الثلاثاء، 22 ديسمبر 2020

علاج التفكير في الانتحار (02)

 علاج التفكير في الانتحار (02)


(6) الرضا برزق الله تعالى:

من وسائل الابتعاد عن التفكير في الانتحار الرضا برزق الله تعالى؛

قال تعالى:

{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }

[الأعراف: 31].

1- روى مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

((قد أفلح من أسلم، ورُزق كَفافًا، وقنَّعه الله بما آتاه))؛

[مسلم حديث: 1054].

• قوله: ((قد أفلح)): أي: فاز وظفر بالمقصود، ((من أسلم)): أي: انقاد لربه

المعبود، ((ورُزق)): أي: من الحلال، ((كفافًا)): أي: ما كفاه في أمر دنياه،

وكفَّه عما سواه، ((وقنَّعه الله)): أي: جعله قانعًا ((بما آتاه)): أي: بما أعطاه

إياه، بل جعله شاكرًا لما أعطاه راضيًا بكل ما قدره وقضاه؛

[مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج: 8، ص: 3234].

2- روى الشيخان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((ليس الغِنى عن كثرة العَرَضِ، ولكن الغنى غنى النفس))؛

[البخاري حديث: 6446، مسلم حديث: 1051].

• قوله: ((العرض)): أي: متاع الدنيا.

• قوله: ((الغِنى غِنى النفس)): أي: الغِنى الحقيقيُّ هو قناعة النفس بما

أعطاه المولى، والتجنب عن الحرص في طلب الدنيا.

(7) المحافظة على إقامة الصلاة:

إن محافظة المسلم على إقامة الصلاة من وسائل التغلب على التفكير

في الانتحار؛ قال الله تعالى:

{ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ }

[البقرة: 45].

قال محمد بن نصر المروزي رحمه الله: "أمر الله عباده أن يفزعوا إلى

الصلاة، والاستعانة بالصلاة على كل أمرهم من أمر دنياهم وآخرتهم، ولم

يخصَّ بالاستعانة بها شيئًا دون شيء"؛ [تعظيم قدر الصلاة للمروزي،

ج: 1، ص: 218].

لقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إذا نزل به كرب، استعان بالصلاة؛

رجاءَ أن يكشف الله تعالى عنه هذا الكرب؛ روى أبو داود عن حذيفة

بن اليمان رضي الله عنه قال:

((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حَزَبَهُ - أصابه أو نزل به - أمرٌ –

همٌّ أو غمٌّ - صلَّى))؛

[حديث حسن، صحيح أبي داود للألباني، حديث: 1171].

• قوله: ((صلَّى)): أي: تسهيلًا للأمر وامتثالًا للأمر الذي في قوله تعالى:

{ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ } [البقرة: 45]؛ أي: بالصبر على البلايا

والالتجاء إلى الصلاة؛ [مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج: 3، ص: 990].

• قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

((لقد رأيتُنا ليلةَ بدر وما فينا إلا نائم غير رسول الله صلى الله عليه وسلم

يصلي ويدعو حتى أصبح))؛

[تعظيم قدر الصلاة، للمروزي، ج: 1، ص: 231، رقم 213].

(8) الدعاء:

معنى الدعاء:

الدعاء: هو إظهار غاية التذلل والافتقار إلى الله والاستكانة له؛

[فتح الباري لابن حجر العسقلاني، ج: 11، ص: 98].

1- قال تعالى:

{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ

فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [البقرة: 186].

2- قال سبحانه:

{ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ

أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ } [النمل: 62]؛

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "ينبه تعالى أنه هو المدعوُّ عند الشدائد،

المرجوُّ عند النوازل"؛ [تفسير ابن كثير، ج: 6، ص: 203]،

وقال الشيخ جمال الدين القاسمي رحمه الله: "قوله: (المضطر): هو الذي

أحوجه مرض أو فقر أو نازلة من نوازل الدهر إلى التضرع إلى الله تعالى"؛

[تفسير القاسمي، ج: 7، ص: 500].

3- روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً

من قلبٍ غافلٍ لاهٍ))؛

[حديث صحيح، صحيح الترمذي للألباني، حديث: 2766].

• قوله: ((وأنتم موقنون بالإجابة)): أي: وأنتم معتقدون أن الله لا يخيِّبكم

لسَعَةِ كرمه، وكمال قدرته، وإحاطة علمه، لتحقق صدق الرجاء وخلوص

الدعاء؛ لأن الداعيَ ما لم يكن رجاؤه واثقًا، لم يكن دعاؤه صادقًا.

• قوله: ((قلب غافل لاهٍ)): أي: قلب معرض عن الله تعالى؛

[مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج: 4، ص: 1531].

(9) حضور مجالس العلم:

حضور مجالس العلم النافع من الوسائل المهمة التي تساعد المسلم على

تصحيح عقيدته، وتساعده في التغلب على الشعور بالوحدة والاكتئاب،

وتصرفه عن التفكير في الانتحار؛ لأنها مجالس مباركة تحفُّها الملائكة،

ويباهي الله تعالى بالحاضرين فيها الملائكةَ.

1- روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل

إلا حفَّتهم - تظلهم - الملائكة بأجنحتها وغشِيَتْهم الرحمة، ونزلت عليهم

السكينة، وذَكَرَهم الله فيمن عنده))؛ [مسلم حديث: 2700].

• قوله: ((إلا حفتهم الملائكة)):

أي: أحاطت بهم الملائكة الذين يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر.

• قوله: ((وغشيتهم الرحمة)): أي: غطتهم الرحمة الإلهية الخاصة

بالذاكرين الله كثيرًا والذاكرات.

• قوله: ((ونزلت عليهم السكينة)): أي: الطمأنينة والوقار؛ ولقوله تعالى:

{ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } [الرعد: 28].

• قوله: ((وذَكَرَهم الله)): أي: مباهاةً وافتخارًا بهم بالثناء الجميل عليهم،

وبوعد الجزاء الجزيل لهم ((فيمن عنده)): أي: من الملائكة المقربين؛

[مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج: 4، ص: 1540].

2- روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال النبي صلى الله عليه وسلم:

((إن لله ملائكةً يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قومًا

يذكرون الله، تنادَوا: هلمَّوا إلى حاجتكم، قال: فيحفونهم بأجنحتهم

إلى السماء الدنيا))؛ [البخاري، حديث: 6408].

(10) حملات التوعية في المجتمع:

يجب الاهتمام بعمل التوعية اللازمة لأفراد المجتمع عن طريق وسائل الإعلام

المرئية والمسموعة والمقروءة؛ لتوضيح أخطار جريمة الانتحار على الفرد

أو المجتمع، وعمل برامج علاجية تتشارك فيها الأسرة والمدرسة مع

المعالج النفسي؛ للنهوض بشخصية المصاب والتركيز على الجوانب الإيجابية لديه،

ومساعدته على القيام بدوره في المجتمع، ومتابعته

وتحسين ما يمكن تحسينه في محيطه الاجتماعي.

أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل هذا العمل خالصًا

لوجهه الكريم، وأن يجعله ذُخرًا لي عنده يوم القيامة

{ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }، كما أسأله

سبحانه أن ينفع به طلاب العلم الكرام، وآخر دعوانا

أن الحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق