الثلاثاء، 6 فبراير 2024

حسن الخلق

حسن الخلق


حسن الخلق قسمان:

أحدهما: مع الله عز وجل، وهو أن يعلم أن كل ما يأتي منك يوجِب عذرًا، وكل ما يأتي من الله يوجب شكرًا،

فلا تزال شاكرًا له معتذرًا إليه سائرًا إليه بين مطالعة منّته وشهود عيب نفسك وأعمالك.

والقسم الثاني: حسن الخلق مع الناس، وجِمَاعه أمران: بذل المعروف قولًا وفعلًا، وكف الأذى قولًا وفعلًا.

وهذا إنما يقوم على أركان خمسة: العلم، والجود، والصبر، وطِيب العُود، وصحة الإسلام.

أما العلم فلأنه به يَعرف معالِيَ الأخلاق وسَفْسافَها، فيمكنه أن يتصف بهذا ويتحلّى به، ويتركَ هذا ويتخلّى عنه.

وأما الجود فسماحة نفسه وبذلُها وانقيادُها لذلك إذا أراده منها.

وأما الصبر فلأنه إن لم يصبر على احتمال ذلك والقيام بأعبائه لم يتهيأ له.

وأما طِيب العُود فأن يكون الله تعالى خَلَقه على طبيعة منقادة سهلة القياد،

سريعةِ الاستجابة لداعي الخيرات. والطبائع ثلاثة: طبيعة حجرية صلبة قاسية،

لا تلين ولا تنقاد؛ وطبيعة مائية هوائية سريعةُ الانقياد، مستجيبةٌ لكل داع،

كالغصنِ أيُّ نسيمٍ مرّ يعطفه ــ وهاتان منحرفتان؛ الأولى لا تقبل، والثانية لا تحفظ ــ؛

وطبيعة قد جمعت اللين والصلابة والصفاء، فهي تقبل بلينها، وتحفظ بصلابتها

وتدرك حقائق الأمور بصفائها، فهذه الطبيعة الكاملة التي ينشأ عنها كل خُلُق صحيح.

وأما صحة الإسلام فهو جماع ذلك والمصحّح لكل خلق حسن، فإنه بحسب قوة إيمانه وتصديقه بالجزاء

وحسنِ موعود الله وثوابِه يسهُل عليه تحمّل ذلك، ويَلَذُّ له الاتصاف به، والله الموفق المعين.

ابن القيم | تهذيب سنن أبي داود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق