الإحباط يقودني إلى الانتحار
أ. عائشة الحكمي
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ في العشرينيَّات، كنتُ أعاني مِن خوف، ورُهاب،
وكآبة في صغري، لكن مع مرور الوقت استطعتُ التغلبَ عليها،
وأكملتُ دراستي في الإعدادية والثانوية، وكنت متفوقًا في العديد من الموادِّ،
خاصة مادة التاريخ، كما أني الوحيد المتفوِّق بين زملائي في التحليل التاريخي
والسياسي للأحداث، لكن رغم هذا كنتُ أعاني مِن قلة الكلام خارج حدود الدراسة.
وأُحبطتُ من جرَّاء تجرِبة حبِّ مررتُ بها أثناء المراهقة، وقد أردتُ
التغلُّب على هذه المشاكل، لكني لم أنجح، ثم التحقت بالجامعة في
تخصُّص التاريخ، وهنا بدأتْ معاناتي النفسيَّة؛ فأصبحتُ أكثر وحدة وكآبة،
واهتزَّت ثقتي بنفسي؛ مما جعلني أترُكُ الجامعة، وأصبحتُ أفكِّر في الانتحار،
ولولا خوفي مِن الخالِقِ - سبحانه - لأقدمتُ على هذا الفعل، فماذا أفعل؟
دلوني جزاكم الله خيرًا
الجواب
بسم الله الموفِّق للصواب
وهو المستعان
أيها الأخ الفاضل، بين النِّعم والأماني فرقٌ عظيمٌ؛ فالنعمةُ: ما أعطاه الله عبدَه،
بمنِّه وفضلِه وكرمه، مما لا يمكن لغيره - جل وعلا - أن يعطيه إيَّاه؛
كنعمة الإسلام، وبعثة سيد المرسلين رسول رب العالمين محمد -
عليه أفضل الصلاة وأتم السلام - وتسوية خلقه، وسمْعه وبصره، وجماله،
ونَسَبه، ونعمة الأمن في أهله ووطنه، وستر ذنوبه وقبيح عيوبه، وغيرها
مِن النِّعَم التي أسبَغَها المُنعِمُ - سبحانه - مما لا تُعَدُّ ولا تُحصى؛
{ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا }
[النحل: 18].
وأما الأمنيةُ فحديث النفس بما يكون وبما لا يكون، مما نسعى للظفر به،
ونسأل الله من حوائجِه وفضله وخزائنه الواسعة أن يعطينا منه؛ كالزواج،
والوظيفة، والتعليم، وشراء أرض وبيت وسيارة، ونحو ذلك مِن الأماني
والأحلام، مما يمكن أن يتحقَّق، أو يتأخر، أو يحفظ للدار الآخرة!
وأنت - أيها الأخ الفاضل - لو نظرتَ إلى نِعَمِ الله عليكِ؛ فإنكَ لن تُحصِيها،
فأنت شابٌّ، مسلم، سُنِّي، صحيح الحواسِّ، سالم العقل، لديكَ عائلة ونسَب،
وأتممتَ تعليمَك الأساسي، وتعيش في وطنكَ بين أهلكَ وأصدقائكَ... إلخ،
ثم لا ترى من الحياة إلا أحلامَك التي تأخَّرتْ؟! وأقول: "تأخَّرتْ"؛
لأنها مما يمكن تحقيقه بالسعي الحثيث، وصادق العزم،
وقد قالها المتنبي منذ سنين:
على قدْرِ أهلِ العزْمِ تأتي العزائمُ
وتأتي على قدْرِ الكِرامِ المَكَارِمُ
يقول: "عزيمة كل إنسان على قدْر همته وشهامةِ قلبِه، إن كان عظيم
القدْر والخطر، جدَّ أمرُه ومضتْ عزائمُه، وإن كان الرجل فشلًا اضمحلَّتْ
وبطلتْ، وكذلك المكارم: تكون على حسب فاعليها، فهي من الشريف شريفة،
ومن الوضيع وضيعة"؛ {"معجز أحمد"؛ للمعرِّي}، ولكنكَ - مع شديد الأسف -
استسلمتَ لأسرِ أول عقبة، وسقطتَ في أول حفرة، وعجزتَ عن النُّهوض؛
منتظرًا أيدي العون مِن جانب أهلكَ، وحبيبةِ قلبكَ!
ولكنهم - على حال أكثر الأخلَّاء اليوم - خذلوكَ!
وهذا الخَوَر ليس من سمات المسلم الذي يؤمن أن الدنيا مجبولةٌ
على التعب والكدر؛
{ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ }
[البلد: 4]،
ويعلم أن المؤمن القوي أحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف؛ كما في الحديث الصحيح
الذي يرويه الإمام مسلم - رحمه الله تعالى – في "صحيحه":
( المؤمنُ القويُّ خير وأحب إلى الله مِن المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خيرٌ،
احرِص على ما ينفعكَ، واستعنْ بالله ولا تعجز، وإن أصابكَ شيءٌ فلا تقل:
لو أني فعلتُ كان كذا وكذا، ولكن قل: قَدَر الله وما شاء فعَل؛
فإن (لو) تفتَح عمل الشيطان )
فانهض - عُوفِيتَ - ولا تنتظر المساعدة مِن أحدٍ، ولكن اطلب العون والتوفيق من
القوي الموفِّق - سبحانه - فأنت ما زلتَ في أول عُمركَ، والمستقبل أمامكَ،
وليس يَحُول بينك وبين مواصلة تعليمكَ الجامعي إلا نفسُكَ التي بين جَنْبيكَ!
فلا تكن عونَ الشيطان على مستقبلكَ، بل واصلْ تعليمكَ ولو انتسابًا،
ولو في جامعة أخرى، فليس مثل العلم سلاحٌ يمكن أن تدافعَ به عنْ نفسكَ،
وتكمل به طريقكَ حتى تصل إلى غايتكَ؛ فادرس رجاءً! وواجه الحياة
والمجتمع بمخالطة الأصدقاء والأساتذة هناك، واقرأ في كُتُب
تطوير الذات وقوة الشخصيَّة؛ مثل:
• كتاب "افتح النافِذة ثمَّة ضوء"؛ للدكتور خالد المنيف.
• كتاب "العادة الثامنة: من الفعالية إلى العظَمة"؛ لستيفن آر كوفي.
• كتاب "كيف تُمسِك بزمام القوَّة؟"؛ لروبرت غرين.
• كتاب "ما لم يُخبِرني به أبي عن الحياة"؛ لكريم الشاذلي.
• كتاب "سيطر على حياتك"؛ للدكتور إبراهيم الفقي.
وأجلُّ مِن ذلك أن تقرأ في كُتُب الرِّجال، والتراجم، والطبقات، والسير،
سواء ما تُرجِم منها لعَرَب ومسلمين، أو لغَرْب وغير المسلمين،
فهذه التراجمُ المضيئة من أنفع ما يُستعان به لتطوير الشخصية.
ولأني أستقرئ بين سطوركَ أعراضَ الاكتئاب النفسي؛ فأحبِّذ لكَ النظر
في استشارة: "مصابة بالاكتئاب، والشافي هو الله، وأريد علاجًا؛
فقد ضمنتُها الكثير مِن العلاجات الحديثة للاكتئاب، فخذْ بالأسباب،
واستعِنْ بالله - تعالى - ولا تعجز، ولا بأسَ عليكَ، طهور - إن شاء الله تعالى.
والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، وله الحمدُ والنِّعمةُ،
وبه التوفيق والعِصْمة
منقول للفائدة
أ. عائشة الحكمي
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ في العشرينيَّات، كنتُ أعاني مِن خوف، ورُهاب،
وكآبة في صغري، لكن مع مرور الوقت استطعتُ التغلبَ عليها،
وأكملتُ دراستي في الإعدادية والثانوية، وكنت متفوقًا في العديد من الموادِّ،
خاصة مادة التاريخ، كما أني الوحيد المتفوِّق بين زملائي في التحليل التاريخي
والسياسي للأحداث، لكن رغم هذا كنتُ أعاني مِن قلة الكلام خارج حدود الدراسة.
وأُحبطتُ من جرَّاء تجرِبة حبِّ مررتُ بها أثناء المراهقة، وقد أردتُ
التغلُّب على هذه المشاكل، لكني لم أنجح، ثم التحقت بالجامعة في
تخصُّص التاريخ، وهنا بدأتْ معاناتي النفسيَّة؛ فأصبحتُ أكثر وحدة وكآبة،
واهتزَّت ثقتي بنفسي؛ مما جعلني أترُكُ الجامعة، وأصبحتُ أفكِّر في الانتحار،
ولولا خوفي مِن الخالِقِ - سبحانه - لأقدمتُ على هذا الفعل، فماذا أفعل؟
دلوني جزاكم الله خيرًا
الجواب
بسم الله الموفِّق للصواب
وهو المستعان
أيها الأخ الفاضل، بين النِّعم والأماني فرقٌ عظيمٌ؛ فالنعمةُ: ما أعطاه الله عبدَه،
بمنِّه وفضلِه وكرمه، مما لا يمكن لغيره - جل وعلا - أن يعطيه إيَّاه؛
كنعمة الإسلام، وبعثة سيد المرسلين رسول رب العالمين محمد -
عليه أفضل الصلاة وأتم السلام - وتسوية خلقه، وسمْعه وبصره، وجماله،
ونَسَبه، ونعمة الأمن في أهله ووطنه، وستر ذنوبه وقبيح عيوبه، وغيرها
مِن النِّعَم التي أسبَغَها المُنعِمُ - سبحانه - مما لا تُعَدُّ ولا تُحصى؛
{ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا }
[النحل: 18].
وأما الأمنيةُ فحديث النفس بما يكون وبما لا يكون، مما نسعى للظفر به،
ونسأل الله من حوائجِه وفضله وخزائنه الواسعة أن يعطينا منه؛ كالزواج،
والوظيفة، والتعليم، وشراء أرض وبيت وسيارة، ونحو ذلك مِن الأماني
والأحلام، مما يمكن أن يتحقَّق، أو يتأخر، أو يحفظ للدار الآخرة!
وأنت - أيها الأخ الفاضل - لو نظرتَ إلى نِعَمِ الله عليكِ؛ فإنكَ لن تُحصِيها،
فأنت شابٌّ، مسلم، سُنِّي، صحيح الحواسِّ، سالم العقل، لديكَ عائلة ونسَب،
وأتممتَ تعليمَك الأساسي، وتعيش في وطنكَ بين أهلكَ وأصدقائكَ... إلخ،
ثم لا ترى من الحياة إلا أحلامَك التي تأخَّرتْ؟! وأقول: "تأخَّرتْ"؛
لأنها مما يمكن تحقيقه بالسعي الحثيث، وصادق العزم،
وقد قالها المتنبي منذ سنين:
على قدْرِ أهلِ العزْمِ تأتي العزائمُ
وتأتي على قدْرِ الكِرامِ المَكَارِمُ
يقول: "عزيمة كل إنسان على قدْر همته وشهامةِ قلبِه، إن كان عظيم
القدْر والخطر، جدَّ أمرُه ومضتْ عزائمُه، وإن كان الرجل فشلًا اضمحلَّتْ
وبطلتْ، وكذلك المكارم: تكون على حسب فاعليها، فهي من الشريف شريفة،
ومن الوضيع وضيعة"؛ {"معجز أحمد"؛ للمعرِّي}، ولكنكَ - مع شديد الأسف -
استسلمتَ لأسرِ أول عقبة، وسقطتَ في أول حفرة، وعجزتَ عن النُّهوض؛
منتظرًا أيدي العون مِن جانب أهلكَ، وحبيبةِ قلبكَ!
ولكنهم - على حال أكثر الأخلَّاء اليوم - خذلوكَ!
وهذا الخَوَر ليس من سمات المسلم الذي يؤمن أن الدنيا مجبولةٌ
على التعب والكدر؛
{ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ }
[البلد: 4]،
ويعلم أن المؤمن القوي أحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف؛ كما في الحديث الصحيح
الذي يرويه الإمام مسلم - رحمه الله تعالى – في "صحيحه":
( المؤمنُ القويُّ خير وأحب إلى الله مِن المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خيرٌ،
احرِص على ما ينفعكَ، واستعنْ بالله ولا تعجز، وإن أصابكَ شيءٌ فلا تقل:
لو أني فعلتُ كان كذا وكذا، ولكن قل: قَدَر الله وما شاء فعَل؛
فإن (لو) تفتَح عمل الشيطان )
فانهض - عُوفِيتَ - ولا تنتظر المساعدة مِن أحدٍ، ولكن اطلب العون والتوفيق من
القوي الموفِّق - سبحانه - فأنت ما زلتَ في أول عُمركَ، والمستقبل أمامكَ،
وليس يَحُول بينك وبين مواصلة تعليمكَ الجامعي إلا نفسُكَ التي بين جَنْبيكَ!
فلا تكن عونَ الشيطان على مستقبلكَ، بل واصلْ تعليمكَ ولو انتسابًا،
ولو في جامعة أخرى، فليس مثل العلم سلاحٌ يمكن أن تدافعَ به عنْ نفسكَ،
وتكمل به طريقكَ حتى تصل إلى غايتكَ؛ فادرس رجاءً! وواجه الحياة
والمجتمع بمخالطة الأصدقاء والأساتذة هناك، واقرأ في كُتُب
تطوير الذات وقوة الشخصيَّة؛ مثل:
• كتاب "افتح النافِذة ثمَّة ضوء"؛ للدكتور خالد المنيف.
• كتاب "العادة الثامنة: من الفعالية إلى العظَمة"؛ لستيفن آر كوفي.
• كتاب "كيف تُمسِك بزمام القوَّة؟"؛ لروبرت غرين.
• كتاب "ما لم يُخبِرني به أبي عن الحياة"؛ لكريم الشاذلي.
• كتاب "سيطر على حياتك"؛ للدكتور إبراهيم الفقي.
وأجلُّ مِن ذلك أن تقرأ في كُتُب الرِّجال، والتراجم، والطبقات، والسير،
سواء ما تُرجِم منها لعَرَب ومسلمين، أو لغَرْب وغير المسلمين،
فهذه التراجمُ المضيئة من أنفع ما يُستعان به لتطوير الشخصية.
ولأني أستقرئ بين سطوركَ أعراضَ الاكتئاب النفسي؛ فأحبِّذ لكَ النظر
في استشارة: "مصابة بالاكتئاب، والشافي هو الله، وأريد علاجًا؛
فقد ضمنتُها الكثير مِن العلاجات الحديثة للاكتئاب، فخذْ بالأسباب،
واستعِنْ بالله - تعالى - ولا تعجز، ولا بأسَ عليكَ، طهور - إن شاء الله تعالى.
والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، وله الحمدُ والنِّعمةُ،
وبه التوفيق والعِصْمة
منقول للفائدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق