ضللت الطريق، وأجلد ذاتي لأعود ( 2 )
ولا بد لعامة الخلْقِ مِن هذه الوساوس؛ فمِن الناس مَن يجيبها،
فيصير كافرًا أو منافقًا؛ ومنهم مَن قد غمر قلبه الشهوات والذنوب،
فلا يحس بها إلا إذا طلب الدين، فإما أن يصير مؤمنًا، وإما أن يصيرَ منافقًا؛
ولهذا يعرض للناس مِن الوساوس في الصلاة ما لا يعرض لهم إذا لم يصلوا؛
لأنَّ الشيطان يكثر تعرُّضه للعبد إذا أراد الإنابة إلى ربه، والتقرب إليه،
والاتصال به؛ فلهذا يعرض للمصلين ما لا يعرض لغيرهم، ويعرض لخاصة
أهل العلم والدين أكثر مما يعرض للعامة؛ ولهذا يوجد عند طلاب العلم
والعبادة من الوساوس والشبهات ما ليس عند غيرهم؛ لأنه لم يسلكْ
شرع الله ومنهاجه، بل هو مقبلٌ على هواه، في غفلةٍ عن ذِكْر ربه؛
وهذا مطلوب الشيطان، بخلاف المتوجهين إلى ربهم بالعلم والعبادة
فإنه عدوهم يطلب صدَّهم عن الله؛ قال تعالى:
{ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا }
[فاطر: 6]،
ولهذا أُمِر قارئ القرآن أن يستعيذَ بالله من الشيطان الرجيم؛
فإن قراءة القرآن على الوجه المأمور به تورث القلب الإيمان العظيم،
وتزيده يقينًا وطمأنينةً وشفاءً، وقال تعالى:
{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا }
[الإسراء: 82]،
وقال تعالى:
{ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ }
[آل عمران: 138]،
وقال تعالى:
{ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ }
[البقرة: 2]،
وقال تعالى:
{ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }
[التوبة: 124].
وهذا مما يجده كلُّ مؤمنٍ مِن نفسه؛ فالشيطانُ يُريد بوساوسه أن يشغلَ
القلب عن الانتفاع بالقرآن؛ فأمر الله القارئ إذا قرأ القرآن أن يستعيذَ منه؛
قال تعالى:
{ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ
سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ
يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ }
[النحل: 98 - 100]،
فإنَّ المستعيذ بالله مستجيرٌ به، لاجئٌ إليه، مستغيثٌ به مِن الشيطان؛
فالعائذُ بغيره مستجيرٌ به؛ فإذا عاذ العبد بربه كان مستجيرًا به،
مُتوكلًا عليه؛ فيعيذه الله من الشيطان، ويجيره منه؛ ولذلك قال
الله تعالى:
{ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ *
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ *
وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }
[فصلت: 34 - 36].
وفي الصحيحَيْنِ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
( إني لأعلم كلمةً لو قالها لذهب عنه ما يجد؛ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم )
، فأمر - سبحانه - بالاستعاذة عند طلَب العبد الخير؛ لئلا يعوقه الشيطان عنه،
وعندما يعرض عليه مِن الشر ليدفعه عنه عند إرادة العبد للحسنات،
وعندما يأمره الشيطان بالسيئات؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
( لا يزال الشيطان يأتي أحدكم فيقول: مَن خَلَق كذا؟ مَن خَلَق كذا؟
حتى يقول: مَن خَلَق الله؟ فمَنْ وجد ذلك فليستعذْ بالله ولينته ) ،
فأمر بالاستعاذة عندما يطلب الشيطان أن يوقعه في شرٍّ،
أو يمنعه من خيرٍ؛ كما يفعل العدو مع عدوه.
وكلما كان الإنسانُ أعظم رغبةً في العلم والعبادة، وأقدر على ذلك
مِن غيره بحيث تكون قوته على ذلك أقوى، ورغبته وإرادته في
ذلك أتم، كان ما يحصل له - إن سلمه الله من الشيطان - أعظم،
وكان ما يفتتن به - إن تمكَّن منه الشيطان - أعظم؛ ولهذا قال الشعبيُّ:
كلُّ أمةٍ علماؤها شرارها، إلا المسلمين فإن علماءهم خيارهم، وأهل السنة
في الإسلام كأهل الإسلام في الملل؛ وذلك أنَّ كل أمةٍ غير المسلمين
فهم ضالُّون، وإنما يضلهم علماؤهم؛ فعلماؤهم شرارهم،
والمسلمون على هدًى، وإنما يتبين الهدى بعلمائهم؛ فعلماؤهم
خيارهم، وكذلك أهل السنة أئمتهم خيار الأمة،
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب".
وفقك الله لكلِّ خير
منقول للفائدة
ولا بد لعامة الخلْقِ مِن هذه الوساوس؛ فمِن الناس مَن يجيبها،
فيصير كافرًا أو منافقًا؛ ومنهم مَن قد غمر قلبه الشهوات والذنوب،
فلا يحس بها إلا إذا طلب الدين، فإما أن يصير مؤمنًا، وإما أن يصيرَ منافقًا؛
ولهذا يعرض للناس مِن الوساوس في الصلاة ما لا يعرض لهم إذا لم يصلوا؛
لأنَّ الشيطان يكثر تعرُّضه للعبد إذا أراد الإنابة إلى ربه، والتقرب إليه،
والاتصال به؛ فلهذا يعرض للمصلين ما لا يعرض لغيرهم، ويعرض لخاصة
أهل العلم والدين أكثر مما يعرض للعامة؛ ولهذا يوجد عند طلاب العلم
والعبادة من الوساوس والشبهات ما ليس عند غيرهم؛ لأنه لم يسلكْ
شرع الله ومنهاجه، بل هو مقبلٌ على هواه، في غفلةٍ عن ذِكْر ربه؛
وهذا مطلوب الشيطان، بخلاف المتوجهين إلى ربهم بالعلم والعبادة
فإنه عدوهم يطلب صدَّهم عن الله؛ قال تعالى:
{ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا }
[فاطر: 6]،
ولهذا أُمِر قارئ القرآن أن يستعيذَ بالله من الشيطان الرجيم؛
فإن قراءة القرآن على الوجه المأمور به تورث القلب الإيمان العظيم،
وتزيده يقينًا وطمأنينةً وشفاءً، وقال تعالى:
{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا }
[الإسراء: 82]،
وقال تعالى:
{ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ }
[آل عمران: 138]،
وقال تعالى:
{ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ }
[البقرة: 2]،
وقال تعالى:
{ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }
[التوبة: 124].
وهذا مما يجده كلُّ مؤمنٍ مِن نفسه؛ فالشيطانُ يُريد بوساوسه أن يشغلَ
القلب عن الانتفاع بالقرآن؛ فأمر الله القارئ إذا قرأ القرآن أن يستعيذَ منه؛
قال تعالى:
{ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ
سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ
يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ }
[النحل: 98 - 100]،
فإنَّ المستعيذ بالله مستجيرٌ به، لاجئٌ إليه، مستغيثٌ به مِن الشيطان؛
فالعائذُ بغيره مستجيرٌ به؛ فإذا عاذ العبد بربه كان مستجيرًا به،
مُتوكلًا عليه؛ فيعيذه الله من الشيطان، ويجيره منه؛ ولذلك قال
الله تعالى:
{ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ *
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ *
وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }
[فصلت: 34 - 36].
وفي الصحيحَيْنِ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
( إني لأعلم كلمةً لو قالها لذهب عنه ما يجد؛ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم )
، فأمر - سبحانه - بالاستعاذة عند طلَب العبد الخير؛ لئلا يعوقه الشيطان عنه،
وعندما يعرض عليه مِن الشر ليدفعه عنه عند إرادة العبد للحسنات،
وعندما يأمره الشيطان بالسيئات؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
( لا يزال الشيطان يأتي أحدكم فيقول: مَن خَلَق كذا؟ مَن خَلَق كذا؟
حتى يقول: مَن خَلَق الله؟ فمَنْ وجد ذلك فليستعذْ بالله ولينته ) ،
فأمر بالاستعاذة عندما يطلب الشيطان أن يوقعه في شرٍّ،
أو يمنعه من خيرٍ؛ كما يفعل العدو مع عدوه.
وكلما كان الإنسانُ أعظم رغبةً في العلم والعبادة، وأقدر على ذلك
مِن غيره بحيث تكون قوته على ذلك أقوى، ورغبته وإرادته في
ذلك أتم، كان ما يحصل له - إن سلمه الله من الشيطان - أعظم،
وكان ما يفتتن به - إن تمكَّن منه الشيطان - أعظم؛ ولهذا قال الشعبيُّ:
كلُّ أمةٍ علماؤها شرارها، إلا المسلمين فإن علماءهم خيارهم، وأهل السنة
في الإسلام كأهل الإسلام في الملل؛ وذلك أنَّ كل أمةٍ غير المسلمين
فهم ضالُّون، وإنما يضلهم علماؤهم؛ فعلماؤهم شرارهم،
والمسلمون على هدًى، وإنما يتبين الهدى بعلمائهم؛ فعلماؤهم
خيارهم، وكذلك أهل السنة أئمتهم خيار الأمة،
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب".
وفقك الله لكلِّ خير
منقول للفائدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق