أ. رضا الجنيدي
السؤال
♦ الملخص:
رجل يعيش في الغربة، بدأ يكلِّم نفسَه وكأن هناك شخصًا موجودًا يَسأله ويُجيبه، ويريد حلًّا لهذه المشكلة.
♦ التفاصيل:
السلام عليکم ورحمة الله وبركاته:
منذ مدة تعرَّفت على أحد الأشخاص، وبعد ذلك بمدة أصبحت أتکلم مع نفسي بصورة مستمرة،
كأن الشخص الذي تعرَّفت عليه موجود أمامي وأنا أُحادثه، وبالطبع هو غير موجود،
وكلامي مع نفسي عبارة عن أسئلة وأجوبة، وغير ذلك؛ کأن أُعاتبه، أو أُنادي عليه، وغير ذلك.
وقد تعِبت ولا أعرِف الخلاص، علمًا بأنه حاليًّا غير موجود، ولا أستطيع السيطرة على الفك السُّفلي،
وكذا الترکيز، وکنتُ آخذ علاجًا مهدئًا من الدکتور، وحاليًّا هذا العلاج غير متوفر لأني في بلد غير بلدي، ماذا أفعل؟
الجواب
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
الأخ الفاضل، لا تبدو معالم سؤالك واضحةً بالقدر الكافي، بحيث يمكننا الحكم على حالتك بشكل قاطع،
ولكن على أية حال، واضح أنك تعاني نفسيًّا بسبب عُزلتك التي فرضتها عليك ظروفُ العمل، وطبيعة الحياة في بلدة غريبة عن بلدتك،
لذلك فأنت تلجأ إلى تخفيف آثار هذه الوحدة بالحديث مع الذات، وكأنك تعطي نفسك إحساسًا بأنك لست وحدك في هذه الحياة
ولكن هذا الإحساس الذي تحاول أن تَمنحه لنفسك ليس صحيًّا بالقدر الكافي،
بل قد ينقلب معك إلى وضع مزعج ومؤلم، ويسبِّب لك المتاعب النفسية؛ لأنه من الواضح أنك تجاوزت حدودَ الاعتدال والمعقولية فيه.
نصيحتي إليك أخي الفاضل ألا تجلس وحيدًا وقتًا طويلًا فذلك سيزيد من سلبية الحديث مع النفس،
وحاوِل التعرف على صحبة طيبة، وابحَث عن أماكن وجود الجاليات العربية في هذا البلد، واقترِب منهم قدرَ استطاعتك، وأسِّس علاقات جديدة.
اخرُج في أوقات فراغك وتنزَّه في بعض الأماكن، واعتبِر ذلك نوعًا من السياحة والترفيه عن الذات، واكتشاف أشياءَ جديدة في الحياة.
حاوِل التواصل من حين لآخر مع معارفك الذين كانوا حولك في بلدك قبلَ السفر، وذلك عبر شبكات التواصل الاجتماعي،
وخاصة في وقت وجودك بمفردك بالمنزل، وأكثِر من ذكر الله، واجعَل القرآن أنيسَك في وقت وَحدتك.
في نطاق عملك لا تلتزم الصمتَ والانزواء على الذات، بل حاوِل التحدث مع مَن حولك،
وتكوين علاقات حتى لو كانت غير عميقة؛ بحيث تُشعرك بأنك لستَ وحدك، وأن حولك مَن يتواصل معك، وتتواصل معهم أثناء العمل.
عندما تكون وحدك في منزل، اشغل نفسَك ولا تجلس فارغًا، وعندما تجد نفسك
قد بدأت في حالة التفكير في عزلتك ووَحدتك، أو بدأت في الحديث مع الذات،
فقُمْ مسرعًا وافتَح مصحفك، واقرأ بعض الآيات القرآنية، أو اقرأ في أي كتاب يَجذبك، أو مارِس أي عمل يشغلك عن التفكير السلبي، أو الحديث مع الذات.
إذا وجدتَ أن حالتك لا تتحسن بل تزيد، أو كنتَ تسمع صوت الشخص الآخر، يرد عليك ويُجيبك،
وكأنه يتواصل معك بالفعل، فهنا لا بد لك من التواصل مع أحد الأطباء النفسيين؛ ليتابع حالتك خطوة بخطوة، ويرشدك إلى الدواء المناسب لحالتك.
أسأل الله أن يُيسر لك أمرك، ويرزُقك من حيث لا تَحتسب بمن يُؤنس وحدتك، ويُزيل عنك وَحشتَك، ويخفِّف عنك متاعبَ غُربتك.
منقول للفائدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق