الحلقة الثانية
إذا كنا نؤمن فعلاً بأن لحظة توديع الدنيا قريبة منا، قريبة منا جداً،
إنها لحظة بالأبواب، إنها على طرف الثمام،
وقد أخذت أعداداً ممن ساكنونا وآكلونا وناقشونا وزاملونا ودرّسونا؛
فكيف يا ترى نغفل ونحن نرى أخبار الموتى لا تتوقف؟
وقد أشار القرآن إلى هذه المفارقة بين قرب الأجل في مقابل استمرار الغفلة،
فقال تعالى:
{ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ }
وأخذت مرةً أتأمل أسباب هذه الإشكالية في كتاب الله،
وأحاول البحث عن موقف القرآن من هذه العلاقة،
فوجدت ثلاثة مشاهد صوّر القرآن تفاصيلها تكشف سراً من أسرار المشكلة،
ألا وهي مشكلة التأجيل
فهذه الخطايا التي لازلنا نواقعها لا تجدنا غالباً مخططين للاستمرار عليها،
وإنما نقول في أنفسنا إنها مجرد فترة يسيرة وسنصحح أوضاعنا جذرياً،
لكن الزمان يتفارط، وينسلّ الوقت من بين أيدينا ونحن لا نشعر؛
حتى نتفاجأ بملك الموت واقف ليأخذ أرواحنا في الساعة المقدرة ..
أرأيت؟ إنه الذهول عن الحقائق الكبرى تحت غمامة التأجيل
أخبرنا كتاب الله عن فئام من الناس حين يحضرهم الموت يسألون الله
أن يرجعهم، ويعاهدونه أن يعملوا الأعمال الصالحة التي أجّلوها،
ولكن هيهات، لقد فات الأوان،
يقول تعالى:
{ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ
لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا
وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }
أمامنا اليوم فرصة للعمل الصالح قبل أن تأتي هذه الساعة القريبة المفاجئة
التي لن تنفع فيها التوسلات بالعودة لزمان العمل ..
للتأملات بقية ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق