السوشيال ميديا .. بوابة الدعاة في عصر التقنية
الدعوة إلى الله تُمثِّل حجَر الزاوية لبناء الأمَّةِ الإسلامية، وهي أقرب القربات
إلى الله وأجلُّها، وأفضل الطاعات وأعظمها، وهي سبيل الهدى والرشاد
وتوصيل الرسالة السماوية الخاتمة إلى البشرية.
اصطفى الله تعالى رسله -عليهم السلام- للقيام بهذه المهمة المقدسة،
وهي تبليغ مراده من الخلق وهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور
-بإذن الله- مصداقًا لقوله:
{ قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعوا إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا
وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ }
[سورة يوسف: 108]؛
فخلفهم الدعاة في أداء هذه المهمة الجليلة.
ومع اتساع الرقعة السكانية حول العالم، واحتياج الأمة الإسلامية لمن
يرشدها ويُعلِّمها صحيحَ الدين، واحتياج غير المسلمين من يبلغهم هداية رب
العالمين، ثم مع تطوُّر وسائل الاتصال، وتطور التقنيات بشكل عام وسريع؛
لنصل إلى الإعلام الرقمي، وما يقدّمه من خدمات جليلة في مجال الدعوة
الإسلامية، بات لزاما على الدعاة استثمار هذه المعطيات جميعًا، تيسيرا لأمر
الدعوة، ووصولا لأكبر قاعدة من جماهير المدعوين؛ تذكيرًا للمسلمين،
وإرشادًا لغيرهم.
ومن حيث إن شَباب اليوم أكثر التصاقا بأدوات ووسائل الاتصال الحديثة،
وما يصحب هذا من قلة غشيان دروس المساجد، فإنه بات لزامًا على الداعية
أن يكون في طليعة مستخدمي وسائل وأدوات التواصل الاجتماعي الحديثة
لمسايرة الشباب، ويجب ألا ينسى الداعية المسلم أن من أولى مهامه العمل
على إعادة الشباب إلى المساجد، وأنه يجب ألا تصبح الوسائل والأدوات
الحديثة بديلا عن المساجد التي هي الأصل.
أصبحت وسائل التواصل الحديثة، والمعروفة بـ"السوشيال ميديا"، من أهم
وسائل الدعوة إلى الله؛ لما لها من قوة التأثير على متابعيها؛ خاصة وأنَّ
مجال الدعوة ذو شقين: أولهما: سعي الدُعاة إلى تحسين التزامهم بالإسلام
من خلال الوعظ والإرشاد والتعليم الذي يكشف محاسن الإسلام للمسلمين،
والثاني: يتمثَّل في دعوة غير المسلمين من خلال هذه الوسائل وما تتيحه
من برامج دعوية متطورة تجعل العالم قريةً صغيرةً وتيسر سبل الدعوة.
لقد أدَّى تنوُّع برامج التواصل الاجتماعي، وسرعة انتشارها، إلى جانب
سهولة استخدامها، ومجانيتها، إلى تسهيل كبير للدعوة إلى الله تعالى،
إضافةً إلى أن إقبال الناس على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي جعلهم
مهتمين بمتابعة الدعاة، ولقد عملت وسائل التواصل الاجتماعي على تكثيف
وتنويع المدعوين، ما بين الطبقة المثقفة أو الفئة المتعلمة الواعية،
وهي وسيلةٌ دعوية متاحة للجميع تؤدي إلى مزيد من التفاعل الحقيقي
بين الداعية والمتلقي.
على أن التعامل مع وسائل التواصل في مجال الدعوة يجب أن يكون
في إطاره السليم؛ من مراعاة أبرز الأولويات في التعامل مع هذه البرامج،
من حسن توظيفها في مجال دعوي حقيقي، بعيدًا عن الملابسات المشبوهة
فضلا عن المحرمات، إلى جانب مواكبة تطورات هذه الوسائل المُتسارعة،
والعمل على استثمار فوائدها وإيجابياتها لتوصيل الدين، ورسالته الخالدة
إلى بقاع العالم المتباعدة، مع استحضار النية الخالصة لله تعالى خلال أداء
دعوي تحفه المشاكل.
إن الإسلام دينٌ مُسالم وشاملٌ ومُنفتحٌ على الآخرين، وتقديم المعلومات
الصحيحة والكافية عن الإسلام والاهتمام بحسن اختيار الدعاة المؤهلين
علميًا ومعرفيًّا، مع ضرورة مناسبة الخطاب الدعوي للمتلقي، وتوافقه
مع حاجاته، مراعياً ظروفه وأحواله.
تحتاج الدعوة الإسلامية إلى دعاة مدربين، مواكبين للعصر وآلياته، تقاةً في
أنفسهم وفي المدعوين، وفي استثمار موارد العصر الهائلة، والمتطورة،
كما إلى تبني قضايا ذات طبيعة مغايرة مما يحتاجه المدعوون المعاصرون،
ومما تعج به الساحة الدعوية من قضايا عصرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق