قال أبو إسحاق الطبري:
كان النّجاد يصوم الدهر ويفطر على رغيف ويترك منه لقمة، فإذا كان ليلة
الجمعة أكل تلك اللقم التي استطعها وتصدق بالرغيف...
--------------
مًحدثي لا يعرف سوى لغة الأرقام.
تسأله سؤالاً.. تجد الجمع والطرح أولا.. ثم يأتيك الجواب..
في ليلة سفر باردة.. ساد فيها الصمت والإرهاق
قال لي.. كم تتصدق كل سنة من مالك..؟
عجبتُ من السؤال بعد طول سكوت
ولكنه أصر على السؤال مرة أخرى.. وقبل أن أجيب.. سألته.. لماذا..؟
وأنت تعلم أن إخفاء الصدقة خيرٌ من إعلانها كما في الحديث عن النبي
صلى الله عليه وسلم (سبعةٌ يظلهم الله بظله، يوم لا ظل إلا ظله) وذكر منهم
(رجلاً تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه..).
ولكنه شدد في السؤال.. واحترت في الجواب
فكرت.. كم أتصدق في سنة كاملة..؟
سؤال يمر عبر السنة.. أيام وشهور مضت
بعد أن لاحظ طول تفكيري.. دعني اُقرِّبُ لك السؤال
نحن الآن في منتصف الشهر..
مضى نحو أسبوعين من بداية هلال هذا الشهر
كم أنفقت في أوجه الخير والبر..؟
أجبته بسرعة وبدون تردد.. لم أنفق شيئا إطلاقاً..
هز رأسه.. وأصاب بغيته.. وعاد للغة الأرقام وقرر بعد برهة
أنت لا تتصدق في اليوم ولا بشق تمرة.. أرأيت كيف..؟
تعجبت من حسابه.. ولكنه أضاف..
أنت لا تتصدق إلا إذا وجدت فقيرا.. أليس كذلك..؟
قلت له.. نعم.. هز رأسه..
متى تجد ذلك الفقير المحتاج.. أو متى بحثت عن فقير..؟
ولا أقول فقيراً فقط.. بل من أقاربك أو جيرانك..؟
كان جوابي داخل نفسي.. لم أبحث.. لا عن جارٍ ولا قريب..
لو فرضنا أنك تتصدق كل يومٍ بريال.. لأصبح مجموع ما تنفق
في عام كامل ثلاثمائة وستون ريالاً..
مبلغٌ زهيد.. انتظر الجواب
قلت له موافقاً.. نعم هذا صحيح..
ولكني أعلم أنني لا أتصدق بهذا المبلغ في عام كامل..
رغم قلته واصل حديثه.. بعد أن أكملت جوابي
باب الصدقة باب كبير من أبواب العبادة فيه سدٌ لحاجة فقير.. وكسوةٌ لعارٍ..
ولقمةٌ لجائع.. وإغاثةٌ لملهوف.. وتعليمٌ لجاهل.. لقد وهبك الله هذا المال..
ومرتبك يزيد على ثلاثة آلاف ريال ماذا قدمت للإسلام والمسلمين..؟
هل اشتريت كتاباً لإخوانك وجيرانك..؟
هل شاركت في بناء مسجدٍ ولو بالقليل..؟
كم شريطاً إسلامياً أهديت..؟ كم فقيراً واسيت..؟
مجالات الخير كثيرة.. ومتعددة..
ولكن.. أرأيت كيف نحن محرومون من هذا الأجر!!
لماذا لا تخصص مبلغاً ثابتاً كل شهر..
مما زاد عن حاجتك ينفق في أبواب الخير..
• ثم هناك الكثير تستطيع أن تقدمه.. خذ مثلاً.. وعليك الجمع..
لو استغنيت عن كأس من اللبن تشربه في اليوم لوفّرت ريالاً كاملاً..
يكفي.. شراء وجبة كاملة لعائلة مسلمة..
لم تر الطعام من يوم أو يومين
لو تركت شراء ثوبٍ واحد مما زاد عن حاجتك كل عام.. لأنفقت مبلغ مائة
وخمسين ريالاً تكفي لشراء كتب في العقيدة توزع على مدارس المسلمين.
زوجتك.. لو رغبت فيما عند الله..
وتبرعت بثمن شراء فستان واحد فقط كل عام.. مائة وخمسون
ريالاً تكفي لتكلفة برنامج إذاعي إسلامي لمدة عشرين دقيقة..
في بلادٍ، الحربُ لا هوادة فيها بين المسلمين والمنصرين
أرأيت كيف فَعلتْ؟
ألبسها الله لباس الأمن يوم الخوف.. وكساها لباس التقوى..
وجعل ما تركته في الدنيا ستراً لها عن النار يوم القيامة..
أخي.. منزلك الذي تزينه بأنواع الزينة والكماليات..
ألا تستغني ولو مرة واحدة عن شيء من ذلك؟
إذا لوفرت مبلغاً يزيد على خمسمائة ريال..
يكفي لكفالة ثلاثة طلاب يحفظون القرآن الكريم
لمدة عام كامل
الله أكبر.. أرأيت كيف؟
نعمةٌ جعلها الله في يدك.. فلا تمنعها عن طريق الخير..
أخلف الله عليك ما أنفقت.. ورزقك دعوة صالحة..
ترتفع إلى السماء من قلب طفلٍ مسلمٍ يحفظ القرآن.. أنت ترعاه..
ابنك.. لماذا لا يكون له مشاركةٌ في الخير..
لو أخبرته يوماً أنك ستتبرع بقيمة هذه اللعبة..
لدعم المسلمين وإعانتهم
لرأيت الفرح على وجهه.. فهو ابن الإسلام..
بمبلغ خمسة وثلاثين ريالاً تبرعاً منه..
تقيم صلب مجلة شهرية إسلامية لمدة عام كامل.. ترفع لواء التوحيد..
وتحارب البدع والشركيات..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق