موسوعة المؤرخين (22)
الزبير بن بكار
اسم الزبير بن بكار ونسبه
هو أبو عبد الله، الزبير بن بكَّار بن عبد الله القرشي الأسدي المكِّي، يتَّصل
نسبه بالصحابي الجليل الزبير بن العوَّام رضي الله عنه.
فضل الزبير بن بكار
كان علَّامة نسَّابة أخباريًّا، ثقةً جليل القدر، وُلِدَ في المدينة المنورة
(172هـ=788م)، وسكنها مع أهله بني الزبير، وعُرف بالفضل منذ نعومة
أظفاره، قال فيه عمُّه مصعب الزبيري: "إنْ بلغ أحدٌ مِنَّا فسيبلغ".
يعني الزبير بن بكار.
وقد بلغ مبلغًا عظيمًا فيما بعد، حتى أصبح أحد أساطين الرواية في القرن
الثالث للهجرة، وأحد الحفَّاظ المتفنِّنين للأخبار عامَّةً، وكانت رواياته عمدةً
للناس في زمانه وبعد زمانه؛ لِمَا امتاز به من التقصِّي والجمع والإحاطة،
وقلَّ أن يخلو كتابٌ قديمٌ في التاريخ والأدب من روايةٍ مستفيضةٍ
عن الزبير بن بكَّار.
شيوخ الزبير بن بكار
أخذ الزبير علمه وأخباره عن أكابر شيوخ عصره علمًا وفضلًا، وقد قارب
عددهم الأربعين شيخًا، منهم عمُّه المصعب، وسفيان بن عُيينة، والنضر
بن شُميل، وأبو الحسن المدائني، وإبراهيم ابن المنذر، وإسماعيل
بن أبي أُويس.
تلاميذ الزبير بن بكار
وكما أفاد من شيوخ عصره فقد أفاض على طلاب العلم في زمانه علمًا وأدبًا
وأخبارًا، فرووا عنه وحملوا إلى الناس علمه وأخباره ومصنَّفاته، وممَّن
تتلمذ له: عبد الله بن شبيب الرَّبَعي، وثعلب، ويحيى بن صاعد، وابن ماجه
القزويني وابن أبي الدنيا، وأبو حاتم الرازي، والقاضي وكيع.
الزبير بن بكار قاضي مكة
وقد أولاه الخليفة المتوكِّل رعايةً خاصَّة، فعيَّنه قاضيًا على مكَّة سنة
242هـ، ولكن يبدو أنَّ نشاط الحياة العقلية في دار الخلافة كان أكثر اجتذابًا
له، فكان يرجع مرارًا إلى حاضرة الإسلام "بغداد" بين سنتي (242-
253هـ)، ويتنقَّل بينها وبين مكَّة والمدينة؛ لملاقاة العلماء، ولتدريس
مصنَّفاته في حلقات بغداد، وقد طلبه الخليفة المتوكِّل لتأديب ولده طلحة
الملقَّب بالموفَّق، وأمر له من أجل ذلك بعشرة آلاف درهم، وعشرة
صناديق ثياب، وعشرة بغال يُحمل عليها رحْـلُه إلى "سُرَّ من رأى".
صدق الزبير بن بكار في الرواية
وقد أجمع مترجموه على أنَّه كان راويةً صادق الرواية، وأنَّه كان ثبْـتًا،
وعلى الإشادة بعـلمه ونبالة قدره، حتى قال فيه ابن أبي طاهر:
ما قال "لا" قطٌّ إلَّا في تشهُّده *** ولا جرى لفظه إلـَّا علـى "نَعَمِ"
بين الحواريِّ والصدِّيق نِسبتُـه *** وقد جرى ورسول الله في رَحِمِ
من شعر الزبير بن بكار
وكان الزبير إلى جانب ذلك شاعرًا وفتًى في شعره ومروءته،
مع سنِّه وعفافه، ومن شعره:
عَفُّ الصِّبَى، مُتَجَمِّـلُ الصَّبْر *** يَرْجُو عَوَاقِـَب دولَـةِ الدَّهْرِ
جعـل المنى سـببًا لراحتـه *** فـيما يسكِّن لوعـةَ الصـدر
حتى إذا مـا الفكـرُ راجعـه *** قطـع المنى متبيِّـنُ الهجـر
يشكو الضميرُ إلى جوانحـه *** بعض الذي يلـقى من الفكـر
شهرة أسرة الزبير بن بكار
عُرِف من أفراد أسرة الزبير بن بكار الأدنَيْن: ابنه مصعب الذي تتلمذ لأبيه
الزبير، وكان عالمـًا ثقة، كما عُرف أبوه بكار الذي تُوفِّي سنة 195هـ
وعُمْرُ ابنه الزبير يومئذٍ 23 سنة.
وفاة الزبير بن بكار
تُوفِّي الزبير في مكة (256هـ=869م) وهو قاضٍ عليها ودُفِن فيها، وكان
سبب موته أنَّه سقط من فوق سطح بيته، فانكسرت ترقوته ووركه، فمكث
يومين لا يتكلَّم ثُمَّ مات، وصلَّى عليه ابنه مصعب، ودُفِنَ إلى جانب قبر علي
بن عيسى الهاشمي في مقبرة "الحَجُون".
مؤلَّفات الزبير بن بكار
ترك الزبير بن بكار تصانيف كثيرة نافعة ومتنوِّعة في النسب، وأخبار
العرب، والوفود، والنوادر، وأخبار عدد من الشعراء، ونحو ذلك، وقد بلغ
عددها نحو خمسة وثلاثين كتابًا، وهي جميعها تشهد بسعة علمه ودقَّة
ملاحظاته وعِظَم ثقافته الأدبيَّة والإخباريَّة، ولكن لم يصل منها سوى ثلاثة
كتب مطبوعة، أحدها بعنوان "أخبار أبي دَهْبل الجُمَحي"، والآخران من
أهم كتبه لكثرة تداولهما بين أيدي الناس دون غيرهما من مؤلَّفاته وهما:
جمهرة نسب قريش وأخبارها
1- جمهرة نسب قريش وأخبارها: كبير الحجم، لم يصل كاملًا، نُشِر الجزء
الأوَّل منـه بمصر العلَّامة محمود محمد شاكر سنة (1381هـ=1961م)،
ويرد عنوانه في المصادر بصيغٍ أخرى، وعلى هذا الكتاب اعتمادُ الناس
في معرفة أنساب القرشيِّين.
الأخبار الموفَّقيَّات
2- الأخبار الموفَّقيَّات: هو مجموعٌ ضخمٌ يتضمَّن أخبارًا ونوادر وقصصًا
تاريخيَّة تدور حول الخلفاء ورجال البلاط وتشمل أقطارًا عدَّة، وقد ألَّفه
الزبير لتلميذه الموفَّق بن المتوكِّل العبَّاسي، ويقع في 19 جزءًا، ولكن لم
يصل كاملًا، وما بقي منه سالمـًا طَبَع بعضه أوَّل مرَّة المستشرق (وستنفلد)
سنة 1878م، ثم أعاد تحقيقه سامي مكي العاني وضمَّ إليه أجزاءً أخـرى
مخطوطـة عثـر عليهـا، ومقتطفات كثيرة منثورة في بطون الكتب، وطبعها
جميعًا في مجلَّدٍ واحدٍ نشـر في بغـداد سـنة 1972م.
كتبه المفقودة
أمَّا باقي كتب الزبير بن بكار فإنَّها فُقِدت جميعًا وبقيت أسماؤها في بطون
المصادر والمراجع، منها ما جمع فيه أخبار كل شاعر على حِدَة، مثل "أخبار
حاتم الطائي"، و"أخبار أميَّة بن أبي الصَّلْت"، و"أخبار حسَّان بن ثابت"،
و"أخبار عمر بن أبي ربيعة"، و"أخبار ابن هَرْمة"، ومنها في موضوعات
أخرى مثل: "نوادر أخبار النساء"، و"مزاح النبي صلى الله عليه وسلم"،
وكتاب "النخل"، و"أخبار المدينة" وغيرها.
وهذه الكتب كانت مادَّةً لكثيرٍ من المصنَّفات التي أُلِّفت بعده مثل "مروج
الذهب"، و"الاستيعاب"، و"الروض الأُنُف"، و"شرح نهج البلاغة"،
و"الإصابة"، و"خزانة الأدب" للبغدادي وغيرها.
الزبير بن بكار
اسم الزبير بن بكار ونسبه
هو أبو عبد الله، الزبير بن بكَّار بن عبد الله القرشي الأسدي المكِّي، يتَّصل
نسبه بالصحابي الجليل الزبير بن العوَّام رضي الله عنه.
فضل الزبير بن بكار
كان علَّامة نسَّابة أخباريًّا، ثقةً جليل القدر، وُلِدَ في المدينة المنورة
(172هـ=788م)، وسكنها مع أهله بني الزبير، وعُرف بالفضل منذ نعومة
أظفاره، قال فيه عمُّه مصعب الزبيري: "إنْ بلغ أحدٌ مِنَّا فسيبلغ".
يعني الزبير بن بكار.
وقد بلغ مبلغًا عظيمًا فيما بعد، حتى أصبح أحد أساطين الرواية في القرن
الثالث للهجرة، وأحد الحفَّاظ المتفنِّنين للأخبار عامَّةً، وكانت رواياته عمدةً
للناس في زمانه وبعد زمانه؛ لِمَا امتاز به من التقصِّي والجمع والإحاطة،
وقلَّ أن يخلو كتابٌ قديمٌ في التاريخ والأدب من روايةٍ مستفيضةٍ
عن الزبير بن بكَّار.
شيوخ الزبير بن بكار
أخذ الزبير علمه وأخباره عن أكابر شيوخ عصره علمًا وفضلًا، وقد قارب
عددهم الأربعين شيخًا، منهم عمُّه المصعب، وسفيان بن عُيينة، والنضر
بن شُميل، وأبو الحسن المدائني، وإبراهيم ابن المنذر، وإسماعيل
بن أبي أُويس.
تلاميذ الزبير بن بكار
وكما أفاد من شيوخ عصره فقد أفاض على طلاب العلم في زمانه علمًا وأدبًا
وأخبارًا، فرووا عنه وحملوا إلى الناس علمه وأخباره ومصنَّفاته، وممَّن
تتلمذ له: عبد الله بن شبيب الرَّبَعي، وثعلب، ويحيى بن صاعد، وابن ماجه
القزويني وابن أبي الدنيا، وأبو حاتم الرازي، والقاضي وكيع.
الزبير بن بكار قاضي مكة
وقد أولاه الخليفة المتوكِّل رعايةً خاصَّة، فعيَّنه قاضيًا على مكَّة سنة
242هـ، ولكن يبدو أنَّ نشاط الحياة العقلية في دار الخلافة كان أكثر اجتذابًا
له، فكان يرجع مرارًا إلى حاضرة الإسلام "بغداد" بين سنتي (242-
253هـ)، ويتنقَّل بينها وبين مكَّة والمدينة؛ لملاقاة العلماء، ولتدريس
مصنَّفاته في حلقات بغداد، وقد طلبه الخليفة المتوكِّل لتأديب ولده طلحة
الملقَّب بالموفَّق، وأمر له من أجل ذلك بعشرة آلاف درهم، وعشرة
صناديق ثياب، وعشرة بغال يُحمل عليها رحْـلُه إلى "سُرَّ من رأى".
صدق الزبير بن بكار في الرواية
وقد أجمع مترجموه على أنَّه كان راويةً صادق الرواية، وأنَّه كان ثبْـتًا،
وعلى الإشادة بعـلمه ونبالة قدره، حتى قال فيه ابن أبي طاهر:
ما قال "لا" قطٌّ إلَّا في تشهُّده *** ولا جرى لفظه إلـَّا علـى "نَعَمِ"
بين الحواريِّ والصدِّيق نِسبتُـه *** وقد جرى ورسول الله في رَحِمِ
من شعر الزبير بن بكار
وكان الزبير إلى جانب ذلك شاعرًا وفتًى في شعره ومروءته،
مع سنِّه وعفافه، ومن شعره:
عَفُّ الصِّبَى، مُتَجَمِّـلُ الصَّبْر *** يَرْجُو عَوَاقِـَب دولَـةِ الدَّهْرِ
جعـل المنى سـببًا لراحتـه *** فـيما يسكِّن لوعـةَ الصـدر
حتى إذا مـا الفكـرُ راجعـه *** قطـع المنى متبيِّـنُ الهجـر
يشكو الضميرُ إلى جوانحـه *** بعض الذي يلـقى من الفكـر
شهرة أسرة الزبير بن بكار
عُرِف من أفراد أسرة الزبير بن بكار الأدنَيْن: ابنه مصعب الذي تتلمذ لأبيه
الزبير، وكان عالمـًا ثقة، كما عُرف أبوه بكار الذي تُوفِّي سنة 195هـ
وعُمْرُ ابنه الزبير يومئذٍ 23 سنة.
وفاة الزبير بن بكار
تُوفِّي الزبير في مكة (256هـ=869م) وهو قاضٍ عليها ودُفِن فيها، وكان
سبب موته أنَّه سقط من فوق سطح بيته، فانكسرت ترقوته ووركه، فمكث
يومين لا يتكلَّم ثُمَّ مات، وصلَّى عليه ابنه مصعب، ودُفِنَ إلى جانب قبر علي
بن عيسى الهاشمي في مقبرة "الحَجُون".
مؤلَّفات الزبير بن بكار
ترك الزبير بن بكار تصانيف كثيرة نافعة ومتنوِّعة في النسب، وأخبار
العرب، والوفود، والنوادر، وأخبار عدد من الشعراء، ونحو ذلك، وقد بلغ
عددها نحو خمسة وثلاثين كتابًا، وهي جميعها تشهد بسعة علمه ودقَّة
ملاحظاته وعِظَم ثقافته الأدبيَّة والإخباريَّة، ولكن لم يصل منها سوى ثلاثة
كتب مطبوعة، أحدها بعنوان "أخبار أبي دَهْبل الجُمَحي"، والآخران من
أهم كتبه لكثرة تداولهما بين أيدي الناس دون غيرهما من مؤلَّفاته وهما:
جمهرة نسب قريش وأخبارها
1- جمهرة نسب قريش وأخبارها: كبير الحجم، لم يصل كاملًا، نُشِر الجزء
الأوَّل منـه بمصر العلَّامة محمود محمد شاكر سنة (1381هـ=1961م)،
ويرد عنوانه في المصادر بصيغٍ أخرى، وعلى هذا الكتاب اعتمادُ الناس
في معرفة أنساب القرشيِّين.
الأخبار الموفَّقيَّات
2- الأخبار الموفَّقيَّات: هو مجموعٌ ضخمٌ يتضمَّن أخبارًا ونوادر وقصصًا
تاريخيَّة تدور حول الخلفاء ورجال البلاط وتشمل أقطارًا عدَّة، وقد ألَّفه
الزبير لتلميذه الموفَّق بن المتوكِّل العبَّاسي، ويقع في 19 جزءًا، ولكن لم
يصل كاملًا، وما بقي منه سالمـًا طَبَع بعضه أوَّل مرَّة المستشرق (وستنفلد)
سنة 1878م، ثم أعاد تحقيقه سامي مكي العاني وضمَّ إليه أجزاءً أخـرى
مخطوطـة عثـر عليهـا، ومقتطفات كثيرة منثورة في بطون الكتب، وطبعها
جميعًا في مجلَّدٍ واحدٍ نشـر في بغـداد سـنة 1972م.
كتبه المفقودة
أمَّا باقي كتب الزبير بن بكار فإنَّها فُقِدت جميعًا وبقيت أسماؤها في بطون
المصادر والمراجع، منها ما جمع فيه أخبار كل شاعر على حِدَة، مثل "أخبار
حاتم الطائي"، و"أخبار أميَّة بن أبي الصَّلْت"، و"أخبار حسَّان بن ثابت"،
و"أخبار عمر بن أبي ربيعة"، و"أخبار ابن هَرْمة"، ومنها في موضوعات
أخرى مثل: "نوادر أخبار النساء"، و"مزاح النبي صلى الله عليه وسلم"،
وكتاب "النخل"، و"أخبار المدينة" وغيرها.
وهذه الكتب كانت مادَّةً لكثيرٍ من المصنَّفات التي أُلِّفت بعده مثل "مروج
الذهب"، و"الاستيعاب"، و"الروض الأُنُف"، و"شرح نهج البلاغة"،
و"الإصابة"، و"خزانة الأدب" للبغدادي وغيرها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق