سنة كفارة المجلس، حيث تركتب ألسنتا بعض المعاصي حتى لو اجتهدنا
في مغالبة ذلك، وسنة كفارة المجلس هي سنة نبوية جميلة يُغفر بها ما
يكون في تلك المجالس كثيرًا ما ترتكب ألسنتُنا المعاصيَ في مجالسنا!
فهذه غيبة، وهذه نميمة، وقد يكون هناك فحش في القول، أو سخرية
واستهزاء، أو رجم بالغيب، وقد نكذب ولو مازحين، أو نغضب فنخرج
عن شعورنا بما لا يليق، وهكذا! إن ألسنتنا توردنا المهالك،
وما أبلغ ما ردَّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاذ بن جبل
رضي الله عنه حين سأله -كما روى الترمذي وقال: حسن صحيح-:
( يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ
-أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ»)
. فماذا نفعل حيال هذه المشكلة الكبرى؟ إن أسلم الطرق لا شك أن نحترس
من كل آفات اللسان، فلا نتكلم إلا بما يُرْضِي الله، ومع ذلك
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أن نفوسنا ضعيفة، وأننا سنقع
لا شك في معاصي اللسان مهما اجتهدنا؛ لذلك جعل لنا هذه السُّنَّة النبوية
الجميلة التي تمسح ذنوبنا أولاً بأول، وهي سُنَّة كفارة المجلس!
روى الترمذي -وقال الألباني صحيح-
عَنْ أبِي هريرةَ رضي الله عنه، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
( مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ، فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ:
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.
إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ )
. فلْنحفظْ هذا الدعاء، ولْنقله في نهاية كل مجالسنا،
ونسأل الله أن يغفر لنا كل ذنوبنا. ولا تنسَوْا شعارنا:
{وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}
[النور: 54].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق