من قصة بني إسرائيل
لقد أنجى الله بني إسرائيل من عدوّهم فرعون ومنَّ عليهم بنعمٍ كثيرة،
ولكنهم قابلوا هذه النعم بالعصيان والطغيان. هذا هو كتاب الله ينطق
بالحق ليعبرَّ لنا عن حقيقة هؤلاء القوم، وقد وضع الله تعالى بحكمته
كل كلمة من كلمات هذه القصة بشكل يعجز البشر عن الإتيان بمثله.
قصة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل تكررت كثيراً في القرآن،
هذا التكرر يخفي وراءه معجزة رقمية. فعندما يتحدث القرآن عن نجاة
بني إسرائيل من فرعون يُكرّر هذا الحدث بنظام دقيق. فكلمة
{ أَنجَيْنَاكُم} تكررت في القرآن كله {3} مرات في هذه الآيات:
1 ـ {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ}
[البقرة: 2/50].
2 ـ {وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَونَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ
أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ}
[الأعراف: 7/141].
3 – {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ
الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى}
[طه: 20/80].
هذه الكلمة لم ترد في القرآن إلا أثناء الحديث عن بني إسرائيل ولم ترد
في أية قصة أخرى، فهذه الكلمة خاصة ببني إسرائيل واستُخدمت في
وصف الموقف ذاته.
ومع أن السور الثلاثة التي ذكرت فيها هذه الكلمة متباعدة منها ما نزل
بمكة ومنها ما نزل بالمدينة، إلا أنها جاءت منسجمة من حيث المعنى
اللغوي فلا خلاف بينها. والعجيب فعلاً أن ترتيب هذه السور الثلاثة في
القرآن يتبع نظاماً رقمياً.
والعدد الذي يمثل هذه السور الثلاث {2072} ينقسم
على {7} تماماً:
2072 = 7 × 296
لقد أنجى الله تعالى بني إسرائيل من عدوهم فرعون، ليس هذا فحسب
بل أنزل الله عليهم المن والسلوى عسى أن يشكروا نعمة الله عز وجل،
ويحدثنا القرآن عبر {3} آيات عن هذه النعم، فيقول:
1 ـ {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ
مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
[البقرة: 2/57].
2 ـ {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى
إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ
عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ
وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ
يَظْلِمُونَ} [الأعراف: 7/160].
3 ـ {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ
الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} [طه: 20/80].
تتكرر هذه الحقيقة ثلاث مرات ولكن النظام الرقمي يبقى واحداً، ويبقى
الرقم {7} هو محور هذا الإعجاز الإلهي.
إن أرقام السور هذه {2-7-20} تشكل عدداً يقبل القسمة
على {7} تماماً:
2072 = 7 × 296
ولكن قد يسأل سائل: ماذا عن أرقام الآيات؟ ونقول إن كل شيء في هذا
القرآن منظم بنظام دقيق يفوق طاقة الإنس والجن. لذلك رأينا أن أرقام
السور الثلاث تشكل عدداً من مضاعفات الرقم سبعة، ولنكتب الآن
أرقام هذه الآيات الثلاث لنرى أن النظام الرقمي يبقى مستمراً:
إن العدد الذي يمثل هذه الآيات الثلاث هو {8016057}
{عدد مركب من 7 مراتب} ويقبل القسمة على {7} تماماً:
8016057 = 7× 1145151
وهنا نرى أن ناتج هذه القسمة {1145151} عدد مكون
من {7} مراتب ويقبل القسمة على {7} أيضاً:
1145151 = 7× 163593
ولكن بعد هذه النعم العظيمة لبني إسرائيل كيف كان ردهم على ذلك،
وكيف قابلوا هذه النعم؟ لقد قابلوا هذه النعم بالعصيان على الرغم من
سماعهم لصوت الحق، لنتأمل هاتين الآيتين في صفة بني إسرائيل
وكيف عبَّر عنهم البيان الإلهي:
1 ـ {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ
وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ
قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ} [البقرة: 2/93].
2 ـ {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا
وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ
وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ
وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء: 4/46].
إن عبارة سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا لم ترد في القرآن كله إلا في هذين
الموضعين وكما نرى الحديث دائما على لسان بني إسرائيل، وكأن الله
تعالى يريد أن يقول لنا بأن هذه الكلمة لا تليق إلا بهؤلاء، فهي لم ترد
على لسان أي من البشر إلا بني إسرائيل!
هذه الحقيقة نكتشفها اليوم لنعلم حقيقة هؤلاء اليهود الذين حرفوا كلام
الله، لذلك جاءت كلمة {وَعَصَيْنَا} لتعبر تعبيراً دقيقاً عن مضمون
هؤلاء. وقد لاحظتُ شيئاً عجيباً في هاتين الآيتين:
1 ـ الآية الأولى جاءت بصيغة الماضي قَالُواْ ، فهذا يدل على ماضيهم
وتاريخهم في المعصية. ولكي لا يظن أحد أن هذا الماضي انتهى جاءت
الآية الثانية بصيغة الاستمرار وَيَقُولُونَ للدلالة على حاضرهم
ومستقبلهم في معصية أوامر الله تعالى، فهم في حالة عصيان مستمر.
2 ـ ولكن لغة الأرقام تأتي لتنطق بالحق وتصدق قول الله تعالى،
فأرقام السورتين تشكل عدداً يقبل القسمة على {7}، وكما نرى العدد
الذي يمثل السورتين هو{42} يقبل القسمة على {7} تماماً:
42 = 7 × 6
لم يكتفوا بعصيانهم بل أغلقوا قلوبهم وغلفوها بغلاف من الجحود
والكفر، ويأتي البيان القرآني ليصف قلوب هؤلاء على لسانهم،
ولنستمع إلى هاتين الآيتين:
1 ـ {وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ}
[البقرة: 2/88].
2 ـ {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ
وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً}
[النساء: 4/155].
وهنا من جديد نجد أن عبارة قُلُوبُنَا غُلْفٌ لم ترد في القرآن كله إلا في
هذين الموضعين، وهذا يثبت أن كلمات القرآن تُستخدم بدقة متناهية
فكلمة غُلْفٌ هي كلمة خاصة ببني إسرائيل بل لا تليق هذه الكلمة
إلا بهم. ولكن هنالك شيء أكثر إدهاشاً.
1 ـ فــالآيــة الأولـى جـــاءت علـى صيغــة المـــاضـي وَقَالُواْ لتخبرنا
عن ماضي هؤلاء وحقيقة قلوبهم المظلمة، ثم جاءت الآية الثانية
بصيغة الاستمرار وَقَوْلِهِمْ لتؤكد حاضرهم ومستقبلهم أيضاً، وهذا
التدرج الزمني كثير في القرآن، فتسلسل الآيات والسور يراعي هذه
الناحية لذلك يمكن القول بأن القرآن يحوي من الإعجازات ما
لا يتصوره عقل: لغوياً وتاريخياً وعلمياً وفلسفياً وتشريعياً ورقمياً،
ألا نظن أننا أمام منظومة إعجازية متكاملة في هذا القرآن؟
2 ـ في الآية الأولى نلاحظ قول الله تعالى وردّه عليهم
بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ ، وهذا منتهى الذل أن يلعنهم الله فماذا بقي لهم
من الأمل في الدنيا أو الآخرة؟ ولكن الآية الثانية نجد قول الله ورده
عليهم بصيغة ثانية: بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا وهذا يؤكد أنه لا أمل لهذه
القلوب أن تنفتح أمام كلام الله، فقد لعنهم الله وطبع على قلوبهم فماذا
ينتظرون بعد ذلك؟
3 ـ ولكن هل تنطبق هذه المــواصفـات على جميـع اليهــود؟
إن نهايتَي الآيتين تجيبنا على ذلك، فالآية الأولى انتهت بـ
فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ للدلالة على قلة إيمانهم أما الآية الثانية فانتهت بـ
فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً حتى المؤمنون منهم عددهم قليل جداً.
إذن هم قليلو الإيمان كيفاً وكماً. وهنا نتساءل: أليست هذه معجزة
بلاغية فائقة؟
ولكن للأرقام أيضاً بلاغتها ومنطقها، فقد جاءت أرقام السورتين
متناسبة مع الرقم {7}، العدد {42} في هذا الجدول يقبل القسمة
على {7} أيضاً:
42 = 7 × 6
وهكذا لو سرنا عبر قصة بني إسرائيل في القرآن ومواقفهم مع نبي
الله موسى عليه السلام، لرأينا أن كل شيء يسير بنظام، وهذه القصة
تحتاج لبحث مستقل بل مجموعة من الأبحاث لكشف أسرار معجزة
هذا القرآن.
من كتاب الإعجاز القصصي في القرآن الكريم
بقلم المهندس/ عبد الدائم الكحيل
لقد أنجى الله بني إسرائيل من عدوّهم فرعون ومنَّ عليهم بنعمٍ كثيرة،
ولكنهم قابلوا هذه النعم بالعصيان والطغيان. هذا هو كتاب الله ينطق
بالحق ليعبرَّ لنا عن حقيقة هؤلاء القوم، وقد وضع الله تعالى بحكمته
كل كلمة من كلمات هذه القصة بشكل يعجز البشر عن الإتيان بمثله.
قصة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل تكررت كثيراً في القرآن،
هذا التكرر يخفي وراءه معجزة رقمية. فعندما يتحدث القرآن عن نجاة
بني إسرائيل من فرعون يُكرّر هذا الحدث بنظام دقيق. فكلمة
{ أَنجَيْنَاكُم} تكررت في القرآن كله {3} مرات في هذه الآيات:
1 ـ {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ}
[البقرة: 2/50].
2 ـ {وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَونَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ
أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ}
[الأعراف: 7/141].
3 – {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ
الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى}
[طه: 20/80].
هذه الكلمة لم ترد في القرآن إلا أثناء الحديث عن بني إسرائيل ولم ترد
في أية قصة أخرى، فهذه الكلمة خاصة ببني إسرائيل واستُخدمت في
وصف الموقف ذاته.
ومع أن السور الثلاثة التي ذكرت فيها هذه الكلمة متباعدة منها ما نزل
بمكة ومنها ما نزل بالمدينة، إلا أنها جاءت منسجمة من حيث المعنى
اللغوي فلا خلاف بينها. والعجيب فعلاً أن ترتيب هذه السور الثلاثة في
القرآن يتبع نظاماً رقمياً.
والعدد الذي يمثل هذه السور الثلاث {2072} ينقسم
على {7} تماماً:
2072 = 7 × 296
لقد أنجى الله تعالى بني إسرائيل من عدوهم فرعون، ليس هذا فحسب
بل أنزل الله عليهم المن والسلوى عسى أن يشكروا نعمة الله عز وجل،
ويحدثنا القرآن عبر {3} آيات عن هذه النعم، فيقول:
1 ـ {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ
مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
[البقرة: 2/57].
2 ـ {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى
إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ
عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ
وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ
يَظْلِمُونَ} [الأعراف: 7/160].
3 ـ {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ
الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} [طه: 20/80].
تتكرر هذه الحقيقة ثلاث مرات ولكن النظام الرقمي يبقى واحداً، ويبقى
الرقم {7} هو محور هذا الإعجاز الإلهي.
إن أرقام السور هذه {2-7-20} تشكل عدداً يقبل القسمة
على {7} تماماً:
2072 = 7 × 296
ولكن قد يسأل سائل: ماذا عن أرقام الآيات؟ ونقول إن كل شيء في هذا
القرآن منظم بنظام دقيق يفوق طاقة الإنس والجن. لذلك رأينا أن أرقام
السور الثلاث تشكل عدداً من مضاعفات الرقم سبعة، ولنكتب الآن
أرقام هذه الآيات الثلاث لنرى أن النظام الرقمي يبقى مستمراً:
إن العدد الذي يمثل هذه الآيات الثلاث هو {8016057}
{عدد مركب من 7 مراتب} ويقبل القسمة على {7} تماماً:
8016057 = 7× 1145151
وهنا نرى أن ناتج هذه القسمة {1145151} عدد مكون
من {7} مراتب ويقبل القسمة على {7} أيضاً:
1145151 = 7× 163593
ولكن بعد هذه النعم العظيمة لبني إسرائيل كيف كان ردهم على ذلك،
وكيف قابلوا هذه النعم؟ لقد قابلوا هذه النعم بالعصيان على الرغم من
سماعهم لصوت الحق، لنتأمل هاتين الآيتين في صفة بني إسرائيل
وكيف عبَّر عنهم البيان الإلهي:
1 ـ {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ
وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ
قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ} [البقرة: 2/93].
2 ـ {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا
وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ
وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ
وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء: 4/46].
إن عبارة سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا لم ترد في القرآن كله إلا في هذين
الموضعين وكما نرى الحديث دائما على لسان بني إسرائيل، وكأن الله
تعالى يريد أن يقول لنا بأن هذه الكلمة لا تليق إلا بهؤلاء، فهي لم ترد
على لسان أي من البشر إلا بني إسرائيل!
هذه الحقيقة نكتشفها اليوم لنعلم حقيقة هؤلاء اليهود الذين حرفوا كلام
الله، لذلك جاءت كلمة {وَعَصَيْنَا} لتعبر تعبيراً دقيقاً عن مضمون
هؤلاء. وقد لاحظتُ شيئاً عجيباً في هاتين الآيتين:
1 ـ الآية الأولى جاءت بصيغة الماضي قَالُواْ ، فهذا يدل على ماضيهم
وتاريخهم في المعصية. ولكي لا يظن أحد أن هذا الماضي انتهى جاءت
الآية الثانية بصيغة الاستمرار وَيَقُولُونَ للدلالة على حاضرهم
ومستقبلهم في معصية أوامر الله تعالى، فهم في حالة عصيان مستمر.
2 ـ ولكن لغة الأرقام تأتي لتنطق بالحق وتصدق قول الله تعالى،
فأرقام السورتين تشكل عدداً يقبل القسمة على {7}، وكما نرى العدد
الذي يمثل السورتين هو{42} يقبل القسمة على {7} تماماً:
42 = 7 × 6
لم يكتفوا بعصيانهم بل أغلقوا قلوبهم وغلفوها بغلاف من الجحود
والكفر، ويأتي البيان القرآني ليصف قلوب هؤلاء على لسانهم،
ولنستمع إلى هاتين الآيتين:
1 ـ {وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ}
[البقرة: 2/88].
2 ـ {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ
وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً}
[النساء: 4/155].
وهنا من جديد نجد أن عبارة قُلُوبُنَا غُلْفٌ لم ترد في القرآن كله إلا في
هذين الموضعين، وهذا يثبت أن كلمات القرآن تُستخدم بدقة متناهية
فكلمة غُلْفٌ هي كلمة خاصة ببني إسرائيل بل لا تليق هذه الكلمة
إلا بهم. ولكن هنالك شيء أكثر إدهاشاً.
1 ـ فــالآيــة الأولـى جـــاءت علـى صيغــة المـــاضـي وَقَالُواْ لتخبرنا
عن ماضي هؤلاء وحقيقة قلوبهم المظلمة، ثم جاءت الآية الثانية
بصيغة الاستمرار وَقَوْلِهِمْ لتؤكد حاضرهم ومستقبلهم أيضاً، وهذا
التدرج الزمني كثير في القرآن، فتسلسل الآيات والسور يراعي هذه
الناحية لذلك يمكن القول بأن القرآن يحوي من الإعجازات ما
لا يتصوره عقل: لغوياً وتاريخياً وعلمياً وفلسفياً وتشريعياً ورقمياً،
ألا نظن أننا أمام منظومة إعجازية متكاملة في هذا القرآن؟
2 ـ في الآية الأولى نلاحظ قول الله تعالى وردّه عليهم
بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ ، وهذا منتهى الذل أن يلعنهم الله فماذا بقي لهم
من الأمل في الدنيا أو الآخرة؟ ولكن الآية الثانية نجد قول الله ورده
عليهم بصيغة ثانية: بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا وهذا يؤكد أنه لا أمل لهذه
القلوب أن تنفتح أمام كلام الله، فقد لعنهم الله وطبع على قلوبهم فماذا
ينتظرون بعد ذلك؟
3 ـ ولكن هل تنطبق هذه المــواصفـات على جميـع اليهــود؟
إن نهايتَي الآيتين تجيبنا على ذلك، فالآية الأولى انتهت بـ
فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ للدلالة على قلة إيمانهم أما الآية الثانية فانتهت بـ
فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً حتى المؤمنون منهم عددهم قليل جداً.
إذن هم قليلو الإيمان كيفاً وكماً. وهنا نتساءل: أليست هذه معجزة
بلاغية فائقة؟
ولكن للأرقام أيضاً بلاغتها ومنطقها، فقد جاءت أرقام السورتين
متناسبة مع الرقم {7}، العدد {42} في هذا الجدول يقبل القسمة
على {7} أيضاً:
42 = 7 × 6
وهكذا لو سرنا عبر قصة بني إسرائيل في القرآن ومواقفهم مع نبي
الله موسى عليه السلام، لرأينا أن كل شيء يسير بنظام، وهذه القصة
تحتاج لبحث مستقل بل مجموعة من الأبحاث لكشف أسرار معجزة
هذا القرآن.
من كتاب الإعجاز القصصي في القرآن الكريم
بقلم المهندس/ عبد الدائم الكحيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق