القواعد الحسان في الاستعداد لرمضان (10)
إن الجد في السير إلى الله عز وجل ، والتشمير لمواسم الطاعة لا يكون
إلا بصدق العزيمة ، وأن دعوى الإنسان رغبته في طاعة الله عز وجل
والإجتهاد له في الخدمة لا يكون بمجرد الكلام بل يحتاج ألى التخطيط ،
ويحتاج إلى التنظيم في أمور حياته بما يفيد أن دعواه
الى الله عز وجل صادقة..
وقلنا أن من أعظم المواسم التي يستقبلها الناس في حياتهم
هو شهر رمضان المعظم
وأن إستقبالهم لهذا الشهر يحتاج إلى نوع من الصدق والإخلاص، وأن
كثيرا من المسلمين يظنون أنهم إذا هجم عليهم الشهر سيستطيعون أن
يجتهدوا ويشمروا تلقائيا
وذكرنا أن ذلك من تغرير الشيطان ، وأن الإنسان لابد له من تمارين
في العزيمة، ولابد له من معارف وعلوم وأصناف من الفنون يتعلمها
ويطبقها وينفذها قبل الشهر المعظم ، حتى يدخل الشهر عليه ونفسه مواتية
للطاعة وعنده أريحيه وإقبال فطري على طاعة الله سبحانه وتعالى
وقلنا أن ذلك من أعظم المنن أن يواتي الطاعة بأريحية ، وأن لا نقوم إليها
كسالى كما يقوم اليها المنافقون اذا قاموا إلى الصلاة
وذكرنا أولى القواعد التي نستهل بها الإستعداد لشهر رمضان
وهو بعث الشوق إلى الله عز وجل واستثارته
وقلنا أن بعث الشوق إنما هو في حق من مات الشوق
إلى الله عنده وإلى طاعته وإلى خدمته
وأما إستثارته فهو في حق من وجد الشوق عنده في حق الله ، ولكنه خبا
نورة وخبث بسبب كثرة الذنوب والمعاصي ، وتوالي الأيام والدهور ، دون
إجتهاد وتشمير في طاعة الله تبارك وتعالى
وذكرنا أن هذا الشوق إلى الله عز وجل لا يستثار ولا يبعث إلا بأربعة أمور
1- مطالعة أسماء الله تبارك وتعالى وصفاته العلا ، تعلماً وإحصائاً وتفاعلاً
2- مطالعة منن الله تبارك وتعالى العظيمة وآلاءه الجسيمة
3- التحسر على فوات الأزمنة في غير طاعة الله
تستذكر ما فاتك من رمضانات متوالية متعددة لم تجتهد فيها أو لم تُرِّ الله
تبارك وتعالى من نفسك فيها ما يرضاه عز وجل ، فإن تذكر تلك المواسم
الفائته جدير أن يبعث في الإنسان شوقاً وطاقة ووقوداً عظيما
للتشمير للرمضانات الآتية
4- تذكر سبق السابقين من عباد الله المجتهدين الطائعين
وإستحضار نفسك مع المخلفين القاعدين..
فإن الإنسان إذا رأى ركائب الإيمان تجتهد في سيرها وتجد في ثراها الى الله
تبارك وتعالى ، ثم هو بعد ذلك مخلف عن هذه الركائب فإنه يتولد في نفسه
غيرة على نفسه من التخلف عن ركب الإيمان ، وعن التأخر عن طريق
الصالحين فيتولد في نفسه الرغبة والطاقة والوقود الذي به يستحث به السير
إلى الله عز وجل
القاعده الثانية التي نستهل بها شهر رمضان
القاعدة الثانية
معرفة فضل المواسم ومنة الله فيها ،
وفرصة العبد منها
أعلم رحمك الله
أن أي عمل ينشأ عن الإنسان إنما هو بسبب معرفته أن هذا العمل فيه فضيلة
وإلا فإنه وإن لم يُرغب في هذا العمل ، أو يُرهب من تركه فإنه لن تواتيه
نفسه للإقبال عليه لو لم يُرغب في الطاعة في الصلاة مثلا ، ولو لم يُرهب
من تركها ، لما كان في النفس أي شوق او أي رغبة في فعلها
لذلك تفسر ترك النفل في الصلاة ، لماذا؟
نشأوا من صغرهم وليس هناك أحد يرغبهم في الصلاة ، وليس هناك أحد
يرهبهم من مغبة ترك الصلاة فنشأ أن الصلاة أو أي طاعة عنده مسألة
اختيارية فلو أتاها . فإنما يأتيها منة وتفضلاً منه على الله عز وجل اا
ولكنه لا يدرك المسكين ، أن هذة الصلاة فيها منفعة له ومصلحة ، وأن
تركها يؤدي إلى مضرة تلحقه ولابد يوم القيامة .. هو لا يدري ذلك !!
فكذلك مواسم الطاعة التي تُضاعف فيها الجزائات والثواب من الله عز وجل
ومادام الإنسان في جهل منها، وعلى غُفل من حقيقتها ، فإنه لن يشمر
ساعد الجد إليها
ومثلنا قديما قضية التبكير إلى صلاة الجمعة لأنها سنة مهجورة
إلى الآن لم نجد في أي مسجد من المساجد أن مسجد من المساجد يمتليء
قبل مجيء الإمام ، إلا لبعض الدعاة المخصوصين اللذين يأتون
من أماكن بعيدة
ولكن المساجد العادية لا تجد أبدا أن المساجد تمتليء قبل مجيء الإمام ،
بل في غالب الأمر أن المسجد لا يبتدأ الناس المجيء إليه إلا بعد ابتداء
الإمام الخطبة
يقول الشيخ :
ورأيت بأم عيني كثيرا من الناس ينتظرون من شرفاتهم .. فكنت قد أبتليت
بمرض في الأسابيع الفائته فأضطرت إلى الصلاة في مسجد قريب ، فالمسجد
القريب خرج مبكرا فخرجت أقض بعض المصالح ، فرأيت بعض المساجد
مازالت تصلي ورأيت الناس يتقاطرون من بيوتهم ليدركوا صلاة الجمعة
في المسجد ..
هذا إن دل على شيء دل أن هؤلاء لا يدركون أصلا مفسدة ترك تبكير
الجمعة، ولا يدركون ثوابها فلو أحدهم مثلا قرأ حديث النبي صلي الله عليه وسلم
في هذا الصدد وتمثل معناه وتفاعل معه ، في قوله صلى الله عليه وسلم
( من غسل وأغتسل وبكر وأبتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام وأنصت
ولم يلهوا كان له بكل خطوة يخطوها إلى المسجد أجر سنة
صيامها وقيامها)
صحيح
لو تفاعل مع هذا النص وأدرك عظيم الجزاء الذي فاته لا شك أن يكون عنده
موقف آخر في التعامل مع هذه الطاعة كذلك من يدرك مثلا أن السنن المؤكدة
سنن الصلوات لها فضيلة عظيمة عند الله عز وجل ، بغض النظر مجرد
كونها سنة فمن سمع مثلا قول الرسول صلى الله عليه وسلم
( من صلى لله في اليوم والليلة إثنتي عشرة ركعة ،
بنى الله له بيتا في الجنة )
التي هي السنن المؤكدة حينما يعلم هذا الفضل ، تزداد رغبته في المحافظة
على هذة الطاعة ولذلك منشأ بعض عزيمتنا وهمتنا في شهر رمضان
أو في غيره من المواسم ، منشئه جهلنا التام المركب بحقيقة فضيلة
هذه المواسم
يتبع بإذن الله
الاثنين، 29 مارس 2021
القواعد الحسان في الاستعداد لرمضان (10)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق