{ ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا }
وبين
{ ووصينا الإنسان بوالديه حسنا }
حينما نقرأ كلام الله سبحانه عن بر الوالدين ونتأمل
بالتحديد كلمة الإحسان نجد أنها وردت في بعض الآيات {إحسانا}
وفي بعضها {حسنا}
هل تأملت ذلك.؟
ألم يلفت انتباهك لماذا وردت كذلك.؟
فما السبب في ذلك.؟
اعلموا أنه قد ورد الأمر بالإحسان للوالدين بلفظ (إحسانا)
في خمسة مواضع في كتاب الله وهي:
1⃣{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ
لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ........}
(83) البقرة.
2⃣{ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ................... }
...(36) النساء.
3⃣{ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ
أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا... }
(151) الأنعام.
4{ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا }
(23) الإسراء.
5⃣{ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا
وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا .............}
(15) الأحقاف.
أما كلمة {حسنا} فوردت مرة واحدة وهي:
{ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا
وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا... }
(88) العنكبوت
أما في سورة لقمان لم ترد (إحساناً) ولا (حسنا)
حيث قال
{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ
وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14)
وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا
وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ....(15) }.
وذلك أن الإحسان أعلى مرتبة من الحسن،
تعامل الآخرين بالحسنى قد يكون عاديا ،
لكن تعاملهم بالاحسان هو أعلى من الحسن .
فالوالدان في المواضع الخمسة قد اتحدا مع الولد في عبادة الله
فأمره بالإحسان إليهما غاية (فالوالدان مؤمنين )
الإحسان بالإتيان بكلمة {إحسانا}
أما في العنكبوت التي ذكر فيها {حسنا} فالوالدان مشركان فلا يدفعه ذلك
للقطيعة والشرك لا يسقط حقهما بل أمره بالحسنى معهم
وهي أقل من الإحسان.
ولو تأملنا أيضا آية العنكبوت السابقة مع آية لقمان
كلا الآيتين ذكرت مجاهدة الوالدين للولد على الشرك
قال في العنكبوت:
{وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي}
أما في لقمان
فقال:
{ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي}
وَالْمُجَاهَدَةُ: الْإِفْرَاطُ فِي بَذْلِ الْجُهْدِ فِي الْعَمَلِ، أَيْ أَلَحَّا لِأَجْلِ أَنْ تُشْرِكَ بِي.
{ لِتُشْرِكَ بِي}
فاللام هنا للتعليل أما في لقمان فقال:
{عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي}
هذه أقوى هنا الوالدان أشد مجاهدة
(على) فيها اشتراط وفي حرف الجر استعلاء،
فلما كان الوالدان في العنكبوت أقل مجاهدة قال {حسنا}
وأما في لقمان لما كانا أشد مجاهدة لم يذكر حسنا ولا إحسانا،
بل قال:
{ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا }
فأمره بمصاحبتهما بالمعروف.
سبحان الله العظيم .
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق