في
يوم من الأيام
كنت
أتكلم عن حسن الخاتمة وسوئها، وبعد الانتهاء من الكلمة تقدم شاب
عليه
آثار الحزن، وبدأت آثار الاستقامة تظهر على وجهه،
فقال:
سأذكر لك قصة جدي؛ كان جدي حافظًا لكتاب الله، ويعلمه للناس
بدون
أجر، فكبر سنه ورق عظمه وبلغ من الكبر عتيًا، حتى أنه فقد
الذاكرة
فنسي جميع من يعرفهم؛ حتى أسماء أبنائه، واستمرت هذه الحالة
عشرين
سنة، ولكن العجيب أنه إذا قرأ القرآن- وكنت بجواره أسمع له-
أجده
لا يخطئ في حرف واحد.
وفي يوم من الأيام في
وقت السحر- وقت نزول الرحمن الذي يليق
بجلاله-
وإذا بجدي ينادي باسم أبي: يا عبد الله. وقد نسيه منذ عشرين
سنة،
فرح أبي وانطلق مسرعًا إلى غرفة أبيه فرحًا بأنه استعاد الذاكرة،
فقال:
ماذا تريد يا أبي؟ فكان جدي- رحمه الله- ينظر إلى ناحية من
الغرفة
فقال:
يا بني هل ترى هذين الرجلين الجميلين الذين يرتدي كل منهما
عمامة
بيضاء؟! التفت أبي فما رأى شيئًا! قال: يا أبي، إني لا أرى
شيئًا.
فقال
جدي رحمه الله: صدق الله
{
فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ
}
[ق: 22].
وكأنه
رحمه الله يشير إلى حديث النبي صلى الله عليه
وسلم
الذي
رواه البراء بن عازب:
«إن
العبد المؤمن إذا كان في انقطاع منالدنيا وإقبال من الآخرة
نزل
إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس
معهم
كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة
حتى
يجلسوا منه مد البصر ... الحديث»
ثم
رفع سبَّابته وقال: أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول
الله.
ثم فاضت روحه إلى الله،
نسأل الله أن يبعثه يوم القيامة قارئًا
للقرآن.
فانظر يا أخي في الله
إلى هذه الخاتمة الحسنة؛ أن يموت الإنسان قارئًا
لكتاب
الله، ويحشر على هذه الحال، أو أن يموت- والعياذ بالله-
مغنيًا
أو مطبلاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق