بعثت قريش
إلى اليهود يسألونهم عن أشياء يمتحنون بها
رسول
الله
صلى الله عليه وسلم ويسألونه عنها ليختبروا
ما يجيب به فيها
فقالوا سلوه عن أقوام ذهبوا في الدهر فلا يدري ما
صنعوا وعن رجل
طواف في الأرض وعن الروح فأنزل الله
تعالى
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ
}
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ
}
{ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ
وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً }
-قال
شعيب الجبائي واسم كهفهم حيزم وأما الرقيم قيل هو الكتاب
المرقوم فيه أسماؤهم وما جرى لهم كتب من بعدهم , واسم كلبهم حمران
وكان قومهم مشركين يعبدون الأصنام في زمن ملك يقال له
دقيانوس
وكانوا من أبناء الأكابر وقيل من أبناء الملوك واتفق
اجتماعهم في يوم
عيد لقومهم فرأوا ما يتعاطاه قومهم من السجود للأصنام
والتعظيم
للأوثان فنظروا بعين البصيرة وكشف الله عن قلوبهم
حجاب الغفلة
وألهمهم رشدهم فعلموا أن قومهم ليسوا على شيء فخرجوا
عن دينهم
وانتموا إلى عبادة الله وحده لا شريك له ويقال إن كل
واحد منهم لما أوقع
الله في نفسه ما هداه إليه من التوحيد انحاز عن الناس
واتفق اجتماع
هؤلاء الفتية في مكان واحد , فكل منهم سأل الآخر عن
أمره وعن شأنه
فأخبره ما هو عليه واتفقوا على الانحياز عن قومهم
والتبري منهم
والخروج من بين أظهرهم والفرار بدينهم فلجأوا إلى كهف
بابه موجه
إلى
نحو الشمال وأعماقه إلى جهة القبلة فذلك أن الشمس تشرق أول
طلوعها وقت الصيف في جانب الغار الغربي ثم تشرع في
الخروج منه
قليلا قليلا وهو ازورارها ذات اليمين فترتفع في جو
السماء وتتقلص
عن باب الغار ثم إذا تضيفت للغروب تشرع في الدخول فيه
من جهته
الشرقية قليلا قليلا إلى حين الغروب كما هو المشاهد
بمثل هذا المكان
والحكمة في دخول الشمس إليه في بعض الأحيان أن لا
يفسد هواؤه ,
وهم في
فجوة منه و بقاؤهم على هذه الصفة دهرا طويلا من
السنين
لا يأكلون ولا يشربون ولا تتغذى أجسادهم في هذه المدة
الطويلة من آيات
الله
وبرهان قدرته العظيمة ومن يراهم يظن أنهم أيقاظا لان أعينهم
مفتوحة لئلا تفسد بطول الغمض ولكنهم رقود و يتحولون
مرة من جنب
إلى جنب وكلبهم نائم بجوارهم , ثم بعثهم الله تعالى
من رقدتهم بعد نومهم
بثلاثمائة سنة وتسع سنين فلما استيقظوا قال بعضهم
لبعض كم
لبثتم
قالوا الله أعلم بما لبثتم فبعثوا بأحد منهم كان
ليشتري لهم طعام ونبهوه
بأن يتلطف في دخول المدينة حتى لا يشعر به أحد خوفا
من إعادتهم لملة
الكفر , ولما جاء إلى المدينة متنكرا لئلا يعرفه أحد
من قومه , استنكره
من يراه من أهلها واستغربوا شكله وصفته ودراهمه
وحملوه إلى متوليهم
وخافوا من أمره أن يكون جاسوسا أو تكون له صولة
يخشون
من
مضرتها ,
فأخبرهم خبره ومن معه وما كان من أمرهم فانطلقوا معه
ليريهم مكانهم
فلما قربوا من الكهف دخل إلى أخوانه فأخبرهم حقيقة
أمرهم ومقدار
ما
رقدوا فعلموا أن هذا أمر قدره الله فيقال إنهم استمروا راقدين ثم
ماتوا
بعد ذلك .
البداية والنهاية
قال تعالى :
{ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ
وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً
{9}
إِذْ
أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا
رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ
رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ
أَمْرِنَا رَشَداً {10}
فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ
سِنِينَ عَدَداً {11}
ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ
أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً {12}
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ
إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى {13}
وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا
فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا
إِذاً شَطَطاً {14}
هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً
لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ
بَيِّنٍ
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ
كَذِباً {15}
وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى
الْكَهْفِ
يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته
ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً
{16}
وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ
عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ
وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ
وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ
ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ
فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن
يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً
{17}
وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ
رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ
الشِّمَالِ
وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ
مِنْهُمْ فِرَاراً
وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً {18}
وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ
قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ
قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ
قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ
فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ
فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً
فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ
بِكُمْ أَحَداً {19}
إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي
مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً {20}
وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا
أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ
لَا رَيْبَ فِيهَا
إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا
ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ
قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ
لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً {21}
سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ
وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً
بِالْغَيْبِ
وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ
كَلْبُهُمْ قُل
رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا
قَلِيلٌ
فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء
ظَاهِراً وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً
{22}
الكهف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق