القواعد الحسان في الاستعداد لرمضان (26) (الأخيرة)
القاعدة السابعة
مطالعة أحكام الصوم وما يتعلق بشهر رمضان
وهذا من أكد الواجبات والعلم النافع ينادي على العمل الصالح ،فإن أجابه
وإلا ارتحل ولابد من معرفة أحكام الصوم وأعذاره وأركانه ومبطلاته
ومباحاته وأحكام صلاة التراويح والاعتكاف
..
وفي حق المرأة أن تتعلم أحكام الصوم في حق الحائض والمستحاضة
والنفساء، والصوم في حق الحامل والمرضع..
وننصح بالكتب التالية :
زاد المعاد في هدي خير العباد - لابن القيم ..
صفوة الكلام في مسالك الصيام - رسالة مختصرة لأبي إدريس ..
تمام المنة في التعليق على فقه السنة للشيخ الألباني ..
القاعدة الثامنة
إعداد النفس لتذوق عبادة الصبر
قال تعالى:
{ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}
بعض الناس تجعل مواسم الطاعة مرتعا للملذات بكل أنواعها ، فتزيد
المسافة بينه وبين قصد الآخرة ، وبينه وبين الوصول إلى الله عز وجل
ومن هذه المواسم شهر رمضان، لكن شهر رمضان هو شهر الصوم والصبر
، فما أحرانا أن نتذوق حقيقة الصبر لنتذوق حقيقة الصوم. ففي هذا الشهر
صبر عن المحارم، وصبر على الطاعات، ومع ذلك كله صبر على كل
بلية تنالك.
ما أشبه قلبك بالمريض في غرفة العناية المركزة، إنه محروم من كل طعام
يفسد دورة علاجه، بل محروم من مخاطبة أقرب الأقربين لتتفرغ أجهزة
جسمه للانتعاش واسترداد العافية، ثم إنه يتنفس هواءً معقمًا خاليًا من كل
تلوث، وتدخل ويقاس نبضه ودرجة حرارته كل حين ليتأكد الطبيب من
تحسن وظائف جسمه،
فما أحرى هذا القلب السقيم الذي أوبقته أوزاره، وتلوث بالشبهات
والشهوات ، وترهل بمرور الشهور والدهور دون تزكية وتربية
ما أحراه أن يدخل غرفة العناية المركزية في شهر رمضان، فتكون
كل إمدادات قوته مادة التقوى و المحبة لله ورسوله وطاعتهما.
القاعدة التاسعة
كيفية تحصيل حلاوة الطاعات
وأعلم أن للطاعة حلاوة ودل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم
( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا
وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً )
رواه أحمد ومسلم.
وحلاوة الطاعة ملاكها في جمع القلب والهم على الله.
ويفسره ابن القيم قائلاً:
هو عكوف القلب بكليته على الله عز وجل، لا يلتفت عنه يمنة ولا يسرة،
فإذا ذاقت الهمة طعم هذا الجمع اتصل اشتياق صاحبها وتأججت نيران
المحبة والطلب في قلبه..
ثم يقول: فلله همةُ نفس قطعت جميع الأكوان وسارت فما ألقت عصا السير
إلا بين يدي الرحمن تبارك وتعالى فسجدت بين يديه سجدة الشكر
على الوصول إليه فلم تزل ساجدة حتى قيل لها
{ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً *
فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}
وسائل تحصيل لذة الصوم
فالعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة
ومقتضى قيامك بأداء العبادة أن تجد ثمرتها، وثمرة العبادة تكليف شرعي.
فمثلاً: يقول عن الصلاة:
{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ
وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}
أي: الصلاة الصحيحة الكاملة .. ثمرتها : تنهى عن الفحشاء والمنكر
وكذلك الصوم:
حين قال تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
فالتقوى ثمرة أيضًا كالانتهاء من الفحشاء والمنكر، وكلاهما مأمور به.
إن هذه اللذة والحلاوة هي من صميم
مقام الإحسان
(( أن تعبد الله كأنك تراه))
فالصوم تتحصل اللذة فيه ، من :
◀الشعور بالنسبة ..
◀والالتذاذ بالخدمة ..
ففي الحديث قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :
قال اللهُ (( كلُّ عملِ ابنِ آدمَ لهُ إلا الصيامَ ، فإنَّه لي وأناأُجْزي بهِ, والصيامُ
جُنَّةٌ ، وإذا كان يومُ صومِ أحدِكُم فلا يَرْفُثْ ولا يَصْخَبْ ، فإنْ سابَّه أحدٌ
أو قاتَلَهُ فلْيقلْ : إنِّي امْرُؤٌ صائمٌ, والذي نفسُ محمدٍ بيدهِ لَخَلوفِ فمِ الصائمِ
أطيبُ عندَ اللهِ من ريحِِ المسكِ ,للصائمِ فَرْحتانِ يفرَحْهُما إذا أَفطرَ فَرِحَ ،
وإذا لقي ربَّه فَرِحَ بصومِهِ )
(الراوي : أبو هريرة | حكم المحدث : صحيح)
قال تعالى في الحديث القدسي
( الصوم لي وأن أجزي به )
هذه هي النسبة..
وقال ( ترك طعامه وشهوته من أجلي )
وهذه هي حقيقة الالتذاذ بالخدمة
فبينما هو يتألم – وقد تلوى من جوع البطن- يتوارد على فؤاده خاطرة:
أن هذا الألم يصبر عليه تعظيمًا لحق الله ومهابة لنظره وإطلاعه، فيرضى
عن حاله ويشبع من رضا الله عنه ولا يطمع في أي نعمة تحول بينه وبين
لذة هذا الألم.
لكنه سرعان ما يطأطئ منكسرًا وجلاً، خائفًا لئلا يقبل الله منه
فيتضافر ألم البطون مع ألم القلوب ويتعاظم هذا الألم..
حتى تتداركه عناية الله وإمداداته ،فيفيض عليه من جميل لطفه وإنعامه،
فيسكن هذان الألمان المتضافران ، وينقلبان حلاوة غامرة ولذة عامرة
بل وشوقًا للقاء الله
حتى تتم فرحته التي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم
( وإذا لقي ربَّه فَرِحَ بصومِهِ)
وإذا تأملت هذه المعاني أدركت سر قوله
( رُبَّ صائمٍ ليس له من صيامِه إلا الجوعُ )
(الراوي : أبو هريرة | حكم المحدث : حسن صحيح)
فأحسن القصد.. وولّد العزم.. وتسلح بالهمة..
وابدأ السير.. وِجدَّ في الترّحال.. واطلب الراحة في العناء..
ولا تركن إلى غبن أهل الدنيا.. ومنِّ نفسك بالفوز الربيح..
وادخر الثمن الغالي لسلعة الله ..
(ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة)
نسأل الله عز وجل أن يغفر لنا ذنوبنا ويستر عيوبنا وإسرافنا في أمرنا
ويثبت أقدامنا وأن ينصرنا على القوم الكافرين ..
اللهم آت قلوبنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها
اللهم طهر قلوبنا وحصن فروجنا واسلل سخيمة قلوبنا..
اللهم إنا نسألك أن تدخل علينا رمضان وقد أعنتنا على طاعتك ،
اللهم إنا نسألك أن نستقبل شهر رمضان بنفوس طائعة وبقلوب
وجلة مقبلة عليك يارب العالمين ..
إلهنا ما عصيناك إذ عصيناك جهلا بقدرتك أو استخفافا بعظمتك
بل غرنا سترك المرخي علينا ..
اللهم أنعم علينا بستر الذنوب يا قديم الإحسان ياواسع المن والعفو والمغفرة
أعف عنا واغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها علانيتها وسرها ما أخفينا
وما أعلنا وما أنت أعلم به منا
اللهم تحمل عنا التبعات والمظالم واغفر لنا ما كان لك يارب العالمين
واغفر لنا ما كان لك من حقوق يارب العالمين
اللهم ارحمنا برحمتك، اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فعف عنا
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصل اللهم على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك ..
تم بحمد الله تعالى
الثلاثاء، 6 أبريل 2021
القواعد الحسان في الاستعداد لرمضان (26) (الأخيرة)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق