أ. لولوة السجا
السؤال
♦ الملخص:
فتاة تقدَّم لها خاطب ليس فيه عيب إلا أن والدَه أسمر اللون،
وأهلُها يرفضون، وتسأل: هل أقبل أو لا؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تقدَّم لخطبتي رجل قبلي فيه كلُّ المواصَفات التي أتمنَّاها، لكن به عيبٌ
واحد وهو أنَّ أباه أسمر اللون، فهل أقبَله؟! خصوصًا أن إخوتي
غير موافقين، لكنهم أعطَوني حريَّة القرار.
الجواب
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن
والاه، أما بعدُ:
فإنَّ مسألةَ الاختلاف الطبَقي التي ابتُلي بها الكثيرون إنما هي مِن عادات
الجاهلية التي لا يُقرُّها الإسلامُ، وبما أنَّ الأمر شكَّل قضيةً أساسيةً حين
يتقدَّم الخاطبُ، فإنَّ إفرادَ المجتمع مُضطرون لأن يَتسايَروا مع ذلك بسبب الإكراه،
ولكون المخالَفة قد تَجْلِب عليهم مصائبَ هم في غِنًى عنها!
لكن ما دام الخاطب قبليًّا كما ذكرتِ، واحترتِ في أمرك بسبب شدة اسمرارِ
بشرة والده، فلا أرى أن ذلك مُبَرِّرٌ لك في الرفض؛ حيث إنك كرِهْتِ
ذلك لأحد سببينِ:
الأول:
هو خشية كون ذلك السواد ينمُّ عن أصولٍ غير قبَلية، وهنا يُمكنكم
البحثُ والتحرِّي؛ حتى تَتَحَقَّقوا مِن ذلك.
الثاني:
هو مسألة خشية تأثير العامل الوراثي، وذلك أمرٌ ليس شرطًا حقيقةً،
وقد يُبتلى الأبُ والأم بطفلٍ يختلف اختلافًا شديدًا في اللون أو الشكل بلا
أسبابٍ ولا عامل وراثة، ويَحْصُل ذلك كثيرًا، كما أنَّ اكتساب اللون عن
طريق الوراثة لو حَصَل فلن يكونَ بتلك الدرجة التي اكتسبَها الوالدُ.
ثم إنَّ الألوان والأشكال ليستْ مِقياسًا حقيقيًّا للأشخاص، واللهُ جلَّ جلاله
لا يَنْظُر إلى صُورِنا، وإنما إلى قُلوبِنا وأعمالنا، وكم رفَع اللهُ ذِكْرَ أناسٍ لم
يَمْلِكوا مِن مَظاهر الجمال شيئًا، بل نفَع بهم أمته، وامْتَدَحَهُم على لسان
رسوله صلى الله عليه وسلم كبلالٍ رضي الله عنه، والصحابي زاهر الذي
قال له رسولُ الله صلواتُ ربي وسلامُه عليه:
( ولكنك عند الله غالٍ )؛
رواه أحمدُ بسندٍ صحيحٍ، حين شعر بأنه لا قيمةَ له بسبب خِلقتِه.
فاستعيني بالله، واستَخيري وامضي في أمرِك، ولا تَرُدِّي صاحبَ
الدين والخُلُق مِن أجل لون بشرة والده.
وفَّقك الله وهداك، وأرشدك إلى سواء السبيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق