سلسلة أعمال القلوب (78)
النقطة التاسعة ثمرات اليقين:
والأمور التي يؤثرها في سلوك الإنسان، وفي قلبه،
وفي سائر تصرفاته وأعماله:
وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مناظرته المشهورة للبطائحية،
وهم طائفة من الصوفية كانوا يطلون أجسامهم بطلاء معين، ثم يدخلون في
النار ولا يحترفون، فأضلوا طائفة من المسلمين، ولبَّسوا عليهم حيث زعموا
أن هذا من الكرامات، وأن هذا يدل على أن ما هم عليه من الباطل هو الحق،
وأن الله يؤيدهم على ذلك بهذه الكرامات، فماذا صنع شيخ الإسلام رحمه
الله؟! استخار ربه، واستعانه، واستنصره، واستهداه يقول:' فسلكت سبيل
عباد الله في هذه المسالك حتى أُلقى في قلبي أن أدخل النار عند الحاجة إلى
ذلك، وأنها تكون برداً وسلاماً على من اتبع ملة إبراهيم صلى الله عليه وسلم،
وأنها تحرق أشباه الصابئة'. ولما حضر شيخ الإسلام معهم أمام السلطان،
وجلس شيوخهم بين يديه، قال للسلطان:' هؤلاء يزعمون أن لهم أحوالا
يدخلون بها النار، وأن أهل الشريعة- يعني: العلماء والفقهاء- لا يقدرون
على ذلك، ويقولون: لنا هذه الأحوال التي يعجز عنها أهل الشَرع، وليس لهم
أن يعترضوا علينا، بل ينبغي أن يُسَلِّمُوا لنا ما نحن فيه، سواء وافق الشرع
أو خالفه'. يقول شيخ الإسلام للسلطان:' وأنا استخرت الله سبحانه أن أدخل
النار إذا دخلوها، ومن احترق منا ومنهم؛ فعليه لعنة الله، وكان مغلوباً'.
فاستعظم الأمير هجوم شيخ الإسلام على النار، وقبوله الدخول فيها، فقال له:
أتفعل ذلك؟ يقول، فقلت:' نعم قد استخرت الله في ذلك، وألقى في قلبي أن
أفعله، ونحن لا نرى هذا وأمثاله ابتداء، فإن خوارق العادات إنما تكون لأمة
محمد صلى الله عليه وسلم، المتبعين له باطناً وظاهراً، لحجة أو حاجة'.
شيخ الإسلام يقول: نحن لا نرى أن المؤمن يقتحم على مثل هذه الأمور التي
تهلك عادة من غير مبرر شرعي. إنما يقتحم فيها في أحد حالين: إما لإقامة
الحجة أنه على الحق، وإما لحاجة كما فعل سعد بن أبي وقّاص رضى الله عنه
حينما ركب على الماء، يقول شيخ الإسلام:' إن هؤلاء إذا أظهروا ما يسمونه
إشاراتهم، وبراهينهم التي يزعمون أنها تبطل دين الله وشرعه؛ وجب علينا
أن ننصر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ونقوم بنصر دين الله وشريعته
بما نقدر عليه من أرواحنا، وجسومنا، وأموالنا، فلنا حينئذ أن نعارض ما
يظهرونه من هذه المخاريق بما يؤيدنا الله به من الآيات'.
فانظر إلى شيخ الإسلام رحمه الله: جاء إلى السلطان، وتحداهم أن يدخل
معهم في النار، فلما رأوا جزمه على ذلك أبوا، واقتنعوا، وقال كبيرهم:
بل نطلب المصالحة، فطلب منهم شيخ الإسلام أن يتركوا هذه الأفعال التي
تخالف الشريعة، والتي تُلَبِّس على عوام المسلمين؛ فأقروا بذلك عند الأمير،
وهذا مقام لا يفعله أحد من الناس إلا من اكتمل يقينه، وكان هذا
اليقين مزموماً بالعلم.
النقطة التاسعة ثمرات اليقين:
والأمور التي يؤثرها في سلوك الإنسان، وفي قلبه،
وفي سائر تصرفاته وأعماله:
وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مناظرته المشهورة للبطائحية،
وهم طائفة من الصوفية كانوا يطلون أجسامهم بطلاء معين، ثم يدخلون في
النار ولا يحترفون، فأضلوا طائفة من المسلمين، ولبَّسوا عليهم حيث زعموا
أن هذا من الكرامات، وأن هذا يدل على أن ما هم عليه من الباطل هو الحق،
وأن الله يؤيدهم على ذلك بهذه الكرامات، فماذا صنع شيخ الإسلام رحمه
الله؟! استخار ربه، واستعانه، واستنصره، واستهداه يقول:' فسلكت سبيل
عباد الله في هذه المسالك حتى أُلقى في قلبي أن أدخل النار عند الحاجة إلى
ذلك، وأنها تكون برداً وسلاماً على من اتبع ملة إبراهيم صلى الله عليه وسلم،
وأنها تحرق أشباه الصابئة'. ولما حضر شيخ الإسلام معهم أمام السلطان،
وجلس شيوخهم بين يديه، قال للسلطان:' هؤلاء يزعمون أن لهم أحوالا
يدخلون بها النار، وأن أهل الشريعة- يعني: العلماء والفقهاء- لا يقدرون
على ذلك، ويقولون: لنا هذه الأحوال التي يعجز عنها أهل الشَرع، وليس لهم
أن يعترضوا علينا، بل ينبغي أن يُسَلِّمُوا لنا ما نحن فيه، سواء وافق الشرع
أو خالفه'. يقول شيخ الإسلام للسلطان:' وأنا استخرت الله سبحانه أن أدخل
النار إذا دخلوها، ومن احترق منا ومنهم؛ فعليه لعنة الله، وكان مغلوباً'.
فاستعظم الأمير هجوم شيخ الإسلام على النار، وقبوله الدخول فيها، فقال له:
أتفعل ذلك؟ يقول، فقلت:' نعم قد استخرت الله في ذلك، وألقى في قلبي أن
أفعله، ونحن لا نرى هذا وأمثاله ابتداء، فإن خوارق العادات إنما تكون لأمة
محمد صلى الله عليه وسلم، المتبعين له باطناً وظاهراً، لحجة أو حاجة'.
شيخ الإسلام يقول: نحن لا نرى أن المؤمن يقتحم على مثل هذه الأمور التي
تهلك عادة من غير مبرر شرعي. إنما يقتحم فيها في أحد حالين: إما لإقامة
الحجة أنه على الحق، وإما لحاجة كما فعل سعد بن أبي وقّاص رضى الله عنه
حينما ركب على الماء، يقول شيخ الإسلام:' إن هؤلاء إذا أظهروا ما يسمونه
إشاراتهم، وبراهينهم التي يزعمون أنها تبطل دين الله وشرعه؛ وجب علينا
أن ننصر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ونقوم بنصر دين الله وشريعته
بما نقدر عليه من أرواحنا، وجسومنا، وأموالنا، فلنا حينئذ أن نعارض ما
يظهرونه من هذه المخاريق بما يؤيدنا الله به من الآيات'.
فانظر إلى شيخ الإسلام رحمه الله: جاء إلى السلطان، وتحداهم أن يدخل
معهم في النار، فلما رأوا جزمه على ذلك أبوا، واقتنعوا، وقال كبيرهم:
بل نطلب المصالحة، فطلب منهم شيخ الإسلام أن يتركوا هذه الأفعال التي
تخالف الشريعة، والتي تُلَبِّس على عوام المسلمين؛ فأقروا بذلك عند الأمير،
وهذا مقام لا يفعله أحد من الناس إلا من اكتمل يقينه، وكان هذا
اليقين مزموماً بالعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق