ما معنى الصداقة الحقيقية؟
أ. مروة يوسف عاشور
السؤال
♦ الملخص:
فتاة طلبت من زميلة لها أن تكون صديقتها المقربة، لكن الأخت قالت لها: عليك أن تعرفي معنى الصداقة أولًا؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لديَّ صديقة تكبرني بسنواتٍ، معروفة بالحكمة والعقل والرشد، ولديها
خبرة كبيرة في الحياة؛ لذا فهي تُعدُّ المستشارة لدى معظم صديقاتي.
جعل الله لها المحبة في كثير من قلوب الأخوات، وبالرغم من ذلك ليس لديها صديقة مُقرَّبة منها، وأنا أتمنى أن تكون صديقتي، وأن أكون صديقتها.
طلبتُ منها ذلك بشكل مباشر، فأخبرتني أن الصداقة لديها تعني الكثير،
ثم قالت: اذهبي واعرفي معنى الصداقة الحقيقية أولًا ثم أخبريني!
لم تخبرني معنى الصداقة التي تقصدها، لكنها قالت من غير قصد: "الصداقة تصل إلى أن تفدي الصديق بالمال والروح" ولم تشرح لي أكثر مِن ذلك.
أنا - والحمد لله - واعية وعاقلة، وهذه الأخت أعقلُ مني كثيرًا، ولم تشرح لي معنى الصداقة الذي تقصده، فأرجو أن تخبروني بمعنى الصداقة الحقيقية؟
الجواب
بنيتي العزيزة، وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته.
حياكِ الله وبارك فيكِ ورزقكِ الصحبة الصالحة.
مَن أراد أن يبحثَ عن معنى الصداقة الحقيقيَّة فلْيَتَأَمَّلْها في أروع أشكالها، وأعظم شخصياتها، وأرقى معانيها، ذلك الصديق الحق الذي وصفه الله عز وجل بأنه صاحب النبي صلى الله عليه وسلم؛
{ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا }
[التوبة: 40]،
وقد كان الصِّدِّيق رضي الله عنه خيرَ صاحبٍ لرسول الله مِن كثرة ما كانتْ دلائل المحبة وعلامات الصداقة الحقيقية تَفوح مِن تعامُله مع صديقه صلى الله عليه وسلم، فتَجَوَّلي في سيرته، وتنقَّلي بين صفحات كتاب (الرحيق المختوم)، وانظري كيف يُعامل الصديقُ صديقه، وكيف يُؤثِرُه على نفسه ويُؤازِرُه، ويتعاهد معه على الحق، ويتواصيان بالخير ويتناصحان بالحق، ولا يُفضِّل الصديق نفسَه على صديقه في شيءٍ؛ فقد كان يفديه بكل ما يملك، ولا يظن فيه إلا الظن الحسن، ولا يُصدِّق عنه إلا الخير، ولا يُكلِّفه ما لا يُحب، ولا يحمل له في نفسه مِن السوء قيد شعرة، ولا يثقل عليه في شيءٍ، ولا يُحب أن يراه إلا سعيدًا، ويسعى له في مصلحته كأنه يسعى لنفسه بل أكثر!
ويكون الصاحب له خير مُعين على طاعة الله، وخير ناصحٍ له - إذا ما ضلَّ الطريق، وخير مَن يُخفف عنه حزنه؛ يفرح لفرحه، ويهتم بشؤونه جميعًا.
هي علاقةٌ راقية مبنيَّة على التسامح التام وحب الخير المُطْلَق، وأسرعُ الطرق لهَدْمِها كثرةُ اللوم والعتاب.
الصداقةُ أوسعُ مِن أن نُحصيها في استشارةٍ، أو نُجمل معانيها في مقالة؛ فهي كما جاء في وصية رسول الله وتمثيله للمؤمنين؛
( المؤمنون كرجلٍ واحدٍ، إذا اشتكى رأسه تداعى له سائر الجسد
بالحُمَّى والسَّهَر ).
الصداقةُ لا تُقاس بطُول المقام مع الصديق، وعدد الساعات التي يقضيانها معًا؛ فكم مِن قلوبٍ تآلفتْ على المحبة، وتجمعتْ على الأُخُوة الصادقة، ولا يطول بقاؤها معًا، وكم مِن زملاء يقضون يومهم كاملًا معًا وقلوبهم شتى!
والصداقة علاقة لا تتكون بطلب أحد الأصدقاء أن يكونَ صديقًا للآخر، ولا تنشأ كعقدٍ بين شخصين، بل تأتي طوعًا مع الوقت بحُسْن المعامَلة، وإظهار الأخوة في مواقفَ ستأتي مِن تِلْقاء نفسها، فاحرصي على مَصلحتها، وتَفَقَّدي مواطنَ حاجتها، وابذُلي لها النصحَ، وتقبَّلي منها الخير، وسلي الله التوفيق والصحبة الصالحة، فلا يعلم الخير إلا الله.
أرجو مِن الله أن أكونَ قد وُفِّقْتُ لإرشادكِ إلى مُرادكِ، والوصول إلى مقصودكِ
وفقكِ الله، وأصلح حالك، وجعلكِ هاديةً مَهْديَّةً
والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل
أ. مروة يوسف عاشور
السؤال
♦ الملخص:
فتاة طلبت من زميلة لها أن تكون صديقتها المقربة، لكن الأخت قالت لها: عليك أن تعرفي معنى الصداقة أولًا؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لديَّ صديقة تكبرني بسنواتٍ، معروفة بالحكمة والعقل والرشد، ولديها
خبرة كبيرة في الحياة؛ لذا فهي تُعدُّ المستشارة لدى معظم صديقاتي.
جعل الله لها المحبة في كثير من قلوب الأخوات، وبالرغم من ذلك ليس لديها صديقة مُقرَّبة منها، وأنا أتمنى أن تكون صديقتي، وأن أكون صديقتها.
طلبتُ منها ذلك بشكل مباشر، فأخبرتني أن الصداقة لديها تعني الكثير،
ثم قالت: اذهبي واعرفي معنى الصداقة الحقيقية أولًا ثم أخبريني!
لم تخبرني معنى الصداقة التي تقصدها، لكنها قالت من غير قصد: "الصداقة تصل إلى أن تفدي الصديق بالمال والروح" ولم تشرح لي أكثر مِن ذلك.
أنا - والحمد لله - واعية وعاقلة، وهذه الأخت أعقلُ مني كثيرًا، ولم تشرح لي معنى الصداقة الذي تقصده، فأرجو أن تخبروني بمعنى الصداقة الحقيقية؟
الجواب
بنيتي العزيزة، وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته.
حياكِ الله وبارك فيكِ ورزقكِ الصحبة الصالحة.
مَن أراد أن يبحثَ عن معنى الصداقة الحقيقيَّة فلْيَتَأَمَّلْها في أروع أشكالها، وأعظم شخصياتها، وأرقى معانيها، ذلك الصديق الحق الذي وصفه الله عز وجل بأنه صاحب النبي صلى الله عليه وسلم؛
{ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا }
[التوبة: 40]،
وقد كان الصِّدِّيق رضي الله عنه خيرَ صاحبٍ لرسول الله مِن كثرة ما كانتْ دلائل المحبة وعلامات الصداقة الحقيقية تَفوح مِن تعامُله مع صديقه صلى الله عليه وسلم، فتَجَوَّلي في سيرته، وتنقَّلي بين صفحات كتاب (الرحيق المختوم)، وانظري كيف يُعامل الصديقُ صديقه، وكيف يُؤثِرُه على نفسه ويُؤازِرُه، ويتعاهد معه على الحق، ويتواصيان بالخير ويتناصحان بالحق، ولا يُفضِّل الصديق نفسَه على صديقه في شيءٍ؛ فقد كان يفديه بكل ما يملك، ولا يظن فيه إلا الظن الحسن، ولا يُصدِّق عنه إلا الخير، ولا يُكلِّفه ما لا يُحب، ولا يحمل له في نفسه مِن السوء قيد شعرة، ولا يثقل عليه في شيءٍ، ولا يُحب أن يراه إلا سعيدًا، ويسعى له في مصلحته كأنه يسعى لنفسه بل أكثر!
ويكون الصاحب له خير مُعين على طاعة الله، وخير ناصحٍ له - إذا ما ضلَّ الطريق، وخير مَن يُخفف عنه حزنه؛ يفرح لفرحه، ويهتم بشؤونه جميعًا.
هي علاقةٌ راقية مبنيَّة على التسامح التام وحب الخير المُطْلَق، وأسرعُ الطرق لهَدْمِها كثرةُ اللوم والعتاب.
الصداقةُ أوسعُ مِن أن نُحصيها في استشارةٍ، أو نُجمل معانيها في مقالة؛ فهي كما جاء في وصية رسول الله وتمثيله للمؤمنين؛
( المؤمنون كرجلٍ واحدٍ، إذا اشتكى رأسه تداعى له سائر الجسد
بالحُمَّى والسَّهَر ).
الصداقةُ لا تُقاس بطُول المقام مع الصديق، وعدد الساعات التي يقضيانها معًا؛ فكم مِن قلوبٍ تآلفتْ على المحبة، وتجمعتْ على الأُخُوة الصادقة، ولا يطول بقاؤها معًا، وكم مِن زملاء يقضون يومهم كاملًا معًا وقلوبهم شتى!
والصداقة علاقة لا تتكون بطلب أحد الأصدقاء أن يكونَ صديقًا للآخر، ولا تنشأ كعقدٍ بين شخصين، بل تأتي طوعًا مع الوقت بحُسْن المعامَلة، وإظهار الأخوة في مواقفَ ستأتي مِن تِلْقاء نفسها، فاحرصي على مَصلحتها، وتَفَقَّدي مواطنَ حاجتها، وابذُلي لها النصحَ، وتقبَّلي منها الخير، وسلي الله التوفيق والصحبة الصالحة، فلا يعلم الخير إلا الله.
أرجو مِن الله أن أكونَ قد وُفِّقْتُ لإرشادكِ إلى مُرادكِ، والوصول إلى مقصودكِ
وفقكِ الله، وأصلح حالك، وجعلكِ هاديةً مَهْديَّةً
والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق