في اكتشاف أذهل العلماء تبين وجود أمواج مرعبة بارتفاع 500 متر
في أعماق البحار يمكن رؤيتها من الفضاء!! ولكن كيف يكون ذلك؟
دعونا نتأمل....
لم يكن أحد يتخيل وجود أمواع هائلة في أعماق المحيطات حتى جاء
عصر الأقمار الاصطناعية وهنا بدأت القصة!
لقد صورت هذه الأقمار صوراً لكوكبنا الذي يتميز بلون أزرق جميل بسبب
انعكاس أشعة الشمس على الغلاف الجوي بطريق رائعة مما يعطي البحار
لوناً أزرقاً يسحر كل من ينظر إليه، وهذا من بديع صنع الخالق
تبارك وتعالى.
ولكن الصور لم تكن كما هو متوقع أو كما نشاهده من على سطح الأرض،
لقد كانت جميع الصور المأخوذة من الفضاء أو من ارتفاعات عالية تُظهر
دوائر كبيرة تمتد لآلاف الأمتار.
قام العلماء مؤخراً (2015) ولأول مرة باستخدام بيانات تجريبية لتقليد
الأمواج العميقة الهائلة المتولدة في منطقة مضيق Luzon بين الصين
والفلبين، وتبين أن هذه الأمواج تضرب أعماق البحر بارتفاع 500 متراً!
هذه الأمواج تسافر لآلاف الكيلومترات ولذلك فهي صعبة الدراسة والتنبؤ.
ولذلك تعتبر دراسة الأمواج العميقة من أعقد وأصعب أنواع الدراسة،
ولا يمكن لأحد أن يتنبأ بها قبل مجيء العصر الحديث.
إن الأمواج العميقة تقوم بخلط مياه البحار وتحافظ على معدلات درجات
حرارة متوازنة في أعماق البحار، ولذلك ضرورية للمناخ العالمي
والتوازن البيئي.
شكل رقم (1) لقد قام العلماء بإنزال أجهزة قياس وتصوير إلى أعماق
المحيط وقطعوا به مسافات طويلة وسجلت هذه الأجهزة الاهتزازات
العنيفة الناتجة عن أمواج عاتية في قاع المحيط وكان حجم الاضطراب
الذي تم تسجيله هائلاً وغير متوقع.
الاضطرابات المسجلة في هذه الأمواج تعادل 10000 ضعف الاضطرابات
التي نراها على الأمواج السطحية. ولذلك فإن ظاهرة الأمواج العميقة
هي من الظواهر الغريبة والعجيبة والتي تستحق الدراسة والتأمل.
شكل رقم (2) صورة بالأقمار الاصطناعية لمضيق Luzon بين الصين
والفلبين، ونرى أنصاف دوائر عملاقة، هذه الدوائر تظهر ويمكن رؤيتها
فقط من الارتفاعات العالية، ولا يمكن رؤيتها من الأرض. وهذه الأمواج
الدائرية تنتج بسبب الأمواج العميقة التي تضرب أعماق المحيط وتنتقل
الاضطرابات المائية الناتجة عنها حتى تصل إلى سطح الماء وترسم هذه
الدوائر.. سبحان الله!
شكل رقم (3) لقد تمكن العلماء من قياس طول الموجة العميقة وسرعتها
وارتفاعها، وتبين أن أعماق البحار تزخر بالأمواج العاتية والتي قد
تتحول إلى تسونامي مدمر، هذه الأمواج تتشكل عادة في بيئة مظلمة
وباردة، طبعاً هذه الأمواج تقع على عمق أكثر من 1000 متر تحت سطح
البحر، هذا العمق لا يمكن الوصول إليه إلا بالغواصات الحديثة.
تعتبر هذه الدراسة الأولى من نوعها وقام بها 42 عالماً من خمس دول
بمشاركة 25 جامعة ومعهد بحثي، ونشرت نتائجها في مجلة الطبيعة
Nature [2] بتاريخ 7-5-2015 وبالتالي فإن أي إشارة لهذه الأمواج
العميقة في كتاب قديم لا يمكن أن ترد من قبيل الصدفة... ولكن القرآن
أشار إلى ذلك بصورة رائعة!
لقد أنبأ القرآن الكريم عن مثل هذه الأمواج العميقة التي لم يتمكن العلماء
من رؤيتها يقيناً إلا في عام 2015 (وذلك حسب تصريح العلماء الوارد
في المرجع رقم 1)، وذلك في آية عظيمة تتحدث عن أعمال الملحدين
وأن حياة الملحد شبيهة بإنسان يعيش في أعماق البحار حيث الظلمات
والأمواج العاتية والاضطرابات التي لا يمكن أن يستقر معها!!
فحياة الملحد في هذه الدنيا مليئة بالاضطرابات النفسية، الاكتئاب، القلق،
الخوف من المستقبل، الخوف من الموت، الخوف من مصير مجهول...
فالملحد لا يمكن أن يشعر بطعم السعادة في مثل هذه الحالة، وكذلك الذي
يعيش تحت هذه الأمواج العميقة، لا يمكن أن يشعر بأي شيء جميل،
على عكس المؤمن!
ولذلك تأملوا معي هذه الآية الكريم:
{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ
لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ }
[النور: 39]،
فهذا هو الملحد يعمل في الدنيا ويظن نفسه بأنه على حق ولكن عمله مثل
السراب أو الوهم، عندما تقترب لحظة الموت، لم يجد أي شيء من
أوهامه في الدنيا، ولا يجد أمامه إلا الله تعالى.. فيوفيه حسابه،
وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ.
هذا هو التشبيه الأول، ولكن التشبيه الثاني أسوأ وهو قوله تعالى
في الآية التالية:
{ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ
ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا
وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ }
[النور: 40]،
فأعمال الملحد الآن تشبه الظلمات في أعماق البحر وهذه الظلمات يغلفها
الأمواج العميقة، ومن فوقها أمواج على سطح البحر، ومن فوقها
السحاب.. تأملوا معي كم طبقة من الظلمات فوق أعمال الملحد التي
هي أساساً عبارة عن ظلام!!
فكل ما يقوم به الملحد في هذه الدنيا من أعمال قد تبهر الكثيرين، ما هي
إلا عبارة عن سراب أو ظلام على أفضل تقدير، فلا تنخدعوا يا أحبتي
بشعارات الملحدين وأقوالهم المزخرفة، وأشكالهم الأنيقة، وكلامهم
المعسول، أو خطاباتهم الفاتنة... كل ذلك هو سراب وظلام وأوهام.
نسأل الله تعالى أن يبعدنا عن الملحدين في الدنيا والآخرة، ونصيحتي
عدم الخوض معهم نهائياً، والابتعاد عن أي جدال مع ملحد إلا بالتي
هي أحسن.. نحن مطالبون بالدعوة وتبليغ القرآن، ولسنا مطالبين
بالإقناع أو بإجبار الناس على الإيمان.. الدعوة بالتي هي أحسن
{ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ }
[الكهف: 29]،
والحمد لله رب العالمين.
بقلم المهندس/ عبد الدائم الكحيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق