الوقاية من الأمراض الدرقية
نقطة الدم الصغيرة التي يتم أخذها من كعب قدم المولود في أول زيارة له
لمكتب الصحة بعد الميلاد مباشرة، وحتي قبل إستخراج شهادة ميلاده،
خطوة مهمة جدا في طريق مستقبله.. فهي لحماية صحته وقدراته الذهنية
لأنها تخص الغدة الدرقية، تلك الغدة الصماء التي تفرز هرمون
الثيروكسين في الدم مباشرة، والتي برغم صغر حجمها تمثل محطة توليد
الطاقة بالجسم والمسيطرة علي جميع وظائفه، كما أنها تعتبر الترمومتر
الفعلي له لأنها تتحكم في عمليات الأيض -التمثيل الغذائي-
لكل خلايا الجسم.
وأي اضطراب في وظيفة الغدة الدرقية يؤدي إلي خلل في جميع وظائف
الجسم، فإذا زاد نشاطها عن المستوي الطبيعي تحرق كل ما يصل إليها
من وقود، وعلي العكس فإذا قل عن معدله فإن الجسم يفقد نشاطه
وحيويته ويركن إلي الكسل والخمول والنعاس ويشعر بالبرودة
بإستمرار.. ولمعرفة الأسباب والأعراض عن قصور أو زيادة نشاط الغدة
الدرقية سواء في الأطفال أو الكبار توضح د.نانيس عبدالبديع سالم
مدرس طب الأطفال بجامعة المنصورة وإستشاري الغدد الصماء والسكر
بمستشفي الأطفال الجامعي قائلة: إن قصور نشاط الغدة الدرقية يؤدي
إلي نقص كلي أو جزئي في إفراز هرمون الثيروكسين الذي ينتج عنه
إضطراب في النمو الجسدي والعقلي مما يؤثر علي المهارات الإجتماعية
للطفل وقدرته علي التعلم وإكتساب المهارات، وتختلف الأعراض
المرضية لهذا القصور حسب السن الذي تظهر فيه، ففي حديثي الولادة
يعد من أهم أسبابه عدم التطور الكامل أو الجزئي في الغدة الدرقية،
وتتراوح نسبة الإصابة بهذا المرض في العالم من2500/1
إلي4000/1 ويحتم قصور الغدة الدرقية عند المولود علاجا فوريا
لتجنب الأضرار التي قد تؤذي الجهاز العصبي المركزي.
ومن أبرز أعراض قصور الغدة الدرقية عند المواليد طول فترة وجود
الصفراء أكثر من المعتاد وتضخم اللسان والإمساك المزمن وصعوبة
الرضاعة وكثرة النوم وإنتفاخ الجفون والوجه وإرتخاء العضلات والبكاء
بصوت مبحوح وأيضا إنخفاض درجة حرارة الجسم.
وبما أن هذه الأعراض لا تكفي لتشخيص قصور الغدة الدرقية، فيجب
الحذر وإكتشافه وعلاجه في الأيام الأولي لأن عدم إكتشافه يؤدي إلي
الإعاقة الذهنية للطفل وقصر القامة والصمم وتأخر البلوغ.
واكتشاف المرض وعلاجه في الأيام الأولي يجنب الطفل كل هذا،
أما العلاج كما توصفه د. نانيس فيكون بتحديد الجرعة المناسبة لتعويض
هذا النقص في الهرمون مع متابعة دقيقة لوزن الطفل وطوله ومحيط
رأسه ونشاطه الحركي والفكري كالنوم واليقضة والإنتباه والتغذية
مع قياس مستوي الهرمون في الدم كل شهر إلي شهرين لمدة ثلاث
سنوات علي الأقل، وعند بلوغ الطفل ثلاث سنوات يتم إعادة تقييم المرض
من قبل الطبيب الذي قد يقترح إيقاف العلاج بعد تلك الفترة لمدة محددة
لمعرفة نسبة إنتاج الثيروكسين الداخلي من الجسم.
وتشيرد.نانيس إلي أن هناك أيضا قصور مكتسب في الغدة الدرقية ويظهر
في أي سن لدي الأطفال، ولكنه أكثر انتشارا في سن المدرسة والبلوغ،
وسببه هو إنخفاض إفراز هرمون الثيروكسين وقد تظهر أعراضه ببطء
علي مدي شهور أو سنين ولذلك يكون من الصعب تشخيصها إكلينيكيا،
ولكن من الأعراض التي قد تثير الشك بوجود قصور الغدة الدرقية عند
الأطفال والمراهقين تأخر النمو وإنخفاض مستوي التحصيل الدراسي
بالإضافة إلي الشكوي من تساقط الشعر مع الإحساس بالبرودة والإمساك
المستمر وزيادة في الوزن أو ترهل في الجسم والميل إلي النعاس والنوم
لفترات طويلة والشعور الدائم بالتعب والكسل وتأخر سن البلوغ.
ومن أكثر أسباب قصور الغدة الدرقية المكتسب شيوعا في الأطفال
والمراهقين إلتهاب المناعة الذاتي بالغدة الدرقية، حيث يهاجم الجهاز
المناعي للجسم الغدة الدرقية مما يؤدي إلي إنخفاض إفراز هرمون
الثيروكسين مع تضخم بالغدة وترتفع نسبة الإصابة به لدي الفتيات –
عشرة أضعاف عنها لدي الأولاد- ويهدف العلاج إلي تعويض هذا النقص
في الهرمون بأقراص التروكسين التي تعطي للطفل يوميا صباحا علي
الريق مع تحديد الجرعة التي تناسب وزن كل طفل مع مراقبة مستوي
الهرمون علي فترات حتي الوصول إلي موازنته في الدم.
وعن الزيادة في وظائف الغدة الدرقية توضح أنه يكون بإفراز كمية كبيرة
جدا من هرمون الثيروكسين، وعند إرتفاع مستويات هذا الهرمون
في الجسم بشكل غير طبيعي فإن الجسم يحرق الطاقة علي نحو أسرع
مما يسبب تسارع العديد من الوظائف الحيوية.
ويعد إضطراب جهاز المناعة في الجسم هو السبب الرئيسي من بين
أسباب زيادة نشاط الغدة الدرقية حيث يؤدي إلي إنتاج الأجسام المضادة
التي تجعل الغدة الدرقية تزيد من تصنيع وإفراز الهرمون، وهذا المرض
أكثر شيوعا في المراهقين كما أنه أكثر في الإناث منه في الذكور.
قد يكون تشخيص هذا المرض صعبا في الأطفال نظرا لبطء تطوره، ولكن
توجد بعض الأعراض منها تغيرات في السلوك والأداء المدرسي، صعوبة
في النوم -الأرق- وكثرة التبول مع تكرار الإستيقاظ أثناء الليل للذهاب
لدورة المياه، وإرتعاش اليدين وزيادة الشهية المصحوبة بنقصان الوزن
والإسهال والعصبية الزائدة والشعور بالحر وكثرة العرق مع عدم تحمل
درجات الحرارة المرتفعة، كما يؤثر هذا المرض علي العين حيث نلاحظ
جحوظا في العينين مع زيادة معدل ضربات القلب وتضخم الغدة الدرقية.
والعلاج يكون بتقليل كمية الهرمون في مجري الدم وذلك بتناول عقاقير
تساعد علي توقف الغدة عن تصنيع الهرمون ولكن لا نستطيع إعطاء
العلاج الطبي لفترات طويلة لأنه قد يؤثر علي خلايا الدم وغيرها
من أجهزة الجسم المختلفة، وقد تتحسن بعض حالات هذا المرض
من خلال هذه الطريقة العلاجية ولا يعود إليهم المصابين به مرة أخري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق