أ. شريفة السديري
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
من زمان وأنا بودي أن أكتبَ مشكلتي، فأنا سيدة عمري 48 سنة،
ولكن قلبي ورُوحي وشكلي 38 سنة، متزوجة منذ 32 سنة من رجلٍ
يكبرني بـ18 سنة، متعلِّمة وأعمل موظفة، عندي 5 أبناء في مراحل
عمرية متعددة، أمتاز بالجمال والطِّيبة الشديدة، وسرعة الغضَب
والحساسية الشديدة.
الحمد الله، مستواي المادي مُرتفع، أعيش في منْزل جميلٍ وفخم،
وأبنائي يمتاز بعضُهم بالالتزام والتديُّن الشديد، وبعضُهم
عاديون أذكياء طيبون، ولكنهم عاقُّون لي.
نشأتُ في أسرة مُفككة وجاهلة، ومليئة بالمشاكل، تزوَّجْتُ رجلاً طيبًا
كريمًا، مستواه المادي جيد، ومنصبه كبير، ولكن مُنذ أن تزوَّجني
إلى الآن وهو يَخُونني مع العاهرات، وكان يضربني بكثرة،
ولا يغار عليَّ نهائيًّا، رغم إعجاب الكثير بي.
زوجي جاهل بكثير من الأمور، حاولتُ المستحيل لكي أغيره،
لكن بدون فائدة، منذ أن وعيتُ في حياتي وأنا مُتذبذبة، مرة ملتزمة، ومرة سيئة،
سنة هكذا، وسنة هكذا، ولكن الغالبَ عليَّ الالتزام الدِّيني
؛ لأنني إذا تعبْتُ من زوجي فقط، كنتُ أحيد عن جادَّة الطريق،
ثم أرجع إلى طبْعي الأصْلي، وهو الالتزام.
عانَيْتُ في حياتي الكثير منذ أن وعيتُ حتى هذه اللحظة،
عانيتُ مِن أهلي، وزوجي، وزميلاتي، وأبنائي.
أما عن صفاتي: فأنا صارمة، دقيقة، وفي أحيان متساهلة جدًّا، مزاجية،
كسول جدًّا، ومنظمة، متناقضة، صوتي عالٍ، حادة النقاش،
سريعة الغضب، آكل بسرعة، أكبر مشاكلي السمنة، في بعض
الأحيان كذابة، وأغتاب، وأظلم؛ فمثلاً أقول: فلان قال لي،
وهو ما قال شيئًا، دائمًا أعاتب نفسي، وأحاول أن أتغيَّر.
المهم أنه بكثرة قراءتي - والله أعلم - أحسستُ أني تغيرتُ كثيرًا للأحسن
- والحمد لله - كل شيء تحسَّن في حياتي - بفضل الله - ثم بسبب
لجُوئي إلى الله بالدُّعاء.
المهم أن مُشكلتي التي تُضايقني جدًّا طوال حياتي هي: أن شخصيتي حلوة،
وأكسب الناس بسرعة؛ لأني على طبيعتي، ولكن سريعًا ما أخسرهم،
فأول مَن خسرتُ أهلي، فأنا الوحيدة غير المرغوب فيها، ولا يحبونني،
وزوجي وزميلاتي وأبنائي وكل مَن صادقني سريعًا ما يتركني، ولا أحد يُعْلمني
السبب إلى الآن، آلاف من الناس أحبَّتْني وصادَقَتْني، وفجأة ودون
سابق إنذار يبتعدون عنِّي، رغم أنِّي كريمة معهم.
أحب أن أخدمَ الناس، وأعزمهم كثيرًا، ولا أُحب النِّفاق، وواضحة،
ولكن لا حَظَّ لي مع الناس، حتى صرتُ مكروهةً من الجميع دون استثناء
، أشعر أنِّي على الهامش، وليستْ لي مُهمة عند أحدٍ نهائيًّا.
لم يأتِ يومٌ افتَقَدني فيه أحدٌ وسأل عني، ألُوم نفْسي كل ليلة،
وأصْبحتُ أدعو الله كثيرًا أن يرزُقَني محبة الناس، حاولتُ أن أطلع
على الإنترنت وأقرأ كثيرًا حتى أتغير، ولكن بلا فائدة، حاولت أن أطورَ من سُلُوكي،
وأضْبط انْفعالاتي، حاولت أن أتغيَّر ولكن الناس لا يَتَغَيَّرون
مهما تغيرتُ.
طيبتي وخدماتي وصراحتي ونظافة قلبي، كل هذا لا يشفع لي
عند أحَد، بالرغم من أنِّي أرى منافقين حقودين، ولهم حظٌّ!
المهم أن الله هو الوحيد الذي يعرف ما بي، فهو ملجئي، وصدقي، وحبيبي،
وأهْلي، وكل شيء، ما أصبح عندي إلا هدفٌ واحدٌ، هو أن أُرضي الله فقط.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
وأهلاً بكِ عزيزتي.
بعدما قرأت رسالتك عدة مرات، شعرتُ ببعض الألَم والمعاناة التي
تشعرين بهما وتصبرين عليهما؛ لذلك تذكَّري أن الصبْر مفتاح الفرَج،
وأن الصابر جزاؤه عظيمٌ عند الله.
عزيزتي، من حديثك اتضح لي أن المشكلة لَم تبدأ الآن،
ولكنْ لها جذورٌ عميقة داخل نفسك وعقلك جعلتك من أصحاب
الشخصية الهستيرية Hysterical Personality،
والشخصية الهستيرية مختلفة عن مرض الهستيريا Hysteria؛
حيث إن الشخصية الهستيرية هي شخصيَّة استعراضيَّة تُحاول
جذب انتباه الآخرين، من خلال المبالغة في المشاعر،
مع قدرة عالية على خداع النفس، والوقوع في الكذب المرضي.
وهذه الأمور واضحة في قولك: أمتاز بالجمال والطِّيبة الشديدة،
وسرعة الغضَب والحساسية الشديدة ، إعجاب الكثير بي ،
طيبتي وخدماتي وصراحتي ونظافة ق
لبي، كل هذا لا يشفع لي عند أحَد ، في بعض الأحيان كذابة، وأغتاب،
وأظلم ، وهذه الأخيرة تندرج تحت الوقوع في الكذب المرَضي.
والشخصية الهستيرية من صفاتها أنها:
1- تضيق من المواقف التي لا تكون فيها مركز الاهتمام.
2- عدم الاستقرار والذبذبة، وسطحية التعبيرات الانفعالية.
3- استخدام الأسلوب غير الواقعي، والذي تنقصه الكثير من التفاصيل.
4- العرض الدرامي للذات والمبالغة في التعبير عن العاطفة.
5- القابلية للإيحاء وسرعة التأثر بالآخرين.
6- الفشل في إقامة علاقات ثابتة ولمدة طويلة.
7- تقلب المزاج.
8- الاجتماعية وحب الاختلاط بالناس.
أما عن أسباب اتصاف الشخص بالشخصية الهستيرية،
فإنه يرجع إلى أسباب كثيرة وعديدة؛ منها:
1- الوراثة.
2- الزواج غير السعيد.
3- الحرمان، ونقص العطف، ونقص الاهتمام، وعدم الشعور بالأمن.
4- أخطاء الرعاية الوالدية.
5- المشكلات الأسرية.
6- وفي بعض الأحيان تكون سلطة الذكر على الأنثى من أهم أسباب
تكوُّن هذه الشخصية عند الإناث.
عزيزتي، واضح من رسالتك أنك عانيت كثيرًا في حياتك قبل زواجك وبعده،
وأنك تحمَّلت الكثير من الصعاب والمشاق والآلام، وكل ذلك يحتاج
إلى التفريغ الانفعالي له، وإخراجه من داخلك وإراحتك منه، وأنت تحتاجين
من يساعدك على ذلك عبر رحلة علاجية وإرشادية شاملة،
وهذا ما لا أستطيع أن أقدمه لك عبر هذه الصفحات.
لذلك؛ أنصحك بأن تذهبي لاستشارة مختصة نفسية جيدة، ومعروف
عنها قدرتها العلاجية، حتى تساعدك على الشفاء من جروح الماضي،
والبدء بحياة جديدة سعيدة مع أهلك وزوجك وأبنائك.
شكرًا لك على ثقتك بنا، وعذرًا إن لَم نستطع مساعدتك.
ولا تنسي أن تتابعينا بأخبارك حتى نطمئن عليك،
رزقك الله السعادة والاطمئنان والراحة.
منقول للفائدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق