إدمان الوجبات السريعة
تكرار تناول الأطفال الوجبات السريعة بما تحتويه من كميات كبيرة
من الدهون ومكسبات الطعم يؤثر علي كيمياء المخ ويسلبهم الإرادة،
فيصبح قرار التوقف عن هذه الوجبات في غاية الصعوبة تماما مثلما
تفعل السجائر وعقاقيرالإدمان.
هكذا بدأت د.الشيماء محمد عبد المعطي مدرس التغذية والصحة العامة
بكلية الطب جامعة القاهرة حديثها عن خطورة الوجبات الجاهزة
علي الأطفال، وتري أن أكل وجبة جاهزة واحدة ربما لا يكون أمرا مضرا،
فالوجبة لا تضم سموما خالصة بطبيعة الحال كالتي تضمها السجائر،
ولكن خطورة الوجبة تكمن في إدمان تناولها والإعتماد عليها وما ترتبط
به من أمراض، فهناك علاقة بينها وبين الإصابة بالأنيميا وفقر الدم
وإرتفاع نسبة الكوليسترول والربو، كما أن مشروبات الصودا التي عادة
ما تكون مصاحبة لهذه المأكولات قد تؤدي للإصابة بهشاشة العظام،
فضلا عن أنها تتسبب في عسر الهضم عند تناولها مع الطعام.
وتضيف موضحة أن تناول السكريات والأطعمة السريعة والدهون بكثرة
يغير سلوك الأطفال، حيث تدفع إلي خمول العقل وكسله وتؤثر علي
الذاكرة، وعند إضافة الأطعمة المقلية كالبطاطس والأغذية التي تحتوي
علي المواد الحافظة والملح -لكي نحصل علي وجبة كاملة أو كومبو التي
تقدم فيه المطاعم عروضا مغرية وهدايا وألعابا مجانية- تكون المحصلة
وجود خطر كامل، فأطعمة مثل الهامبورجر وأصابع السمك والدجاج
المقلي تدخل في دائرة المواد المسببة للسرطان.
وتؤكد د.شيماء أن الدور الأكبر يقع علي عاتق الآباء حيث يجب علي
الوالدين البدء بأنفسهم أولا، لأنهم القدوة في إتباع أسلوب حياة صحي
يشمل البعد الثقافي والغذائي والرياضي السليم، وهو ما ينعكس علي
الأبناء في المستقبل، ونظرا لأنهم غاية في الذكاء فلن يقبلوا أن نمنعهم
من نوع معين من الطعام بينما نسمح لأنفسنا، فقد أكدت الدراسات أن
الأطفال الذين لا يتناولون الفاكهة والخضراوات بالكمية المطلوبة يوميا
يقلدون آباءهم، وأن الجوانب السلوكية للعادات الغذائية للأطفال مرتبطة
بالأطعمة التي يتناولها الوالدان هي أقوي مؤشر علي نوع الغذاء الذي
سيقبل عليه الأطفال، لذا يجب عليهم تعليم الأبناء المباديء الأساسية
للغذاء الصحي مثل تناول وجبة إفطار صحية، وتناول الوجبات الخفيفة
في صورة الفاكهة والخضروات والزبادي والفشار، والسوداني،
والمكسرات مع تدريبهم علي شرب المياه لأنها شريان الحياة، وتعتبر
العصائر الطبيعية الطازجة البديل الصحي للمياه الغازية، وعدم تناول
الطعام أمام شاشة التلفاز للحفاظ علي صحة الجسم، وتجنب زيادة الوزن،
وعلي الأم إختيار أطباق صغيرة وعدم ملئها بالطعام مع جعل مكان تناول
الطعام ثابتا.. ولابد من تشجيعهم علي كثرة الحركة ومزاولة الرياضة
بشكل منتظم، وإستخدام السلالم عوضا عن المصاعد الكهربائية، والعودة
مرة أخري للألعاب الحركية التي إختفت في ظل المنافسة الشرسة لألعاب
الفيديو، ويفضل التعاون علي مستوي محيط الأصدقاء والأهل في إتباع
هذه السلوكيات وترسيخها لدي الأطفال لكي لا يشعر الطفل أنه منبوذ بين
أقرانه، ولا يجب أن ننسي دور المدرسة ومجالس الآباء في متابعة
ومراقبة الكانتين، وما يجلبه للأطفال في المدرسة من وجبات، فالأطفال
يقضون الوقت الأطول في المدرسة علي مدار اليوم، مع الحرص
علي تصميم لوحات إرشادية في المدارس وداخل الفصول لتوضيح أهمية
تناول الغذاء الصحي مع مشاركة الأطفال في هذه الأعمال الفنية.
وأخيرا تؤكد أن المدنية والتطور أبعدا الإنسان عن فطرته وتلقائيته
في المأكل والمشرب، الأمر الذي أخل بصحة الإنسان وجعله عرضة
للإصابة بأمراض متعددة علي رأسها البدانة، لذا لابد من الرجوع للبساطة
وعدم التكلف، والتركيز علي الأطعمة الطازجة والألياف والخضراوات،
والإهتمام بالحبوب غير المقشرة، والإقلال من اللحوم الحمراء والدهون،
وفوق ذلك كله الإقتناع بأن القيمة الغذائية للطعام أكثر أهمية من القيمة
المادية التي يساويها هذا الطعام، مع التمسك بالمأكولات الشعبية الشرقية
المنتشرة في مصر ومعظم الدول العربية بإعتبارها أكثر ملاءمة لصحة
الإنسان وأكثر فائدة له.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق