دعوت بالزواج من رجل معين
د. صغير بن محمد الصغير
السؤال
♦ الملخص:
فتاة أُعجبت برجلٍ، وظلَّت تدعو الله أن يرزُقَها إيَّاه، وبعد ذلك رأتْ أن ذلك خطأ،
وتعاني ضيقًا شديدًا في الصدر يَجعلها غيرَ خاشعةٍ في الصلاة، وتسأل: ماذا تفعل؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في العقد الثالث من عمري، أُعجبت برجل لشهامته وكرَمه وذكائه، وتمنيتُه زوجًا لي، فكنتُ أدعو الله أن يجمعني به، وأن يُحرِّم عليَّ كلَّ الرجال إلا هو، وكنت أُلِحُّ في الدعاء في الحضَر والسفر، وأتحرَّى أوقات الإجابة، وبعد أربع سنوات أدركتُ أن كلَّ ما أفعله خطأٌ، وأنه يجب أن أراعي جوانبَ كثيرة في اختيار الزوج المناسب لي ولعائلتي، فتوقفتُ عن ذلك الدعاء، لكني الآن عُدت أدعو الله أن يرزقني زوجًا صالحًا، وسؤالي: هل ما أفعله صحيح؟ هل من الأدب مع الله أن أدعوه بشيءٍ، ثم أغيِّر رأيي وأدعوه بشيء آخرَ؟ هل سيغفر الله لي ويُجنبني مساوئ دعائي السابق؟ وهل إعجابي بأي رجل يعطيني الحق في أن أدعوَ الله أن يجعله زوجًا لي؟
أمرٌ آخرُ، وهو أني ولله الحمد والفضل والمنَّة تائبة إلى الله، فاسألوا الله لي الثبات جزاكم الله خيرًا، ولكني الآن أعاني ضيقًا في الصدر، ومن شدة الضيق لا أستطيع أن أبكي أو أشكو لله أيَّ شيءٍ، ولا أستطيع التلذذ بالصلاة والخشوع فيها! فما الحل لذهاب هذا الضيق؛ كي أُقبل على الله بقلبي وكل جوارحي؟ جزاكم الله خيرًا.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
في البداية، أختي الفاضلة هنيئًا لك التوبة والرجوع إلى الله تعالى،
وإياك والقنوط من رحمة الله تعالى؛ فإنه مدخل من مداخل الشيطان على العباد:
{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }
[الزمر: 53]،
وصفة المغفرة والرحمة وصفان لازمان ذاتيان، لا تنفك ذاتُه سبحانه عنهما، ولم تزَل آثارهما سارية في الوجود، مالئة للموجود، تسح يداه
من الخيرات آناءَ الليل والنهار، ويوالي النعم على العباد والفواضل في السر والجهار، والعطاء أحبُّ إليه من المنع، والرحمة سبقت الغضب وغلبته، ولكن لمغفرته ورحمته ونيلهما أسبابٌ إن لم يأت بها العبد، فقد أغلق على نفسه باب الرحمة والمغفرة، وأعظمها وأجلها، ولا سبب لها غيره: الإنابة إلى الله تعالى بالتوبة النصوح، والدعاء والتضرع والتعبد؛ فهَلُمَّ إلى هذا السبب الأجل والطريق الأعظم"؛ ابن سعدي، 1 /727.
الله سبحانه هو من يقدِّر الخير للعبد، فإذا عُلم ذلك وجَب على العبد أن يثق ويتوكل عليه سبحانه، مع بذل السبب بالدعاء والإلحاح على الله، ومتى ما تبيَّن له خطأ طريقٍ يسلكه، فرجع عنه فلا جناح عليه، بل إن الله تعالى هو من صرَفه عنه ربما لصِدق دعائه وتوجُّهه.
اجعَلي دعاءك دائمًا أن يقدِّر الله لكِ الأصلح، فالله ذو فضلٍ عظيم، ولا تتعلقي بشخص بذاته، فربما هذا التعلق يزيد داءَك وهمومك، وهذا من أخطر الأمور على العبد، ومن مداخل الشيطان عليه.
من أهم الأمور التي تُعين العبد على إجابة الدعاء: التزام آدابه وتحرِّي أوقاته؛ كحضور القلب، والبدء بالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، والدعاء بأسمائه وصفاته بما يناسب ما يُدْعَى له؛ كقولك: يا غفور اغفِر لي، يا رزَّاق ارزُقني، ورفع اليدين واستقبال القِبلة، وعدم أكل الحرام، والبعد عن المعاصي، وتحري الأوقات والحالات؛ كحال السجود، والدعاء بين الأذان والإقامة، وساعة الجمعة، وآخر الليل، وملازمة الأدعية الواردة في الكتاب والسنة، وألا يدعو بظُلمٍ أو بقطيعة رحمٍ، وعدم استعجال الإجابة، فإن الله معطيه لا مَحالة!
مع دعائنا لكِ جميعًا بالثبات، عليك أن تدعي لنفسِك أيضًا، ولازمي الذكر، واقرئي آيات السكينة والزَمي الطاعة،
فإن ذلك مما يشرَح الصدر بإذن الله، واطمئنِّي وأبشِري، فمن في مثل حالتك إن صبر وشكر ودعا واحتسَب،
فهو إلى خيرٍ، وعلى خير عظيم بإذن الله،
وفَّقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
منقول للفائدة
د. صغير بن محمد الصغير
السؤال
♦ الملخص:
فتاة أُعجبت برجلٍ، وظلَّت تدعو الله أن يرزُقَها إيَّاه، وبعد ذلك رأتْ أن ذلك خطأ،
وتعاني ضيقًا شديدًا في الصدر يَجعلها غيرَ خاشعةٍ في الصلاة، وتسأل: ماذا تفعل؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في العقد الثالث من عمري، أُعجبت برجل لشهامته وكرَمه وذكائه، وتمنيتُه زوجًا لي، فكنتُ أدعو الله أن يجمعني به، وأن يُحرِّم عليَّ كلَّ الرجال إلا هو، وكنت أُلِحُّ في الدعاء في الحضَر والسفر، وأتحرَّى أوقات الإجابة، وبعد أربع سنوات أدركتُ أن كلَّ ما أفعله خطأٌ، وأنه يجب أن أراعي جوانبَ كثيرة في اختيار الزوج المناسب لي ولعائلتي، فتوقفتُ عن ذلك الدعاء، لكني الآن عُدت أدعو الله أن يرزقني زوجًا صالحًا، وسؤالي: هل ما أفعله صحيح؟ هل من الأدب مع الله أن أدعوه بشيءٍ، ثم أغيِّر رأيي وأدعوه بشيء آخرَ؟ هل سيغفر الله لي ويُجنبني مساوئ دعائي السابق؟ وهل إعجابي بأي رجل يعطيني الحق في أن أدعوَ الله أن يجعله زوجًا لي؟
أمرٌ آخرُ، وهو أني ولله الحمد والفضل والمنَّة تائبة إلى الله، فاسألوا الله لي الثبات جزاكم الله خيرًا، ولكني الآن أعاني ضيقًا في الصدر، ومن شدة الضيق لا أستطيع أن أبكي أو أشكو لله أيَّ شيءٍ، ولا أستطيع التلذذ بالصلاة والخشوع فيها! فما الحل لذهاب هذا الضيق؛ كي أُقبل على الله بقلبي وكل جوارحي؟ جزاكم الله خيرًا.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
في البداية، أختي الفاضلة هنيئًا لك التوبة والرجوع إلى الله تعالى،
وإياك والقنوط من رحمة الله تعالى؛ فإنه مدخل من مداخل الشيطان على العباد:
{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }
[الزمر: 53]،
وصفة المغفرة والرحمة وصفان لازمان ذاتيان، لا تنفك ذاتُه سبحانه عنهما، ولم تزَل آثارهما سارية في الوجود، مالئة للموجود، تسح يداه
من الخيرات آناءَ الليل والنهار، ويوالي النعم على العباد والفواضل في السر والجهار، والعطاء أحبُّ إليه من المنع، والرحمة سبقت الغضب وغلبته، ولكن لمغفرته ورحمته ونيلهما أسبابٌ إن لم يأت بها العبد، فقد أغلق على نفسه باب الرحمة والمغفرة، وأعظمها وأجلها، ولا سبب لها غيره: الإنابة إلى الله تعالى بالتوبة النصوح، والدعاء والتضرع والتعبد؛ فهَلُمَّ إلى هذا السبب الأجل والطريق الأعظم"؛ ابن سعدي، 1 /727.
الله سبحانه هو من يقدِّر الخير للعبد، فإذا عُلم ذلك وجَب على العبد أن يثق ويتوكل عليه سبحانه، مع بذل السبب بالدعاء والإلحاح على الله، ومتى ما تبيَّن له خطأ طريقٍ يسلكه، فرجع عنه فلا جناح عليه، بل إن الله تعالى هو من صرَفه عنه ربما لصِدق دعائه وتوجُّهه.
اجعَلي دعاءك دائمًا أن يقدِّر الله لكِ الأصلح، فالله ذو فضلٍ عظيم، ولا تتعلقي بشخص بذاته، فربما هذا التعلق يزيد داءَك وهمومك، وهذا من أخطر الأمور على العبد، ومن مداخل الشيطان عليه.
من أهم الأمور التي تُعين العبد على إجابة الدعاء: التزام آدابه وتحرِّي أوقاته؛ كحضور القلب، والبدء بالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، والدعاء بأسمائه وصفاته بما يناسب ما يُدْعَى له؛ كقولك: يا غفور اغفِر لي، يا رزَّاق ارزُقني، ورفع اليدين واستقبال القِبلة، وعدم أكل الحرام، والبعد عن المعاصي، وتحري الأوقات والحالات؛ كحال السجود، والدعاء بين الأذان والإقامة، وساعة الجمعة، وآخر الليل، وملازمة الأدعية الواردة في الكتاب والسنة، وألا يدعو بظُلمٍ أو بقطيعة رحمٍ، وعدم استعجال الإجابة، فإن الله معطيه لا مَحالة!
مع دعائنا لكِ جميعًا بالثبات، عليك أن تدعي لنفسِك أيضًا، ولازمي الذكر، واقرئي آيات السكينة والزَمي الطاعة،
فإن ذلك مما يشرَح الصدر بإذن الله، واطمئنِّي وأبشِري، فمن في مثل حالتك إن صبر وشكر ودعا واحتسَب،
فهو إلى خيرٍ، وعلى خير عظيم بإذن الله،
وفَّقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
منقول للفائدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق