علمني الإسلام أن أكون ورعًا، في مأكلي ومشربي، وفي معايشتي
للناس، أتقي الشبهات وأتجنبها خشية الوقوع في الحرام،
وما ترددت فيه هل هو حلال أم حرام ؟ وكرهت أن يطلع الناس عليه،
تركته، استبراءً لديني وعرضي، إنما أقبل على ما اطمأن إليه قلبي،
بعد السؤال والموازنة، وأترك ما التبس علي ، وإن الذي يدور حول
الشبهات لابد أن يقع فيها، والشبهات قريبة من الحرام، والوقوع
فيها يفتح الطريق أمام الوقوع في ا لحرام، فالخير في أن أدع ما
يريبني إلى ما لا يريبني، بأن أترك ما أشك فيه، وآخذ ما لا أشك فيه .
وأصل الورع الإقبال على الفرائض وترك المحارم، وطلب الحلال من
مظانه ، فهو باب واسع من الحياة، وفي حديث صحيح بطرقه ورد
قوله صلى الله عليه وسلم :
( فضل العلم خير من فضل العبادة، وملاك دينكم الورع ) .
ومن الورع : ترك فضول النظر، يعني غض البصر ، وكذا فضول
السمع، من أحاديث لا خير فيها ولا نفع .
والورع في اللسان لا يجهله المسلم، ومع ذلك يغلبه على نفسه،
حتى قال بعض السلف :
( فتشت الورع، فلم أجده في شيء أقل منه في اللسان )
وقال آخر : إنك لتعرف ورع الرجل في كلامه .
وكذا الورع في شهوتي البطن والفرج... والآثار في ذلك عديدة،
وأخبار السلف المحمودة في ذلك كثيرة جليلة .
وإذا عرجت على الورع في باب البيع والشراء وما يطلب فيه من
المسلم مراعاته، لألفيته قليلًا في عصر «التجارة الحرة»،
واختلاط الحلال فيه بالحرام... عندئذٍ يبرز فضل الورع
وفضيلة الورعين، ولعلهم قليلون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق