حديث اليوم
باب الحجامة والقيء للصائم
حدثنا معلى بن أسد حدثنا وهيب عن أيوب عن عكرمة
عن ابن عباس رضي الله عنهما
( أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم )
الشروح
قوله : ( باب الحجامة والقيء للصائم ) أي :
هل يفسدان هما أو أحدهما الصوم أو لا؟ قال الزين بن المنير : جمع بين
القيء والحجامة مع تغايرهما ، وعادته تفريق التراجم إذا نظمها خبر واحد
فضلا عن خبرين ، وإنما صنع ذلك لاتحاد مأخذهما ؛ لأنهما إخراج والإخراج
لا يقتضي الإفطار ، وقد أومأ ابن عباس إلى ذلك كما سيأتي البحث فيه ،
ولم يذكر المصنف حكم ذلك ، ولكن إيراده للآثار المذكورة يشعر بأنه يرى
عدم الإفطار بهما ، ولذلك عقب حديث : أفطر الحاجم والمحجوم بحديث : أنه
- صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم وقد اختلف السلف في المسألتين
: أما القيء فذهب الجمهور إلى التفرقة بين من سبقه فلا يفطر وبين
من تعمده فيفطر ، ونقل ابن المنذر الإجماع على بطلان الصوم بتعمد القيء ،
لكن نقل ابن بطال عن ابن عباس وابن مسعود لا يفطر مطلقا ، وهي إحدى
الروايتين عن مالك ، واستدل الأبهري بإسقاط القضاء عمن تقيأ عمدا بأنه
لا كفارة عليه على الأصح عندهم قال : فلو وجب القضاء لوجبت الكفارة ،
وعكس بعضهم فقال : هذا يدل على اختصاص الكفارة بالجماع دون غيره
من المفطرات ، وارتكب عطاء والأوزاعي وأبو ثور فقالوا : يقضي ويكفر ،
ونقل ابن المنذر أيضا الإجماع على ترك القضاء على من ذرعه القيء
ولم يتعمده إلا في إحدى الروايتين عن الحسن .
وأما الحجامة فالجمهور أيضا على عدم الفطر بها مطلقا ، وعن علي وعطاء
والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور يفطر الحاجم والمحجوم ، وأوجبوا
عليهما القضاء ، وشذ عطاء فأوجب الكفارة أيضا ، وقال بقول أحمد من
الشافعية ابن خزيمة وابن المنذر وأبو الوليد النيسابوري وابن حبان ، ونقل
الترمذي عن الزعفران أن الشافعي علق القول على صحة الحديث ، وبذلك
قال الداودي من المالكية ، وحجة الفريقين قد ذكرها المصنف في هذا الباب .
قوله : ( إن النبي - صلى الله عليه وسلم
- احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم )
هكذا أخرجه من طريق وهيب عن عكرمة عن ابن عباس ، وتابعه
عبد الوارث عن أيوب موصولا كما سيأتي في الطب ، ورواه ابن علية
ومعمر عن أيوب عن عكرمة مرسلا ، واختلف على حماد بن زيد في وصله
وإرساله ، وقد بين ذلك النسائي ، وقال مهنا : سألت أحمد عن هذا الحديث
فقال : ليس فيه " صائم " إنما هو " وهو محرم " ، ثم ساقه من طرق
عن ابن عباس لكن ليس فيها طريق أيوب هذه ، والحديث صحيح لا مرية
فيه . قال ابن عبد البر وغيره : فيه دليل على أن حديث " أفطر الحاجم
والمحجوم " منسوخ ؛ لأنه جاء في بعض طرقه أن ذلك كان في حجة الوداع
، وسبق إلى ذلك الشافعي ، واعترض ابن خزيمة بأن في هذا الحديث أنه
كان صائما محرما ، قال : ولم يكن قط محرما مقيما ببلده ، إنما كان محرما
وهو مسافر ، والمسافر إن كان ناويا للصوم فمضى عليه بعض النهار وهو
صائم أبيح له الأكل والشرب على الصحيح ، فإذا جاز له ذلك جاز له أن
يحتجم وهو مسافر ، قال : فليس في خبر ابن عباس ما يدل على إفطار
المحجوم فضلا عن الحاجم ا هـ . وتعقب بأن الحديث ما ورد هكذا إلا لفائدة ،
فالظاهر أنه وجدت منه الحجامة وهو صائم لم يتحلل من صومه واستمر .
وقال ابن خزيمة أيضا : جاء بعضهم بأعجوبة فزعم أنه - صلى الله عليه وسلم –
إنما قال : " أفطر الحاجم والمحجوم " لأنهما كانا يغتابان ، قال : فإذا قيل له
: فالغيبة تفطر الصائم؟ قال : لا . قال : فعلى هذا لا يخرج من مخالفة الحديث
بلا شبهة . انتهى .
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
باب الحجامة والقيء للصائم
حدثنا معلى بن أسد حدثنا وهيب عن أيوب عن عكرمة
عن ابن عباس رضي الله عنهما
( أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم )
الشروح
قوله : ( باب الحجامة والقيء للصائم ) أي :
هل يفسدان هما أو أحدهما الصوم أو لا؟ قال الزين بن المنير : جمع بين
القيء والحجامة مع تغايرهما ، وعادته تفريق التراجم إذا نظمها خبر واحد
فضلا عن خبرين ، وإنما صنع ذلك لاتحاد مأخذهما ؛ لأنهما إخراج والإخراج
لا يقتضي الإفطار ، وقد أومأ ابن عباس إلى ذلك كما سيأتي البحث فيه ،
ولم يذكر المصنف حكم ذلك ، ولكن إيراده للآثار المذكورة يشعر بأنه يرى
عدم الإفطار بهما ، ولذلك عقب حديث : أفطر الحاجم والمحجوم بحديث : أنه
- صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم وقد اختلف السلف في المسألتين
: أما القيء فذهب الجمهور إلى التفرقة بين من سبقه فلا يفطر وبين
من تعمده فيفطر ، ونقل ابن المنذر الإجماع على بطلان الصوم بتعمد القيء ،
لكن نقل ابن بطال عن ابن عباس وابن مسعود لا يفطر مطلقا ، وهي إحدى
الروايتين عن مالك ، واستدل الأبهري بإسقاط القضاء عمن تقيأ عمدا بأنه
لا كفارة عليه على الأصح عندهم قال : فلو وجب القضاء لوجبت الكفارة ،
وعكس بعضهم فقال : هذا يدل على اختصاص الكفارة بالجماع دون غيره
من المفطرات ، وارتكب عطاء والأوزاعي وأبو ثور فقالوا : يقضي ويكفر ،
ونقل ابن المنذر أيضا الإجماع على ترك القضاء على من ذرعه القيء
ولم يتعمده إلا في إحدى الروايتين عن الحسن .
وأما الحجامة فالجمهور أيضا على عدم الفطر بها مطلقا ، وعن علي وعطاء
والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور يفطر الحاجم والمحجوم ، وأوجبوا
عليهما القضاء ، وشذ عطاء فأوجب الكفارة أيضا ، وقال بقول أحمد من
الشافعية ابن خزيمة وابن المنذر وأبو الوليد النيسابوري وابن حبان ، ونقل
الترمذي عن الزعفران أن الشافعي علق القول على صحة الحديث ، وبذلك
قال الداودي من المالكية ، وحجة الفريقين قد ذكرها المصنف في هذا الباب .
قوله : ( إن النبي - صلى الله عليه وسلم
- احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم )
هكذا أخرجه من طريق وهيب عن عكرمة عن ابن عباس ، وتابعه
عبد الوارث عن أيوب موصولا كما سيأتي في الطب ، ورواه ابن علية
ومعمر عن أيوب عن عكرمة مرسلا ، واختلف على حماد بن زيد في وصله
وإرساله ، وقد بين ذلك النسائي ، وقال مهنا : سألت أحمد عن هذا الحديث
فقال : ليس فيه " صائم " إنما هو " وهو محرم " ، ثم ساقه من طرق
عن ابن عباس لكن ليس فيها طريق أيوب هذه ، والحديث صحيح لا مرية
فيه . قال ابن عبد البر وغيره : فيه دليل على أن حديث " أفطر الحاجم
والمحجوم " منسوخ ؛ لأنه جاء في بعض طرقه أن ذلك كان في حجة الوداع
، وسبق إلى ذلك الشافعي ، واعترض ابن خزيمة بأن في هذا الحديث أنه
كان صائما محرما ، قال : ولم يكن قط محرما مقيما ببلده ، إنما كان محرما
وهو مسافر ، والمسافر إن كان ناويا للصوم فمضى عليه بعض النهار وهو
صائم أبيح له الأكل والشرب على الصحيح ، فإذا جاز له ذلك جاز له أن
يحتجم وهو مسافر ، قال : فليس في خبر ابن عباس ما يدل على إفطار
المحجوم فضلا عن الحاجم ا هـ . وتعقب بأن الحديث ما ورد هكذا إلا لفائدة ،
فالظاهر أنه وجدت منه الحجامة وهو صائم لم يتحلل من صومه واستمر .
وقال ابن خزيمة أيضا : جاء بعضهم بأعجوبة فزعم أنه - صلى الله عليه وسلم –
إنما قال : " أفطر الحاجم والمحجوم " لأنهما كانا يغتابان ، قال : فإذا قيل له
: فالغيبة تفطر الصائم؟ قال : لا . قال : فعلى هذا لا يخرج من مخالفة الحديث
بلا شبهة . انتهى .
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق