الأربعاء، 22 مايو 2019

الأصحاب في القرآن (8)


الأصحاب في القرآن (8)


تأليف أبو إسلام أحمد بن علي

11- أصحاب القرية - 12- أصحاب الجنة ( الحديقة )



11- أصحاب القرية

- و هم أهل قرية- اسمها أنطاكية بالروم - وكان بها ملك يقال له

انطيخس بن انطيخس بن انطيخس وكان يعبد الأصنام , حين ذهب إلى أهل هذه

القرية المرسلون , إذ أرسل الله تعالى إليهم رسولين- أسمهما صادق

وصدوق- لدعوتهم إلى الإيمان بالله و ترك عبادة غيره , فكذَّب أهل

القرية الرسولين , فعزَّزناهما وقويناهما برسول ثالث- اسمه شلوم - ,

فقال الثلاثة لأهل القرية : إنا إليكم -أيها القوم- مرسلون .

قال أهل القرية للمرسلين : ما أنتم إلا أناس مثلنا ، وما أنزل الرحمن شيئًا من الوحي ,

و ما أنتم -أيها الرسل- إلا تكذبون .

قال المرسلون مؤكدين : ربُّنا الذي أرسلنا يعلم إنا إليكم لمرسلون ,

وما علينا إلا تبليغ الرسالة بوضوح , و لا نملك هدايتكم , فالهداية بيد الله وحده .

قال أهل القرية : إنا تَشَاءَمْنا بكم , لئن لم تكُفُّوا عن دعوتكم لنا لنقتلنكم

رميًا بالحجارة, و ليصيبنكم منَّا عذاب أليم موجع . قال المرسلون :

شؤمكم و أعمالكم من الشرك و الشر معكم و مردودة عليكم, أإن وُعظتم بما فيه

خيركم تشاءمتم وتوعدتمونا بالرجم والتعذيب؟ بل أنتم قوم عادتكم

الإسراف في العصيان و التكذيب .

و جاء من مكان بعيد في المدينة رجل مسرع- هو حبيب النجار و كان قد

آمن بالرسل و منزله بأقصى البلد و ذلك حين علم أن أهل القرية هَمُّوا

بقتل الرسل أو تعذيبهم- قال : يا قوم اتبعوا المرسلين إليكم من الله,

اتبعوا الذين لا يطلبون منكم أموالا على إبلاغ الرسالة, و هم مهتدون فيما

يدعونكم إليه من عبادة الله وحده . إني آمنت بربكم فاستمعوا إلى ما قُلْته لكم ,

و أطيعوني بالإيمان .

فلما قال ذلك وثب إليه قومه و قتلوه , فأدخله الله الجنة .

قيل له بعد قتله : ادخل الجنة, إكرامًا له . قال وهو في النعيم والكرامة :

يا ليت قومي يعلمون بغفران ربي لي و إكرامه إياي;

بسبب إيماني بالله و صبري على طاعته,

و اتباع رسله حتى قُتِلت, فيؤمنوا بالله فيدخلوا الجنة مثلي .



قال الله تعالى :

{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ }

يس13



12- أصحاب الجنة ( الحديقة )



- و هم أهل الحديقة عندما اختبرهم الله تعالى حين حلفوا فيما بينهم ,

ليقطعُنَّ ثمار حديقتهم مبكِّرين في الصباح , فلا يَطْعَم منها غيرهم من

المساكين و نحوهم , و لم يقولوا : إن شاء الله . فأنزل الله عليها نارًا

أحرقتها ليلا و هم نائمون , فأصبحت محترقة سوداء كالليل المظلم .

فنادى بعضهم بعضًا وقت الصباح : أن اذهبوا مبكرين إلى زرعكم ، إن

كنتم مصرِّين على قطع الثمار . فاندفعوا مسرعين ، و هم يتسارُّون

بالحديث فيما بينهم : بأن لا تمكِّنوا اليوم أحدا من المساكين من دخول حديقتكم .

و ساروا في أول النهار إلى حديقتهم على قصدهم السيِّئ في

منع المساكين من ثمار الحديقة, و هم في غاية القدرة على تنفيذه في زعمهم .

فلما رأوا حديقتهم محترقة أنكروها, و قالوا : لقد أخطأنا الطريق إليها,

فلما عرفوا أنها هي جنتهم ، قالوا : بل نحن محرومون خيرها ;

بسبب عزمنا على البخل و منع المساكين . قال أعدلهم : ألم أقل لكم هلا

تستثنون وتقولون : إن شاء الله ؟ قالوا بعد أن عادوا إلى رشدهم :

تنزَّه الله ربنا عن الظلم فيما أصابنا, بل نحن كنا الظالمين لأنفسنا

بترك الاستثناء وقصدنا السيِّئ . فأقبل بعضهم على بعض , يلوم كل منهم

الآخر على تركهم الاستثناء و على قصدهم السيِّئ , قالوا : يا ويلن

ا إنَّا كنا متجاوزين الحد في منعنا الفقراء و مخالفة أمر الله ، عسى ربنا

أن يعطينا أفضل من حديقتنا ; بسبب توبتنا و اعترافنا بخطيئتنا .

إنا إلى ربنا وحده راغبون , راجون العفو , طالبون الخير .



قال الله تعالى :

{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ }

القلم17

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق