بكى محمد بن المنكدر ليلة فكثر بكاؤه حتى فزع أهله ,
فأرسلوا إلى أبى حازم , فجاء إليه فقال: ما الذى أبكاك؟
قد رعت أهلك.
قال: مرت بى آية من كتاب الله عز وجل
{ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ } الزمر(47),
فبكى أبو حازم معه ,
فقال أهله لأبى حازم جئنا بك لتفرج عنه فزدته.
قال يزيد بلان الكميت:
كان أبو حنيفة-رحمه الله- شديد الخوف من الله تعالى ,
فقرأ بنا علي بن الحسين المؤذن ليلة من العشاء الأخيرة
سورة { إِذَا زُلْزِلَتِ } وأبو حنيفة خلفه ,
فلما قضى الصلاة وخرج الناس , نظرت إلى أبى حنيفة وهو
جالس يتذكر ويتنفس , فقلت: أقوم , لا يستغل قلبى بى ,
فلما خرجت تركت القنديل ولم يكن فيه إلا زيت قليل ,
فجئت وقد طلع الفجر , وهو قائم , وقد أخذ بلحية نفسه ,
وهو يقول: يا يجزى بمثقال ذرة خير خيرا , ويا من يجزى بمثقال
ذرة شر شرا , أجر النعمان عبدك من النار,
ومما يقرب منها السوء , وأدخله فى سعة رحمتك.
قال: فأذنت , وإذا القنديل يزهر , وهو قائم ,
فلما دخلت قال لى: تريد أن تأخذ القنديل؟
قلت: قد أذنت لصلاة الغداة. فقال: اكتم على ما رأيت.
وركع ركعتين , وجلس حتى أقمت الصلاة , وصلى معنا الغداة
على وضوء أول الليل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق