إن متابعة الأبناء للصلاة أمر ليس سهلا، سواء كانوا صغارا أم كبارا،
هذا في شأن صلاة الفريضة، فكيف في صلاة السنن أو صلاة التراويح برمضان!
فالأمر يحتاج لجهد غير عادي من الوالدين في المتابعة والترغيب
حتى يتعود الابن على الصلاة وتصبح جزءا أساسيا من حياته.
وكلما بدأنا مبكرا في تعويد وتعليم الأبناء على الصلاة نجحنا
في حبهم والتزامهم بالصلاة، ولعله من جميل ما رأيت في التربية الباكستانية
أنهم يعلمون الطفل الدعاء منذ صغره بعد كل صلاة،
ولهذا تلاحظ الأطفال الباكستانيين يرفعون أيديهم بعد كل صلاة
بالدعاء وكأنهم يذكروننا بأن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر،
ولكن يبقى التحدي الكبير في ترغيب أبنائنا بصلاة التراويح لأن عدد ركعاتها كثير،
والصبر عليها يحتاج لمجاهدة نفس، وعادة الأبناء أنهم يحبون السهر
والحديث واللعب أو متابعة المسلسلات في ليالي رمضان.
فمن الأفكار الذكية والتي قد تصلح للصغار أننا نواعدهم للذهاب لمكان ترفيهي
بعد صلاة التراويح، فيرتبط ذهنهم بين المتعة والصلاة،
أو قد يكون في مسجد الحي مكان لاجتماع الأبناء يتحدثون ويلعبون
فيه بعد أداء بعض الركعات، أو أن يكون لهم دور لخدمة المصلين
أثناء الصلاة، وقد رأيت بعض الأبناء يقدمون للمصلين الماء والشاي
وقت الاستراحة، أما لو كان الابن كبيرا فيكون المحفز له أن نشرح
له بعض فضائل صلاة القيام والتراويح،
ومنها ما أخبرنا به نبينا الكريم بأن من يصليها فإنه تنطبق عليه
صفة الصالحين وأنها قربة لله ومكفرة للسيئات
وتنهى عن الإثم وتطرد المرض، ويكون جزاؤه الجنة وأن له غرفا
تجري من تحتها الأنهار وفيها شرف للمؤمن وعزة في استغنائه
عن الناس وتعلقه برب الناس،
وأن من صلاها ايمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه،
وكل ما ذكرته ذكره رسولنا الكريم،
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى،
ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم، ومطردة للداء عن الجسد)
رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني.
وقال: (في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها،
فقيل: لمن يا رسول الله؟
قال: (لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام)
رواه الطبراني والحاكم وصححه الألباني،
وقال: (أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت،
وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به،
واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس)
رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني.
وقال: (من قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية
كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين)
رواه أبو داود وصححه الألباني.
والمقنطرون هم الذين لهم قنطار من الأجر وهو الأجر العظيم،
فأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل،
ولقيام رمضان أجر مخصوص ولهذا قال رسولنا الكريم:
(من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)
متفق عليه.
فتدريب الأبناء على صلاة التراويح لمدة ثلاثين يوما يحتاج لصبر
ومتابعة وترغيب وخاصة في العشر الأواخر من رمضان،
ولا مانع من الزامهم أحيانا كنوع من التدريب وضبط النفس حتى
يتعرفوا على مقياس صبرهم وتحملهم لأن صلاة الليل ثقيلة كما قال
الحسن البصري رحمه الله
(لم أجد شيئاً من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل)،
وكان أبوهريرة رضي الله عنه يقسم الليل بينه وبين زوجته
وخادمه فقال: أبو عثمان النهدي:
(تضيّفت أبا هريرة سبعاً، فكان هو وامرأته وخادمه يقسمون الليل ثلاثاً،
يصلي هذا، ثم يوقظ هذا)،
ولعل من أكثر الأحاديث النبوية المشجعة لصلاة الليل قول
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إن العبد إذا قام يصلي أتي بذنوبه كلها، فوضعت على رأسه وعاتقيه،
فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه).
د. جاسم المطوع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق