السؤال
♦ ملخص السؤال:
شابٌّ يدرس في كلية الطب، يريد التخلص من التعلق المنحرف
بالأشخاص.
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا (عبدٌ يبتغي رحمة الله)، طالبٌ في كلية الطب، الحمدُ لله نشأتُ
ملتزمًا، طيب القلب، بعيدًا عن رفقة السوء.
في الصِّغَر تعلَّقتُ بصديقٍ تعلقًا محرَّمًا، ثم تأذيتُ وانقلبتْ حياتي،
وسألتُ الله أن يصرفَ هذا الشرَّ عني، فصَرَفَه الله تعالى، وبعد سنين
رجعَتِ العلاقةُ بشكل أقوى من السابق، وملتُ إليه جنسيًّا،
وتعلقتُ به، وصار هو كل فكري!
أنا أُدرك أن هذا خطأ، لكنه شيءٌ خرَج عن يدي، وتطوَّرت الأمور بيننا،
وعندما رأيتُ منه تغيرًا بسيطًا، اشتعلتْ نارُ الغيرة في قلبي، ونار الوسوسة،
ونار الاكتئاب، وكرهتُ كل شيء، ولم يَعُدْ همي سوى
التأكد مِن أن الشيء الذي أغار منه لم يحدثْ!
انقلبتْ حياتي، وتأثَّر التزامي ودراستي وعلاقاتي بكلِّ مَن أعرف،
وانقلب كلُّ شيء، وما زالتْ نار الاكتئاب والوسوسة تؤثِّر عليَّ.
أشعر أني دُمِّرْتُ نفسيًّا، وأعلَم أنه شيءٌ تافهٌ، لكنه ليس بيدي،
فهذا ابتلاءٌ من الله!
حاولتُ الابتعاد عنه، فقرأتُ كلامًا كثيرًا لابن القيم وابن تيمية في هجر المعشوق،
لكني لا أستطيع، دعوتُ الله كثيرًا، لكن الله لم يتقبَّلْ دعائي،
ولم يتغيَّرْ شيءٌ، راجعتُ طبيبًا نفسيًّا لعلاج الوساوس التي لا
وجودَ لها، فصرَف لي دواءً، فأخذتُ منه حبة ثم تركتُه!
أخبِروني بارك الله فيكم كيف أتخلص مما أنا فيه، فقد تعبتُ؟!
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم في شبكة الألوكة.
أعجبني رمزية اسمك:
(عبد يبتغي رحمة الله)، ومَن كان يبتغي رحمةَ ربه فما خاب!
لا شك أن قيمةً عظيمة مثل قيمة: (ورحمتي وسِعَتْ كل شيء)،
هي قيمةٌ جديرة بالملاحظة والاعتبار في مثل مواضيع (التعلق القلبي) هذه!
أخانا الكريم، إننا نتفهَّم موضوعك تمامًا، ونُدرك مشاعرك وما أنت فيه،
فأنتَ بين نار الشوق وسوط اللوم، وهذا دأبُ النفْسِ اللوامة، ولأن
(العلائق القلبية) ومشاعر التعلق والانجذاب تَفوق الطاقة في كثير مِن الأحيان؛
لذلك كان لزامًا على الآخرين أن يتفهموا وضعَك.
نهنئك بالتزامك بمبادئ دينك العظيم، ونبارك لك أهدافك الكبيرة التي
رسمتَها لنفسك، كما أن سعيك لعلاج مشكلتك هو أول خطوة في
طريق الخلاص منها بإذن الله تعالى.
ظاهرة التعلق (أو العِشق) كما يسميها الأقدمون، هي ظاهرةٌ ضاربة
جذُورُها في القِدَم؛ لذلك نجد أن فقهاء التصوف والسلوك قد تكلموا
عن ظاهرة التعلق بالنساء والمُردان، وإذا كان التعلقُ بالنساء
أو الحب تصرفًا فطريًّا بين الجنسين، فإنَّ التعلُّق بين أفراد الجنس الواحد
(ذكر مع ذكر، أو أنثى مع أنثى) هو حالة شاذة، ويُوسَم صاحبها بالشذوذ.
والشذوذُ هنا بمعناه العام، وليس المقصودُ منه الشذوذ الجنسي
الذي هو بمعنى: (اللواط).
وأنت كطبيبٍ لعلك عرَفت عن جهود الطب النفسي في الفترة الأخيرة
في محاولة تصنيف وعلاج ما يسمى بـ(اضطراب الهُوية الجنسية)
أو ال (GID)، وبالطبع لا نعني بهذا أنك مصابٌ بهذا المرض بالضرورة،
لكن مِن المهم أولًا أن ننفي هذا المرض عنك، بمعنى أن تخضعَ
لاختبارين على الأقل:
• الأول:
فيما يتعلق بالناحية التشريحية (الداخلية)، وذلك بعمل مقطع أشعة
على الحوض للتأكُّد من الناحية التشريحية للأعضاء الجنسية الداخلية.
• والثاني:
بإجراء اختبار الصبغات الوراثية أو الكروموسومات، والتأكد مِن
أنك تحمِل XY، وليس غيره.
الذي دعانا لهذا الكلام أمران:
• الأول:
أنك طالب طب، وتتفهم هذه القضايا بشكل عِلمي.
• الثاني:
أنك شاب ملتزم، وهذا يعني أنك تعيش صراعًا عنيفًا وغير عادي
في مجاهَدة نفسك على هذا الأمر، مما قد يشي بأمرٍ غير طبيعي.
إذا قمتَ بإجراء الاختبار، وكانت النتيجةُ سلبية، ولا يوجد عندك مشاكل
في الناحية التشريحية أو الوراثية، فهنا ستلجأ للخطوة الثانية،
وهي العلاجُ النفسي الذي يعتَمد على العلاج السلوكي المعرفي.
وستكون الخطةُ العلاجية عندك كالتالي:
• أولًا:
توفير القاعدة المعرفية والسلوكية، وذلك بالالتحاق بمختصٍّ نفسي
يفهم هذا الأمر جيدًا.
• ثانيًا:
توفير الدافعية المطلوبة لإنجاز الخطة العلاجية.
ولا شك أنَّ جزءًا كبيرًا مِن الدافعية المطلوبة له تعلُّق وارتباطٌ بالناحية
الدينية الإيمانية، ولا شك أنك قد قرأتَ الأدبيات والكتب الدينية التي
تتحدث عن هذا الجانب؛ ككتاب الإمام ابن القيم (الداء والدواء)
على سبيل المثال.
أما بخصوص علاج الوسواس، فربما لا يُجدي كثيرًا، طالما لم تقُمْ
بعلاج السبب الرئيس.
ولعلك أشرتَ إلى العوامل التي أدتْ إلى تفاقُم المشكلة،
وهي حسب وصفك:
(المعاصي والتفكير والفراغ)، وهي وإن كانتْ أسبابَ تفاقم المشكلة،
إلا أنها ليست السبب المباشر في المشكلة، فقد تكون هناك أسبابٌ
أخرى تَظهر بالفحص الطبي والنفسي لاحقًا.
ومع ذلك فإننا نَدعوك إلى الابتِعاد عن هذه الأسباب، ولا شك أنك تعرف
كيف تتجنَّب المعاصي،كما تُدرك جيدًا أهمية البُعد عن التفكير المستمر
في هذا الأمر، والذي يُساعد عليه هو الفراغ كما وصفتَ؛ لذا فمن المفيد
أن تجعلَ لنفسك برامج إضافية خارج وقت التحصيل الأكاديمي؛
كبرنامج رياضي، أو برنامج اجتماعي، أو عمل تطوعي ميداني، بحيث تقضي
معظم وقتك في هذه الأعمال، فلا تجد الوقت الطويل الذي تُفكِّر فيه في هذا الموضوع.
استمرَّ على قربك من ربك، والانطِراح بين يديه، فالقلوبُ بين إصبعين
مِن أصابع الرحمن، يُقلِّبها كيف يشاء، ولم يجد الصالحون سببًا هو
آمن ولا أوثق مِن أسباب السماء!
وقديما قال الشاعر:
يَا صَاحِبَ الهَمِّ إنَّ الهَمَّ مُنْفَرِجٌ
أَبْشِرْ بِخَيْرٍ فَإِنَّ الفَارِجَ اللهُ
فإِذَا بُلِيتَ فَثِقْ بِاللهِ وَارْضَ بِهِ
إِنَّ الَّذِي يَكْشِفُ البَلْوَى هُوَ اللهُ
الْيَأْسُ يَقْطَعُ أَحْيَانًا بِصَاحِبِهِ
لَا تَيْئَسَنَّ فَإِنَّ الفَارِجَ اللهُ
نسأل الله تعالى أن يُفَرِّج عنك، وأن يصلح حالك
والله الموفق
♦ ملخص السؤال:
شابٌّ يدرس في كلية الطب، يريد التخلص من التعلق المنحرف
بالأشخاص.
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا (عبدٌ يبتغي رحمة الله)، طالبٌ في كلية الطب، الحمدُ لله نشأتُ
ملتزمًا، طيب القلب، بعيدًا عن رفقة السوء.
في الصِّغَر تعلَّقتُ بصديقٍ تعلقًا محرَّمًا، ثم تأذيتُ وانقلبتْ حياتي،
وسألتُ الله أن يصرفَ هذا الشرَّ عني، فصَرَفَه الله تعالى، وبعد سنين
رجعَتِ العلاقةُ بشكل أقوى من السابق، وملتُ إليه جنسيًّا،
وتعلقتُ به، وصار هو كل فكري!
أنا أُدرك أن هذا خطأ، لكنه شيءٌ خرَج عن يدي، وتطوَّرت الأمور بيننا،
وعندما رأيتُ منه تغيرًا بسيطًا، اشتعلتْ نارُ الغيرة في قلبي، ونار الوسوسة،
ونار الاكتئاب، وكرهتُ كل شيء، ولم يَعُدْ همي سوى
التأكد مِن أن الشيء الذي أغار منه لم يحدثْ!
انقلبتْ حياتي، وتأثَّر التزامي ودراستي وعلاقاتي بكلِّ مَن أعرف،
وانقلب كلُّ شيء، وما زالتْ نار الاكتئاب والوسوسة تؤثِّر عليَّ.
أشعر أني دُمِّرْتُ نفسيًّا، وأعلَم أنه شيءٌ تافهٌ، لكنه ليس بيدي،
فهذا ابتلاءٌ من الله!
حاولتُ الابتعاد عنه، فقرأتُ كلامًا كثيرًا لابن القيم وابن تيمية في هجر المعشوق،
لكني لا أستطيع، دعوتُ الله كثيرًا، لكن الله لم يتقبَّلْ دعائي،
ولم يتغيَّرْ شيءٌ، راجعتُ طبيبًا نفسيًّا لعلاج الوساوس التي لا
وجودَ لها، فصرَف لي دواءً، فأخذتُ منه حبة ثم تركتُه!
أخبِروني بارك الله فيكم كيف أتخلص مما أنا فيه، فقد تعبتُ؟!
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم في شبكة الألوكة.
أعجبني رمزية اسمك:
(عبد يبتغي رحمة الله)، ومَن كان يبتغي رحمةَ ربه فما خاب!
لا شك أن قيمةً عظيمة مثل قيمة: (ورحمتي وسِعَتْ كل شيء)،
هي قيمةٌ جديرة بالملاحظة والاعتبار في مثل مواضيع (التعلق القلبي) هذه!
أخانا الكريم، إننا نتفهَّم موضوعك تمامًا، ونُدرك مشاعرك وما أنت فيه،
فأنتَ بين نار الشوق وسوط اللوم، وهذا دأبُ النفْسِ اللوامة، ولأن
(العلائق القلبية) ومشاعر التعلق والانجذاب تَفوق الطاقة في كثير مِن الأحيان؛
لذلك كان لزامًا على الآخرين أن يتفهموا وضعَك.
نهنئك بالتزامك بمبادئ دينك العظيم، ونبارك لك أهدافك الكبيرة التي
رسمتَها لنفسك، كما أن سعيك لعلاج مشكلتك هو أول خطوة في
طريق الخلاص منها بإذن الله تعالى.
ظاهرة التعلق (أو العِشق) كما يسميها الأقدمون، هي ظاهرةٌ ضاربة
جذُورُها في القِدَم؛ لذلك نجد أن فقهاء التصوف والسلوك قد تكلموا
عن ظاهرة التعلق بالنساء والمُردان، وإذا كان التعلقُ بالنساء
أو الحب تصرفًا فطريًّا بين الجنسين، فإنَّ التعلُّق بين أفراد الجنس الواحد
(ذكر مع ذكر، أو أنثى مع أنثى) هو حالة شاذة، ويُوسَم صاحبها بالشذوذ.
والشذوذُ هنا بمعناه العام، وليس المقصودُ منه الشذوذ الجنسي
الذي هو بمعنى: (اللواط).
وأنت كطبيبٍ لعلك عرَفت عن جهود الطب النفسي في الفترة الأخيرة
في محاولة تصنيف وعلاج ما يسمى بـ(اضطراب الهُوية الجنسية)
أو ال (GID)، وبالطبع لا نعني بهذا أنك مصابٌ بهذا المرض بالضرورة،
لكن مِن المهم أولًا أن ننفي هذا المرض عنك، بمعنى أن تخضعَ
لاختبارين على الأقل:
• الأول:
فيما يتعلق بالناحية التشريحية (الداخلية)، وذلك بعمل مقطع أشعة
على الحوض للتأكُّد من الناحية التشريحية للأعضاء الجنسية الداخلية.
• والثاني:
بإجراء اختبار الصبغات الوراثية أو الكروموسومات، والتأكد مِن
أنك تحمِل XY، وليس غيره.
الذي دعانا لهذا الكلام أمران:
• الأول:
أنك طالب طب، وتتفهم هذه القضايا بشكل عِلمي.
• الثاني:
أنك شاب ملتزم، وهذا يعني أنك تعيش صراعًا عنيفًا وغير عادي
في مجاهَدة نفسك على هذا الأمر، مما قد يشي بأمرٍ غير طبيعي.
إذا قمتَ بإجراء الاختبار، وكانت النتيجةُ سلبية، ولا يوجد عندك مشاكل
في الناحية التشريحية أو الوراثية، فهنا ستلجأ للخطوة الثانية،
وهي العلاجُ النفسي الذي يعتَمد على العلاج السلوكي المعرفي.
وستكون الخطةُ العلاجية عندك كالتالي:
• أولًا:
توفير القاعدة المعرفية والسلوكية، وذلك بالالتحاق بمختصٍّ نفسي
يفهم هذا الأمر جيدًا.
• ثانيًا:
توفير الدافعية المطلوبة لإنجاز الخطة العلاجية.
ولا شك أنَّ جزءًا كبيرًا مِن الدافعية المطلوبة له تعلُّق وارتباطٌ بالناحية
الدينية الإيمانية، ولا شك أنك قد قرأتَ الأدبيات والكتب الدينية التي
تتحدث عن هذا الجانب؛ ككتاب الإمام ابن القيم (الداء والدواء)
على سبيل المثال.
أما بخصوص علاج الوسواس، فربما لا يُجدي كثيرًا، طالما لم تقُمْ
بعلاج السبب الرئيس.
ولعلك أشرتَ إلى العوامل التي أدتْ إلى تفاقُم المشكلة،
وهي حسب وصفك:
(المعاصي والتفكير والفراغ)، وهي وإن كانتْ أسبابَ تفاقم المشكلة،
إلا أنها ليست السبب المباشر في المشكلة، فقد تكون هناك أسبابٌ
أخرى تَظهر بالفحص الطبي والنفسي لاحقًا.
ومع ذلك فإننا نَدعوك إلى الابتِعاد عن هذه الأسباب، ولا شك أنك تعرف
كيف تتجنَّب المعاصي،كما تُدرك جيدًا أهمية البُعد عن التفكير المستمر
في هذا الأمر، والذي يُساعد عليه هو الفراغ كما وصفتَ؛ لذا فمن المفيد
أن تجعلَ لنفسك برامج إضافية خارج وقت التحصيل الأكاديمي؛
كبرنامج رياضي، أو برنامج اجتماعي، أو عمل تطوعي ميداني، بحيث تقضي
معظم وقتك في هذه الأعمال، فلا تجد الوقت الطويل الذي تُفكِّر فيه في هذا الموضوع.
استمرَّ على قربك من ربك، والانطِراح بين يديه، فالقلوبُ بين إصبعين
مِن أصابع الرحمن، يُقلِّبها كيف يشاء، ولم يجد الصالحون سببًا هو
آمن ولا أوثق مِن أسباب السماء!
وقديما قال الشاعر:
يَا صَاحِبَ الهَمِّ إنَّ الهَمَّ مُنْفَرِجٌ
أَبْشِرْ بِخَيْرٍ فَإِنَّ الفَارِجَ اللهُ
فإِذَا بُلِيتَ فَثِقْ بِاللهِ وَارْضَ بِهِ
إِنَّ الَّذِي يَكْشِفُ البَلْوَى هُوَ اللهُ
الْيَأْسُ يَقْطَعُ أَحْيَانًا بِصَاحِبِهِ
لَا تَيْئَسَنَّ فَإِنَّ الفَارِجَ اللهُ
نسأل الله تعالى أن يُفَرِّج عنك، وأن يصلح حالك
والله الموفق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق