ما
هو مقاومة الانسولين
مقاومة
الانسولين: في عام 1889،
اجرى "مينكوبسكي" (
Oskar Minkowski) تجربة على الكلاب، واثبت
ان استئصال
البنكرياس
بالكامل، يؤدي لارتفاع مستوى السكر في الدم، وافرازه في
البول،
والاصابة بفرط كيتون الجسم (Ketosis) وحتى الموت. وقد ادى
الشبه
الكبير بين هذه الاعراض السريرية والسكري، ولاول مرة،
للافتراض
ان هنالك علاقة بين السكري والبنكرياس؛ وفي عام 1922،
نشر
فريدريك بينتينج (Frederick Banting) وتشارلز بست
(Charles Best) نتائج ابحاثهما التي بينت
ان حقن مادة مركزة من
المواد
التي يفرزها البنكرياس، للكلاب التي تم استئصال بنكرياسها،
يساعدها
بالبقاء على قيد الحياة.
بدا
غالبية الباحثين، لاحقا، بالتعامل مع نقص المادة التي يفرزها
البنكرياس،
الا وهي الانسولين، على انه السبب الوحيد للاصابة
بالسكري.
وفقط بعد 27 عاما، اي عام 1949، قام هارولد هيمسورث
(Harold Himsworth) بالتشكيك لاول مرة بنجاعة
مادة الانسولين
لدى
بعض المرضى. كذلك، كان هيمسورث اول من استخدم مصطلح
"حساس
للانسولين" و "غير حساس للانسولين"، وذلك اعتمادا على
استجابة
مستويات السكر في الدم لحقن الانسولين فورا بعد تحميل السكر.
اعلن
هيمسورث لاحقا، عن دعمه للنظرية القائلة ان نقص
الانسولين
في الجسم، تماما مثل
انعدام التجاوب للانسولين، هو سبب الاصابة
بالسكري
لدى بعض المرضى. وليس هذا فحسب،
بل
اوضح ان هنالك
نوعين
من مرضى السكري يقسمون بناء على حالتهم
السريرية:
مرضى
السكري الحساسون للانسولين، والذين يميلون للاصابة بفرط
كيتون
الجسم (بات معروفا اليوم، بمرض السكري من النمط
الاول).
مرضى
السكري غير الحساسين للانسولين، ولا يميلون للاصابة بفرط
كيتون
الجسم، ويعتبرون اكبر سنا بالمعدل (مرضى
السكري
من النمط
الثاني).
كذلك،
فانه في عام 1960، ومع التقدم العلمي، الذي اتاح امكانية فحص
الانسولين،
تبين بالفعل، ان مرضى السكري الذين تم اكتشاف المرض
لديهم
في جيل متاخر نسبيا، ليس فقط انهم لا يعانون من نقص في مادة
الانسولين،
بل ان نسبة الانسولين لديهم تكون في بعض الحالات، اعلى
منها
لدى غير المصابين بمرض السكري. هكذا تم التوصل لاثبات علمي
غير
قابل للشك بان انسجة مرضى السكري كبار السن (مرضى النمط
الثاني
من السكري) لا تستجيب لمادة الانسولين، كما تتجاوب معها انسجة
غير
المصابين بالسكري.
اعتمادا
على هذه الحقائق، بالامكان اليوم، تعريف حالة مقاومة الانسولين
على
انها حالة، يؤدي فيها تركيز معين من مادة الانسولين الى استجابة
بيولوجية
اقل من الحد الطبيعي.
يتم
انتاج مادة الانسولين في
الخلايا
المعروفة بالـ "بيتا" في البنكرياس، ومن هناك ينتقل الى مجرى
الدم،
ومنه الى انسجة الجسم المختلفة. ولذلك، فان الكثير من
الاحداث
قد تؤثر عليه في اي مكان
من اماكن تواجده، وتعرقل عمله:
في
خلايا "بيتا" يتم في البداية انتاج الانسولين على شكل سلف طليعة
الانسولين
(Preproinsulin) الذي سرعان ما يتحول الى
طليعة
الانسولين
(Pro insulin)، وتتحول غالبيته الى
انسولين (Insulin)
وببتيد
(CC - Peptide) ايضا. اما في متلازمات
مرضية، والتي تتسم
بنقص
خلقي في بعض الانزيمات، فمن الممكن ان يتم انتاج نوع من
الانسولين
قليل النجاعة.
خلال
الفترة القصيرة نسبيا (حتى 10 دقائق) التي يقضيها
الانسولين
متجولا في مجرى الدم، من الممكن ان
يتعرض
لضرر من قبل مواد
مختلفة:
هورمونات
بكميات تفوق مستواها الطبيعي، مثل هورمون النمو
(growth hormone)، الريسستين
(resistin)، غلوكؤكوريتكويدات
(glucocorticosteroids)، كاتيكولامينات
(catecholamines)،
غلوكاغون
(glucagone)، وكذلك هورمون تفرزه
المشيمة.
المواد
غير الهورمونية، مثل الاحماض الدهنية الحرة التي ترتفع
مستوياتها
لدى مرضى السكري، خاصة السمان منهم، وكذلك اجسام
مضادة
للانسولين.
اهم
وظيفة من وظائف الانسولين هي
مساعدة السكر على
الانتقال من مجرى الدم، الى داخل الخلايا في
الانسجة
التي تحتاج له. تتطلب عملية الانتقال هذه دخول جزيئات السكر
عبر
المستقبلات (receptors) الموجودة على سطح غشاء
الخلية
المستقبلة.
هذه المستقبلات هي عضيات تتالف من ثلاثة اجزاء: جزء
موجود
خارج الخلية، وجزء يمر عبر غشاء الخلية، وجزء اخير موجود
داخل
الخلية. تتطلب عملية نقل جزيئات السكر من الدم الى داخل الخلية،
اداء
سليما ومتكاملا من المستقبل، بمختلف اجزائه. ان الخلل بعمل
المستقبلات
هو احد الاسباب الرئيسية والاكثر شيوعا لظاهرة مقاومة
الانسولين،
ابتداء من عدد مستقبلات صغير، وانتهاء بنقص المواد
والانزيمات
الحيوية الضرورية، من اجل اتمام عملية نقل السكر من الدم
الى
داخل الخلية بشكل صحيح.
يعاني
مرضى السكري من النمط الثاني من مقاومة الانسولين، ولعدة
سنوات
قبل اصابتهم فعليا بالمرض. كذلك يعاني السمان غير المصابين
بالسكري
من مقاومة الانسولين.
عندما
تتطور مقاومة الانسولين وتقل نجاعة عمله ، يبدا الجسم بانتاج
كميات
كبيرة من الانسولين في محاولة للتغلب على المقاومة. تعرف هذه
الحالة
باسم "فرط الانسولينية" (hyperinsulinemia)، وهي تشكل
اساسا
لتطور ضغط دم مرتفع، اضطرابات بالدهنيات الذائبة في الدم،
ازدياد
الوزن والميل لفرط تخثر الدم. بعد سنوات من نجاح الجسم بانتاج
كميات
كافية من الانسولين للتغلب على مقاومته، تصل خلايا الـ "بيتا"
الى
حالة من الارهاق، فتبدا كمية الانسولين بالانخفاض، وتبدا
بالمقابل،
مستويات
السكر في الدم بالارتفاع. تعتبر هذه الحالة نقطة بدء مرض
السكري.
علاج
مقاومة الانسولين
ان
اكثر علاج لمقاومة الانسولين نجاعة، هو انقاص الوزن والقيام
بالنشاطات
والتمارين الرياضية بشكل تدريجي ومنتظم. كذلك، فان
هناك
أدوية تساهم على عدة
اصعدة بتخفيف حدة مقاومة الانسولين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق