سئل بعض الصالحين عن سبب توبته فقال:
كنت فى حداثة سنى لا أقف على زلة فرأيت فى بعض الأيام جارية
لم أر أحسن منها وجها , ففتنت بها فأشرت إليها ,
فلما صارت بالقرب منى أدركها جزع شديد ,
فقلت لها: لا تخافى لا بأس عليك , فلم ينقص ذلك من خوفها شيئا ,
وجعلت ترعد كسعفة فى يوم ريح فقلت لها: أخبرينى بخبرك ,
فقالت: والله يا أخى هذا موقف ما وقفته قبل يومى هذا قط ,
ولى ثلاث بنات , ولى ولهن ثلاثة أيام لم نستطعم فيها طعاما ,
فلما كان فى هذا اليوم حملنى الجوع والشفقة على ما ترى ,
قال: فعند ذلك رق لها قلبى وسألتها عن مسكنها فأعلمتنى به ,
فحملت إليها ما قدر الله عز وجل من دراهم
وكسوة وقمح وغير ذلك ,
ثم عمدت إلى ما فى بيتى فبعته ودفعته لوالدتى وأخبرتها بالقصة ,
وكان عندى سجل أثبت فيه سيئاتى ,
فقالت: يا ولدى أنت رجل لم تعمل قط حسنة غير هذه ,
وعندك سجل تثبت فيه سيئاتك فقم وأثبت فيه هذه الحسنة ,
فقمت إلى السجل وفتحته:
فوجدته أبيض من أوله إلى آخره ,
وفيه سطر واحد
{ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ } هود / 114.
فرفعت يدى إلى السماء وقلت:
وعزتك وجلالك لا عصيتك بعد يومى هذا أبدا.
قال بشير بن صالح:
إن قوما دخلوا على عمر بن عبد العزيز - رضى الله عنه –
يعودونه فى مرضه , وإذا فيهم شاب ذابل ناحل الجسم ,
فقال له عمر:يا فتى! ما الذى بلغ بك ما أرى؟
فقال: يا أمير المؤمنين!
أمراض وأسقام.
فقال: سألتك بالله إلا صدقتنى.
فقال: يا أمير المؤمنين! ذقت حلاوة الدنيا , فوجدتها مرة ,
فصغر فى عينى زهرتها وحلاوتها , واستوى عندى حجرها وذهبها ,
وكأنى أنظر إلى عرش ربى والناس يساقون إلى الجنة والنار ,
فأظمأت لذلك نهارى , وأسهرت له ليلى ,
وقليل حقير كل ما أنا فيه فى جنب ثواب
الله تبارك وتعالى وعقابه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق