وسواس بسبب صدمة في الطفولة
أ. مروة يوسف عاشور
السؤال
♦ الملخص:
فتاة تعرَّضتْ لصدمة في طفولتها، ولم تُخبرْ أحدًا؛ لأنها لم تكنْ
تَعرِف ما حصَل معها حتى كبرت، ومن كثرة تخوفها أُصيبِتْ بالوسواس.
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري 19 عامًا، تعرَّضتُ لاغتصابٍ وأنا طفلةٌ، ولم أكُنْ أَعرِف
ما حدث لي، حتى وصلتُ إلى سن 16 سنة، وهنا ظهَر الخوفُ والقلقُ!
أعْلَمُ أنه لن يُصيبَني إلا ما كتَب الله لي، لكن المشكلة أني أصبحتُ
أُفكِّر كثيرًا، وأدخلُ في وسواس شديدٍ من الاقتراب من الرجال،
بل بلَغ بي الأمرُ أني إذا أردتُ الجلوسَ مكانَ رجلٍ فإني أَمسَحُ المكان
قبل أن أَجلِسَ فيه؛ خشيةَ أن يكون هناك شيءٌ مِن هذا الرجل في
هذا المكان، بل إني أَغسِلُ المغاسلَ قبل استخدامِها أيضًا..
لم أُخبرْ أحدًا بهذا الأمر إطلاقًا، لكن ما يشغل بالي:
هل إذا تقدَّم إليَّ شابٌّ أُخبره بالأمر أو لا؟!
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بنيَّتي، سأُجيبكِ باختصارٍ عن حالةٍ تتكرَّر في مجتمعاتنا بكل أَسفٍ؛
فمع ثقةِ الأهل في كل مَن حولَهم مِن الرجال، وحُسنِ الظنِّ في الجميع
- يتم تركُ الفتاة الصغيرة بحُسن نيَّةٍ في أماكنَ يُفترَض أنها آمنة،
وفي بعض الأحيان تحدث مشكلات لا تحمد عقباها!
أنتِ تُعانين مِن الوسواس القهري نتيجة صدمةٍ أو تجربة سيئةٍ
تعرَّضتِ لها في الطفولة، فأثَّرتْ عليكِ إلى حدِّ الإصابة بالوسوسة،
وهذا يَحدث كثيرًا بعد الصَّدمات القاسيةِ.
والعلاج يكون بعدة أمورٍ لا بد مِن اتِّباعها، والسَّير على طريقها في الوقت نفسِه.
أولًا:
مساعدة نفسكِ على نِسيان تلك الواقعةِ التي حدَثتْ في الماضي؛
سواء أثَّرتْ عليكِ جسديًّا، أو لم تُؤثِّر؛ وكلما توارَدتْ على خاطركِ الأفكارُ فحارِبيها بالإهمال،
وانشغلي عنها بأي عملٍ تُحبِّينه وتَرَين أنه يأخُذ من وقتكِ وجُهدكِ.
ثانيًا:
لا بدَّ مِن العلاج السلوكي مع العلاج الدوائي، ما دامت الوسوسةُ
قد زادَتْ إلى حدِّ الخوف مِن الجلوس في أماكنَ سبَق أنْ جلَس
فيها رجالٌ، وقد يُحدِّد لكِ الطبيبُ المختصُّ من العلاجات ما تَشعرين
معه بتحسُّنٍ واضحٍ، لكن احْرِصي على زيارة الطبيب في أقرب فرصةٍ،
واطلُبي منه برنامجًا سلوكيًّا لتَحسينِ الحالة، وبإمكانكِ إخبارُ والدتكِ
برغبتكِ في زيارة الطبيب بسببِ الوسوسةِ، دون الحديث عن الواقعةِ
التي حدَثتْ، وعند زيارة الطبيب فأنتِ أمام أمرين: إن رأيتِ واستشعرتِ
منه الأمانَ، وتَيسَّر لكِ إخبارُه دون أن تَعْلَمَ والدتُكِ، فافْعَلي،
وإلَّا فحَدِّثيه عن تلك الوسوسة دون ذِكْر سببِها.
ثالثًا:
إذا تقدَّم إليك شابٌّ فتعامَلي مع الأمر كأية فتاةٍ طبيعية،
وانظُري في خُلقِه ودينه، ولا تَحرمي نفسَكِ الزواجَ، ولا تُخبريه بذلك
الأمر، وأظهِري له القوة إذا ما رأيتِ منه أصابعَ اتهامٍ تُوَجَّه إليكِ؛
فالواجبُ السترُ على نفسِكِ في أمرٍ قد ابْتُلِيتِ به ولَم تَتعمَّدِيه،
وكم من فتاةٍ في حالتكِ نفسِها قد تزوَّجتْ، ومَنَّ اللهُ عليها بحياةٍ
طيبة كريمة، وتناسَت تلك المأساةَ تمامًا، وكأنها لم تَكُنْ.
رابعًا:
الحياة سلسلة مِن الآمال والأُمنيات، فإن لم نُوفَّق إلى تحقيق بعضها،
فالبعض الآخر يبقى واقفًا في انتظار التحقيق، والابتلاء لا يَعني أن
الحياة ستتوقَّف، وأن الأملَ سيَنقطِع، وأن السعادة ستَزول،
بل يَبقى لديكِ الكثيرُ مِن النجاح باستطاعتكِ تحقيقُه وإثباتُ نفسِكِ
في مجالات كثيرة بجدارة، فانظُري حولكِ، وسِيري على بلائكِ،
واتَّخِذي منه سُلَّمًا للنجاح؛ فليس هناك ما يَمنعكِ الآن.
أخيرًا:
الإخفاقُ في الحياة هو لوحةٌ مَكتوبٌ عليها: ليس من هذا الاتجاه،
لكنَّ البعض يَقرؤُها: تَوقَّفْ!
إنْ لم تَجدي الراحة في الحياة، فهذا لا يَعني: أنها معدومة،
ولكن يَعني أن هناك طُرقًا أخرى عليكِ أن تَسلُكيها لتَصِلي إليها،
فابْحَثِي وسِيري، وافتَحِي لنفسِكِ مجالات النجاح، وتعلَّمي مِن
أصحاب الابتلاءات والأمراض المستعصية ممن تغلَّبوا على آلامِهم
وقهَروا أحزانَهم، وطَوَوْا صفحات الماضي؛ ليَفتحوا نوافذَ كانتْ مُغلقةً
يدخل منها الأكسجين النقيُّ الذي يُمِدُّهم بالحياة الجديدة السعيدة بإذن الله.
عافاكِ الله من كل شرٍّ، ويَسَّرَ لكِ سُبلَ الخير، ووفَّقكِ في حياتكِ
والله الموفِّق وهو الهادي إلى سواء السبيل
منقول للفائدة
أ. مروة يوسف عاشور
السؤال
♦ الملخص:
فتاة تعرَّضتْ لصدمة في طفولتها، ولم تُخبرْ أحدًا؛ لأنها لم تكنْ
تَعرِف ما حصَل معها حتى كبرت، ومن كثرة تخوفها أُصيبِتْ بالوسواس.
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري 19 عامًا، تعرَّضتُ لاغتصابٍ وأنا طفلةٌ، ولم أكُنْ أَعرِف
ما حدث لي، حتى وصلتُ إلى سن 16 سنة، وهنا ظهَر الخوفُ والقلقُ!
أعْلَمُ أنه لن يُصيبَني إلا ما كتَب الله لي، لكن المشكلة أني أصبحتُ
أُفكِّر كثيرًا، وأدخلُ في وسواس شديدٍ من الاقتراب من الرجال،
بل بلَغ بي الأمرُ أني إذا أردتُ الجلوسَ مكانَ رجلٍ فإني أَمسَحُ المكان
قبل أن أَجلِسَ فيه؛ خشيةَ أن يكون هناك شيءٌ مِن هذا الرجل في
هذا المكان، بل إني أَغسِلُ المغاسلَ قبل استخدامِها أيضًا..
لم أُخبرْ أحدًا بهذا الأمر إطلاقًا، لكن ما يشغل بالي:
هل إذا تقدَّم إليَّ شابٌّ أُخبره بالأمر أو لا؟!
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بنيَّتي، سأُجيبكِ باختصارٍ عن حالةٍ تتكرَّر في مجتمعاتنا بكل أَسفٍ؛
فمع ثقةِ الأهل في كل مَن حولَهم مِن الرجال، وحُسنِ الظنِّ في الجميع
- يتم تركُ الفتاة الصغيرة بحُسن نيَّةٍ في أماكنَ يُفترَض أنها آمنة،
وفي بعض الأحيان تحدث مشكلات لا تحمد عقباها!
أنتِ تُعانين مِن الوسواس القهري نتيجة صدمةٍ أو تجربة سيئةٍ
تعرَّضتِ لها في الطفولة، فأثَّرتْ عليكِ إلى حدِّ الإصابة بالوسوسة،
وهذا يَحدث كثيرًا بعد الصَّدمات القاسيةِ.
والعلاج يكون بعدة أمورٍ لا بد مِن اتِّباعها، والسَّير على طريقها في الوقت نفسِه.
أولًا:
مساعدة نفسكِ على نِسيان تلك الواقعةِ التي حدَثتْ في الماضي؛
سواء أثَّرتْ عليكِ جسديًّا، أو لم تُؤثِّر؛ وكلما توارَدتْ على خاطركِ الأفكارُ فحارِبيها بالإهمال،
وانشغلي عنها بأي عملٍ تُحبِّينه وتَرَين أنه يأخُذ من وقتكِ وجُهدكِ.
ثانيًا:
لا بدَّ مِن العلاج السلوكي مع العلاج الدوائي، ما دامت الوسوسةُ
قد زادَتْ إلى حدِّ الخوف مِن الجلوس في أماكنَ سبَق أنْ جلَس
فيها رجالٌ، وقد يُحدِّد لكِ الطبيبُ المختصُّ من العلاجات ما تَشعرين
معه بتحسُّنٍ واضحٍ، لكن احْرِصي على زيارة الطبيب في أقرب فرصةٍ،
واطلُبي منه برنامجًا سلوكيًّا لتَحسينِ الحالة، وبإمكانكِ إخبارُ والدتكِ
برغبتكِ في زيارة الطبيب بسببِ الوسوسةِ، دون الحديث عن الواقعةِ
التي حدَثتْ، وعند زيارة الطبيب فأنتِ أمام أمرين: إن رأيتِ واستشعرتِ
منه الأمانَ، وتَيسَّر لكِ إخبارُه دون أن تَعْلَمَ والدتُكِ، فافْعَلي،
وإلَّا فحَدِّثيه عن تلك الوسوسة دون ذِكْر سببِها.
ثالثًا:
إذا تقدَّم إليك شابٌّ فتعامَلي مع الأمر كأية فتاةٍ طبيعية،
وانظُري في خُلقِه ودينه، ولا تَحرمي نفسَكِ الزواجَ، ولا تُخبريه بذلك
الأمر، وأظهِري له القوة إذا ما رأيتِ منه أصابعَ اتهامٍ تُوَجَّه إليكِ؛
فالواجبُ السترُ على نفسِكِ في أمرٍ قد ابْتُلِيتِ به ولَم تَتعمَّدِيه،
وكم من فتاةٍ في حالتكِ نفسِها قد تزوَّجتْ، ومَنَّ اللهُ عليها بحياةٍ
طيبة كريمة، وتناسَت تلك المأساةَ تمامًا، وكأنها لم تَكُنْ.
رابعًا:
الحياة سلسلة مِن الآمال والأُمنيات، فإن لم نُوفَّق إلى تحقيق بعضها،
فالبعض الآخر يبقى واقفًا في انتظار التحقيق، والابتلاء لا يَعني أن
الحياة ستتوقَّف، وأن الأملَ سيَنقطِع، وأن السعادة ستَزول،
بل يَبقى لديكِ الكثيرُ مِن النجاح باستطاعتكِ تحقيقُه وإثباتُ نفسِكِ
في مجالات كثيرة بجدارة، فانظُري حولكِ، وسِيري على بلائكِ،
واتَّخِذي منه سُلَّمًا للنجاح؛ فليس هناك ما يَمنعكِ الآن.
أخيرًا:
الإخفاقُ في الحياة هو لوحةٌ مَكتوبٌ عليها: ليس من هذا الاتجاه،
لكنَّ البعض يَقرؤُها: تَوقَّفْ!
إنْ لم تَجدي الراحة في الحياة، فهذا لا يَعني: أنها معدومة،
ولكن يَعني أن هناك طُرقًا أخرى عليكِ أن تَسلُكيها لتَصِلي إليها،
فابْحَثِي وسِيري، وافتَحِي لنفسِكِ مجالات النجاح، وتعلَّمي مِن
أصحاب الابتلاءات والأمراض المستعصية ممن تغلَّبوا على آلامِهم
وقهَروا أحزانَهم، وطَوَوْا صفحات الماضي؛ ليَفتحوا نوافذَ كانتْ مُغلقةً
يدخل منها الأكسجين النقيُّ الذي يُمِدُّهم بالحياة الجديدة السعيدة بإذن الله.
عافاكِ الله من كل شرٍّ، ويَسَّرَ لكِ سُبلَ الخير، ووفَّقكِ في حياتكِ
والله الموفِّق وهو الهادي إلى سواء السبيل
منقول للفائدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق