الأصحاب في القرآن (8)
تأليف أبو إسلام أحمد بن علي
11- أصحاب القرية - 12- أصحاب الجنة ( الحديقة )
11- أصحاب القرية
- و هم أهل قرية- اسمها أنطاكية بالروم - وكان بها ملك يقال له
انطيخس بن انطيخس بن انطيخس وكان يعبد الأصنام , حين ذهب إلى أهل هذه
القرية المرسلون , إذ أرسل الله تعالى إليهم رسولين- أسمهما صادق
وصدوق- لدعوتهم إلى الإيمان بالله و ترك عبادة غيره , فكذَّب أهل
القرية الرسولين , فعزَّزناهما وقويناهما برسول ثالث- اسمه شلوم - ,
فقال الثلاثة لأهل القرية : إنا إليكم -أيها القوم- مرسلون .
قال أهل القرية للمرسلين : ما أنتم إلا أناس مثلنا ، وما أنزل الرحمن شيئًا من الوحي ,
و ما أنتم -أيها الرسل- إلا تكذبون .
قال المرسلون مؤكدين : ربُّنا الذي أرسلنا يعلم إنا إليكم لمرسلون ,
وما علينا إلا تبليغ الرسالة بوضوح , و لا نملك هدايتكم , فالهداية بيد الله وحده .
قال أهل القرية : إنا تَشَاءَمْنا بكم , لئن لم تكُفُّوا عن دعوتكم لنا لنقتلنكم
رميًا بالحجارة, و ليصيبنكم منَّا عذاب أليم موجع . قال المرسلون :
شؤمكم و أعمالكم من الشرك و الشر معكم و مردودة عليكم, أإن وُعظتم بما فيه
خيركم تشاءمتم وتوعدتمونا بالرجم والتعذيب؟ بل أنتم قوم عادتكم
الإسراف في العصيان و التكذيب .
و جاء من مكان بعيد في المدينة رجل مسرع- هو حبيب النجار و كان قد
آمن بالرسل و منزله بأقصى البلد و ذلك حين علم أن أهل القرية هَمُّوا
بقتل الرسل أو تعذيبهم- قال : يا قوم اتبعوا المرسلين إليكم من الله,
اتبعوا الذين لا يطلبون منكم أموالا على إبلاغ الرسالة, و هم مهتدون فيما
يدعونكم إليه من عبادة الله وحده . إني آمنت بربكم فاستمعوا إلى ما قُلْته لكم ,
و أطيعوني بالإيمان .
فلما قال ذلك وثب إليه قومه و قتلوه , فأدخله الله الجنة .
قيل له بعد قتله : ادخل الجنة, إكرامًا له . قال وهو في النعيم والكرامة :
يا ليت قومي يعلمون بغفران ربي لي و إكرامه إياي;
بسبب إيماني بالله و صبري على طاعته,
و اتباع رسله حتى قُتِلت, فيؤمنوا بالله فيدخلوا الجنة مثلي .
قال الله تعالى :
{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ }
يس13
12- أصحاب الجنة ( الحديقة )
- و هم أهل الحديقة عندما اختبرهم الله تعالى حين حلفوا فيما بينهم ,
ليقطعُنَّ ثمار حديقتهم مبكِّرين في الصباح , فلا يَطْعَم منها غيرهم من
المساكين و نحوهم , و لم يقولوا : إن شاء الله . فأنزل الله عليها نارًا
أحرقتها ليلا و هم نائمون , فأصبحت محترقة سوداء كالليل المظلم .
فنادى بعضهم بعضًا وقت الصباح : أن اذهبوا مبكرين إلى زرعكم ، إن
كنتم مصرِّين على قطع الثمار . فاندفعوا مسرعين ، و هم يتسارُّون
بالحديث فيما بينهم : بأن لا تمكِّنوا اليوم أحدا من المساكين من دخول حديقتكم .
و ساروا في أول النهار إلى حديقتهم على قصدهم السيِّئ في
منع المساكين من ثمار الحديقة, و هم في غاية القدرة على تنفيذه في زعمهم .
فلما رأوا حديقتهم محترقة أنكروها, و قالوا : لقد أخطأنا الطريق إليها,
فلما عرفوا أنها هي جنتهم ، قالوا : بل نحن محرومون خيرها ;
بسبب عزمنا على البخل و منع المساكين . قال أعدلهم : ألم أقل لكم هلا
تستثنون وتقولون : إن شاء الله ؟ قالوا بعد أن عادوا إلى رشدهم :
تنزَّه الله ربنا عن الظلم فيما أصابنا, بل نحن كنا الظالمين لأنفسنا
بترك الاستثناء وقصدنا السيِّئ . فأقبل بعضهم على بعض , يلوم كل منهم
الآخر على تركهم الاستثناء و على قصدهم السيِّئ , قالوا : يا ويلن
ا إنَّا كنا متجاوزين الحد في منعنا الفقراء و مخالفة أمر الله ، عسى ربنا
أن يعطينا أفضل من حديقتنا ; بسبب توبتنا و اعترافنا بخطيئتنا .
إنا إلى ربنا وحده راغبون , راجون العفو , طالبون الخير .
قال الله تعالى :
{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ }
القلم17
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق