الحلقة السادسة
نعرف جيداً من خلال تجاربنا اليومية أن إيماننا في قلوبنا
يمر بحالات متفاوتة، بل شديدة التفاوت.
تارةً نشعر بدفء الإيمان في قلوبنا يتصاعد، فيرقُّ القلب ويلين
ويخفّ ويرفرف، فتنيب النفوس وتذعن،
حتى نجد في نفوسنا اندفاعاً لافتاً للعمل الصالح، ونفوراً من المعصية.
وتاراتٍ أخرى نشعر بالإيمان في نفوسنا يتبلد، ويفتر،
حتى نجد من استثقال الطاعات والتكاسل عنها ما يشعرك أنك مكبل،
كأنك تمشي في قيود، تستوعر الخطى.
هذه أحاسيس لا يكاد يخلو أحدنا منها، لكن إلى أي مدى يا ترى يقسو القلب
ويتجمد الإيمان فيه؟ ما هي أدنى مراحل يبوسة القلب؟
تخيل ما شئت من هذه المراحل والصفات لقسوة القلب،
ثم استمع إلى تصوير القرآن لحالة محزنة مخيفة من حالات قسوة القلب،
يقول الله جل وعلا:
{ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً }
إنه ليس كالحجارة فقط، بل قد يكون كما تصوّر الآية : أشد قسوة
بالله عليك! هل تتخيل قلباً أقسى من الصخر؟
بل إن الله تعالى ذكر فضل الحجر على بعض القلوب،
في صورة يتصبب المؤمن منها حرجاً ! حيث تستكمل الآية التصوير:
{ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً
وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ
وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ
وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ }
كم هي مقارنة موجعة ! الله تعالى يذكر فضل وتميز الصخور
على بعض قلوب بني آدم ! فيذكر من فضائل الصخور
أنها من لينها ومطاوعتها تنشق لينفسح من بين جوانحها الماء المتدفق،
أو تهبط وتتردى كأنما خضعت وتذللت ..
للتأملات بقية ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق