الأربعاء، 7 فبراير 2024

تقديرُ الخَيْرِ والشَّر

تقديرُ الخَيْرِ والشَّر



وكلُّ شيءٍ بتقديرِ اللهِ؛ خيرًا كان أو شرًا؛ كما في حديث جبريلَ؛

قال ﷺ: «وَتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»، ويُروَى في حديثِ جابرٍ؛

قال ﷺ: «لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ».


واللهُ لا يقدِّرُ لعبادِهِ شرًا محضًا، كما أنَّه لا يخلُقُ شرًا محضًا ولا راجحًا على الخيرِ ولا مساوِيًا له،

إلا وهو يَؤُولُ إلى خيرِ في عمومِه، وقد يَرَى العبادُ وجهًا من وجوهِ التقديرِ، فيَرَوْنَ شرًا محضًا

أو غالبًا أو مساويًا، ويخفى عنهم ما لَوْ رأَوْهُ، لَعَلِموا عظيمَ خلقِ اللهِ وتقديرِهِ وحكمتِه.


قد شرَعَ اللهُ الاستعاذةَ من الشرِّ النِّسْبيِّ الذي يراهُ العبدُ من القضاءِ عليه؛

كما في (الصحيحين)؛ قال ﷺ: «تَعَوَّذُوا باللهِ مِنْ جَهْدِ البَلَاءْ، وَدَرَكِ الشَّقَاءْ،

وَسُوءِ القَضَاءْ، وَشَمَاتَةِ الأعْدَاءْ».

العقلُ قبلَ النقلِ دالٌّ على أن الخالقَ لا يَخلُقُ شرًا محضًا، بل يُقِرُّ بهذا فلاسفةٌ؛

كبَارُوخْ سِبِينُوزَا؛ كما في (الرسالةِ الموجَزةِ في اللهِ والإنسان)، وكان من أصلٍ يهوديِّ،

فيَرَى بُدُوَّ الشرِّ في الدنيا؛ لأنَّ إدراكَ الناسِ ضعيفٌ محدودٌ؛ لكونِهِ ينظُرُ من ناحيةٍ؛

فينقُصُ نظرُهُ للأحداثِ؛ حيثُ يتلقَّى الشرَّ من ناحيتِهِ التي يَرَى فحسبُ.

من لم يسلِّمْ للنقلِ، لم يَستقِرَّ له رأيٌ على قدَمٍ؛ فالعقولُ مهما بلَغَتْ، تتبايَنُ نتائجُها في الأمرِ الواحدِ:

فأفلَاطُونُ يَرَى الشرَّ من الجهلِ، ليس مِن الآلهةِ وتقديرِها، وسُقْراطُ ينفي القدَرَ كلَّه.

- المغربية في شرح العقيدة القيروانية (صـ١٥٩.١٥٨). 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق