير. ويتهافت
اصحابك وإخوانك ليخبروك بتجاربهم المريرة وكم ذاقوا ويلات من أزواجهم.
لكن أبداً ما حدثتها إحداهن إلّا من رزقت بحب رجل يخاف الله عن رحمة
الزوج. ومن بينها جميعا ما سمعت قط عن أحد أوصى الرجل بامرأته، فقط
على المرأة احتواء الرجل، أمّا هو فما عليه سوى أن يؤذيها حسب ما أوتي
من فظاظة لسان أو سوء معاملة، أو غيرها، تحت ذريعة أن الرجولة نشأ
هكذا، فكيف لم أدر بعد؟ عن أي حياة وسعادة تحدثوا في زمننا هذا مع رجال
ما عرفوا حق الله وما حفظوه حتى يراعوا حقوق زوجاتهم؟ فهل فكرت ولو
لمرة واحدة في أولئك الذين لا زالوا يعيشون معاً وشبّ ابناؤهم؟ كيف هي
حياتهم؟ هل اتبعوا الإرشادات التوعوية أم هل اتفقوا على أمرٍ؟
الحياة في ظل زوج ديكتاتوري هي بالكاد موت من نوع آخر، موت النفس
وموت القلب، حينما يبدي نفسه في كل أمر وينال منها كل جميل،
ويستنزف جُلّ طاقتها
الإجابة قطعاً لا، ففي بيوت أكثر من نصف هذا المجتمع أو يزيد لا سعادة ولا
حياة.. ارتكزت نساء هذه البيوت على سلك أنّ عليها أن تعيش، فمجتمعها لن
يقف بجانبها إن انسحبت، وسيظل يلومها حتى تجد سبيلاً آخر تقي به نفسها
من شرورهم، واتهاماتهم وألسنتهم الحادة. فدائماً ما يرى الزوج نفسه أنه
مهما فعل فهو لا يرتكب جُرماً ولا يُخطئ، هو يفعل ما تمليه عليه الرجولة
التي شرّعها له أبناء جُلدته، أمّا النصح والتريبة فيجب أن يوجها للمرأة،
التي عليها مهما عانت وتألمت ولاقت الأذى من شريكها، أن تصطبر؛ فالرجل
لا يخطئ ولا يعيبه أمرٌ، هو الستر والسند. رغم تَعرّيه من صفات
الخُلق الحسن لكنه يبقى زوجا.
عن ذاك الرجل الذي رأى في الإساءة إلى زوجته أمام أهله وصحبه رجولة
أن يستنقص من قيمة ما تقدمه وتسعى بشغف إليه من قيمة ما تحب
وترضى، ليتبجح عليها بنظريات وتعليمات تُرضي إن فعلت من حوله،
أن يكون عاجزاً حتى عن حمل أخطائه والاعتراف بها، فدائماً ما يرمي بها
زوجته. وإن حاولت أن تُدافع فهي في نظره ساخطة عنه، حينما أخْبَركِ لأول
مرة رآكِ فيها أنّه يرغب في امرأة تقيّة مُتدينة، ليصدمك بعد العشرة بأنّه
لا يخاف الله في كلامه وأفعاله معك، وأنّه حقيقة ما تزوجكِ لأنّه يريد أن
تُعينه على أمر دينه، بل أراد أن يكتسب تجربةً بك، وجاءك من باب ترضين
به، ويُظهر نفسه أمام الناس على أنّه يكره الظلم والطغيان ولا يعلم أحد
ممن خُدع فيه أنّه فظٌ لا يعرف رحمة ولا أُلفة.
حينما تعرف أن ذلك الزوج المدعي للثقافة والذي ينادي بالحريات
والديمقراطية والشورى في الأمر، كان حينما يختلف وامرأته في أمر
يصرخ في وجهها ويقاطعها وإن كان المخطئ والصواب عند امراته، لكنّها
لا تصلح للتحاور إن خالفته الرأي.. أمّا من يحرم زوجته من حقوقها عليه
ولا يؤدي واجباته أبداً، فهو حُر، كما يشاء ويقاضيها على أبسط الأمور وإن
لم تكن ضمن حقوقه وواجباته. ولطالما يطالبها بأكثر مما هي مكلّفة به،
تحت رسم التجربة ليرى إلى أي مدى يستطيع أن يستفيد منها. تللك الحياة
في ظل زوج ديكتاتوري هي بالكاد موت من نوع آخر، موت النفس وموت
القلب، حينما يبدي نفسه في كل أمر وينال منها كل جميل، ويستنزف جُلّ
طاقتها ليدعها تنهار وتنام عيناه باكية في كل ليلة، فيخبرها بأنّ لا علاقة له
بحزنها، وإن كان هو السبب، وليس مجبراً على أن يطبطب حزنها أو يقف
بجانبها، كلّ ما عليها هو أن تبتسم، وإن كان يذبح ما بقي حيّا فيها.
هكذا تكون الحياة في ظل الديكتاتورية، في ظل الحروب والثورات. قبل أن
تثور على حكم وطغيان الولاة، انظر إلى نفسك، كيف تحكم في أهل بيتك؟
كيف تعامل زوجتك التي أوصاك بها نبيك وجعلها الله سكنا؟ أن تتذكر
ولا تغفل عن أمر أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، أنّ
نستطيع تحرير أنفسنا عندما نعطي ما فقدناه لمستحقيه وأهله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق