سلسلة أعمال القلوب (04)
للشيخ : خالد بن عثمان السبت
ومعلوم أن:' المرء بأصغريه'، وهما: قلبه ولسانه، ولا يقال: قلبه وعقله،
أو يقال: لسانه وعقله، أو يقال: لسانه ودماغه، وإنما يقال: قلبه الذي هو
محل للعقل .. أما الطب الحديث فهو لم يتوصل إلى حقيقة هذه القضية، ولن
يتوصل إليها إطلاقاً لأنها من الأمور الغيبية .. ما الذي يؤثر على أعمال
الإنسان المعنوية وإرادته، أين وكيف تقع أمور الخوف والرجاء والمحبة
والرضا والسرور والانقباض وغير ذلك من الأمور كيف تقع للإنسان؟
لا يستطيع الطب أن يحدد ذلك، وإنما غاية ما يقرره الطب: أن المكان الذي
يؤثر على الأفعال الحسية هو الدماغ، وهذا لا يمنع أن يكون للقلب تعلق بهذه
الأمور، لكن الطب لم يتوصل إليها ومعلوم أن الطب يتعلق بالأمور التي
يمكنه أن يصل إليها دون الأمور الغيبية؛ لأنه لا يطلع عليها
إلا الله عز وجل.
ولما كانت حياة الإنسان الظاهرة متعلقة بالقلب والدماغ معاً على نحو
ظاهر؛ فيمكن بذلك أن تتعلق إرادته وإحساساته بالقلب والدماغ معاً، فإن
الإنسان لا يستطيع أن يعيش على نحو سوي إلا بسلامة قلبه ودماغه، فما
المانع أن يكون بين قلبه ودماغه تعلق وثيق مؤثر على أفعاله وتصرفاته
المعنوية وكذا ما نسميه بالأمراض القلبية والإحساسات والمشاعر الداخلية،
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:' قِيلَ : إنَّ الْعَقْلَ فِي الدِّمَاغِ . كَمَا
يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَطِبَّاءِ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد وَيَقُولُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ :
إنَّ أَصْلَ الْعَقْلِ فِي الْقَلْبِ فَإِذَا كَمُلَ انْتَهَى إلَى الدِّمَاغِ . وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الرُّوحَ
الَّتِي هِيَ النَّفْسُ لَهَا تَعَلُّقٌ بِهَذَا وَهَذَا وَمَا يَتَّصِفُ مِنْ الْعَقْلِ بِهِ يَتَعَلَّقُ بِهَذَا
وَهَذَا لَكِنَّ مَبْدَأَ الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ فِي الدِّمَاغِ وَمَبْدَأَ الْإِرَادَةِ فِي الْقَلْبِ . وَالْعَقْلُ يُرَادُ
بِهِ الْعِلْمُ وَيُرَادُ بِهِ الْعَمَلُ فَالْعِلْمُ وَالْعَمَلُ الِاخْتِيَارِيُّ أَصْلُهُ الْإِرَادَةُ وَأَصْلُ الْإِرَادَةِ
فِي الْقَلْبِ وَالْمُرِيدُ لَا يَكُونُ مُرِيدًا إلَّا بَعْدَ تَصَوُّرِ الْمُرَادِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْقَلْبُ
مُتَصَوِّرًا فَيَكُونُ مِنْهُ هَذَا وَهَذَا '
[الفتاوى 9 / 303 ] .
ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
'الأفئدة هي العقول التي مركزها القلب على الصحيح وقيل الدماغ'
[تفسير ابن كثير 4 / 508] .
فعلى كل حال: هذه الأدلة جميعاً تدل على أن محل الإرادات والخواطر وما
يقع للإنسان من محبة وبغض ورضا وإنابة وما إلى ذلك أن محل ذلك جميعاً
هو القلب .. وهذا القلب ليس ثمة مانع أن يكون له اتصال بالدماغ .
الله عز وجل أعلم به ويدل على ذلك أن الإنسان إذا ضرب على دماغه لربما
فقد عقله فهذا يدل على وجود نوع اتصال بينهما لكن ليس معنى ذلك أن محل
العقل هو ذلك الدماغ فحسب، وإنما لهما اتصال، والقلب هو مستقر الإرادات،
للشيخ : خالد بن عثمان السبت
ومعلوم أن:' المرء بأصغريه'، وهما: قلبه ولسانه، ولا يقال: قلبه وعقله،
أو يقال: لسانه وعقله، أو يقال: لسانه ودماغه، وإنما يقال: قلبه الذي هو
محل للعقل .. أما الطب الحديث فهو لم يتوصل إلى حقيقة هذه القضية، ولن
يتوصل إليها إطلاقاً لأنها من الأمور الغيبية .. ما الذي يؤثر على أعمال
الإنسان المعنوية وإرادته، أين وكيف تقع أمور الخوف والرجاء والمحبة
والرضا والسرور والانقباض وغير ذلك من الأمور كيف تقع للإنسان؟
لا يستطيع الطب أن يحدد ذلك، وإنما غاية ما يقرره الطب: أن المكان الذي
يؤثر على الأفعال الحسية هو الدماغ، وهذا لا يمنع أن يكون للقلب تعلق بهذه
الأمور، لكن الطب لم يتوصل إليها ومعلوم أن الطب يتعلق بالأمور التي
يمكنه أن يصل إليها دون الأمور الغيبية؛ لأنه لا يطلع عليها
إلا الله عز وجل.
ولما كانت حياة الإنسان الظاهرة متعلقة بالقلب والدماغ معاً على نحو
ظاهر؛ فيمكن بذلك أن تتعلق إرادته وإحساساته بالقلب والدماغ معاً، فإن
الإنسان لا يستطيع أن يعيش على نحو سوي إلا بسلامة قلبه ودماغه، فما
المانع أن يكون بين قلبه ودماغه تعلق وثيق مؤثر على أفعاله وتصرفاته
المعنوية وكذا ما نسميه بالأمراض القلبية والإحساسات والمشاعر الداخلية،
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:' قِيلَ : إنَّ الْعَقْلَ فِي الدِّمَاغِ . كَمَا
يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَطِبَّاءِ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد وَيَقُولُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ :
إنَّ أَصْلَ الْعَقْلِ فِي الْقَلْبِ فَإِذَا كَمُلَ انْتَهَى إلَى الدِّمَاغِ . وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الرُّوحَ
الَّتِي هِيَ النَّفْسُ لَهَا تَعَلُّقٌ بِهَذَا وَهَذَا وَمَا يَتَّصِفُ مِنْ الْعَقْلِ بِهِ يَتَعَلَّقُ بِهَذَا
وَهَذَا لَكِنَّ مَبْدَأَ الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ فِي الدِّمَاغِ وَمَبْدَأَ الْإِرَادَةِ فِي الْقَلْبِ . وَالْعَقْلُ يُرَادُ
بِهِ الْعِلْمُ وَيُرَادُ بِهِ الْعَمَلُ فَالْعِلْمُ وَالْعَمَلُ الِاخْتِيَارِيُّ أَصْلُهُ الْإِرَادَةُ وَأَصْلُ الْإِرَادَةِ
فِي الْقَلْبِ وَالْمُرِيدُ لَا يَكُونُ مُرِيدًا إلَّا بَعْدَ تَصَوُّرِ الْمُرَادِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْقَلْبُ
مُتَصَوِّرًا فَيَكُونُ مِنْهُ هَذَا وَهَذَا '
[الفتاوى 9 / 303 ] .
ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
'الأفئدة هي العقول التي مركزها القلب على الصحيح وقيل الدماغ'
[تفسير ابن كثير 4 / 508] .
فعلى كل حال: هذه الأدلة جميعاً تدل على أن محل الإرادات والخواطر وما
يقع للإنسان من محبة وبغض ورضا وإنابة وما إلى ذلك أن محل ذلك جميعاً
هو القلب .. وهذا القلب ليس ثمة مانع أن يكون له اتصال بالدماغ .
الله عز وجل أعلم به ويدل على ذلك أن الإنسان إذا ضرب على دماغه لربما
فقد عقله فهذا يدل على وجود نوع اتصال بينهما لكن ليس معنى ذلك أن محل
العقل هو ذلك الدماغ فحسب، وإنما لهما اتصال، والقلب هو مستقر الإرادات،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق