أطفال مشردون في رحلة البحث عن دفئ مزعوم
عائشة ضمير
تعد ظاهرة الأطفال المشردين، مأساة حقيقية تبرز حدتها مع كل فصل شتاء.
مشردون قسى عليهم الزمن، ولم تنصفهم الظروف، فوجدوا أنفسهم يحتمون بالشوارع، الأزقة، أشجار الحدائق، ومداخل العمارات، يقتاتون مما تجود به بعض الأيادي الرحيمة، والجمعيات الخيرية.
في جولة سريعة بأحياء العاصمة الإقتصادية، تراهم موزعين في المحطات الطرقية تارة، وتارة أخرى أمام أبواب المساجد، والمحلات الغذائية، يستعطفون الناس، عساهم يحصلون على لقمة تسد جوعهم، وتدفئ برودة أجسامهم الهزيلة.
” أيوب” طفل لم يتجاوز عمره الثانية عشرة، أطلعنا على صفحات حياته بكل تجلياتها، لم يتوانى لحظة عن الإجابة على أسئلة ظلت تراود عقولنا، أهمها الدوافع التي جعلته يتخذ من الشارع مأوى له.
يقول أيوب: ” منذ صغري وأنا أعيش في بيت، لم تعرف السعادة إليه طريقا. والدي مدمن على شرب الخمر، وأمي إمرأة مسكينة لا حول لها ولا قوة أمام جبروت أبي، تشتغل بالمنازل كي تلبي جزءا بسيطا من طلباتنا، وتدفع ثمن كراء غرفة بالسطوح. كل ليلة ننام على صوت شجارهما الذي لا ينتهي، الأمر الذي دفعني إلى مغادرة المنزل بحثا عن حياة أخرى، فهي كيفما كانت لا أظن أنها ستكون أقسى علي من حياتي مع والدي “.
تركنا أيوب ورحل، وبخطى متثاقلة بدأ يشق طريقه في رحلة نحو المجهول، فجأة توقف ليحتمي بحائط إحدى
العمارات المهجورة، وهو يرتدي ثيابا رثة، وحذاء بلاستيكيا،
وجهه شاحب، أسنانه تصطك من شدة البرد، يقضي يومه في التسول، لشراء وجبة تسد جوع بطنه بالنهار،
وتجعله يحصل على مخدر بخس الثمن، يدفئ جسده الصغير، ويحتمي به من قساوة البرد بالليل.
هم عديدون، ولكل منهم قصته ودوافعه للتشرد. لم يختاروا الشارع بمحض إرادتهم، إنما هي الظروف
الإجتماعية القاسية، هي التي دفعتهم لذلك. منهم من توفي أباه ولم يجد له معيلا، ومنهم من انفصل والداه
فرفض الأب الإنفاق عليه، ومنهم من لم يتمكن من مواصلة دراسته، إلى غيرها من الأسباب التي يبقى الدافع
الأكبر إليها هو الفقر، ليجدوا أنفسهم بين أحضان الشارع،
كفضاء واسع مفتوح لكل من يطلبه، فلا نستغرب بعد ذلك،
إذا تحول هؤلاء الأطفال، إلى أشخاص منحرفين يميلون إلى الجريمة بكل أنواعها.
هو وضع إذن، عجل بتدخل بعض جمعيات المجتمع المدني من أجل حماية هؤلاء الأطفال، وإن كانت لاتفي بالغرض
المطلوب، لأن عددهم في تزايد مستمر. كما أن هذه المبادرات، تبقى فردية وغير مهيكلة أحيانا، الأمر الذي
يجعلهم عرضة لمجموعة من المشاكل و الأمراض،
كالزكام، الربو، السل، الروماتيزم، وأحيانا الموت من شدة البرد. ناهيك عن الإستغلال الذي يعيشونه من طرف
بعضهم البعض، أو من طرف الغير، كالإستغلال الجنسي،
السرقة، والإعتداء بالضرب المؤدي أحيانا إلى الوفاة.
إن رعاية الأطفال هو واجب علينا، وحق لهم، فالطفل من حقه أن يعيش طفولته بكل معانيها،
وتجلياتها وسط أسرته، وأقرانه، فيلعب، يلهو، ويتعلمْ لا أن يتشرد، فيتسول، ويسرق، ليصبح في الأخير مجرما.
عائشة ضمير
تعد ظاهرة الأطفال المشردين، مأساة حقيقية تبرز حدتها مع كل فصل شتاء.
مشردون قسى عليهم الزمن، ولم تنصفهم الظروف، فوجدوا أنفسهم يحتمون بالشوارع، الأزقة، أشجار الحدائق، ومداخل العمارات، يقتاتون مما تجود به بعض الأيادي الرحيمة، والجمعيات الخيرية.
في جولة سريعة بأحياء العاصمة الإقتصادية، تراهم موزعين في المحطات الطرقية تارة، وتارة أخرى أمام أبواب المساجد، والمحلات الغذائية، يستعطفون الناس، عساهم يحصلون على لقمة تسد جوعهم، وتدفئ برودة أجسامهم الهزيلة.
” أيوب” طفل لم يتجاوز عمره الثانية عشرة، أطلعنا على صفحات حياته بكل تجلياتها، لم يتوانى لحظة عن الإجابة على أسئلة ظلت تراود عقولنا، أهمها الدوافع التي جعلته يتخذ من الشارع مأوى له.
يقول أيوب: ” منذ صغري وأنا أعيش في بيت، لم تعرف السعادة إليه طريقا. والدي مدمن على شرب الخمر، وأمي إمرأة مسكينة لا حول لها ولا قوة أمام جبروت أبي، تشتغل بالمنازل كي تلبي جزءا بسيطا من طلباتنا، وتدفع ثمن كراء غرفة بالسطوح. كل ليلة ننام على صوت شجارهما الذي لا ينتهي، الأمر الذي دفعني إلى مغادرة المنزل بحثا عن حياة أخرى، فهي كيفما كانت لا أظن أنها ستكون أقسى علي من حياتي مع والدي “.
تركنا أيوب ورحل، وبخطى متثاقلة بدأ يشق طريقه في رحلة نحو المجهول، فجأة توقف ليحتمي بحائط إحدى
العمارات المهجورة، وهو يرتدي ثيابا رثة، وحذاء بلاستيكيا،
وجهه شاحب، أسنانه تصطك من شدة البرد، يقضي يومه في التسول، لشراء وجبة تسد جوع بطنه بالنهار،
وتجعله يحصل على مخدر بخس الثمن، يدفئ جسده الصغير، ويحتمي به من قساوة البرد بالليل.
هم عديدون، ولكل منهم قصته ودوافعه للتشرد. لم يختاروا الشارع بمحض إرادتهم، إنما هي الظروف
الإجتماعية القاسية، هي التي دفعتهم لذلك. منهم من توفي أباه ولم يجد له معيلا، ومنهم من انفصل والداه
فرفض الأب الإنفاق عليه، ومنهم من لم يتمكن من مواصلة دراسته، إلى غيرها من الأسباب التي يبقى الدافع
الأكبر إليها هو الفقر، ليجدوا أنفسهم بين أحضان الشارع،
كفضاء واسع مفتوح لكل من يطلبه، فلا نستغرب بعد ذلك،
إذا تحول هؤلاء الأطفال، إلى أشخاص منحرفين يميلون إلى الجريمة بكل أنواعها.
هو وضع إذن، عجل بتدخل بعض جمعيات المجتمع المدني من أجل حماية هؤلاء الأطفال، وإن كانت لاتفي بالغرض
المطلوب، لأن عددهم في تزايد مستمر. كما أن هذه المبادرات، تبقى فردية وغير مهيكلة أحيانا، الأمر الذي
يجعلهم عرضة لمجموعة من المشاكل و الأمراض،
كالزكام، الربو، السل، الروماتيزم، وأحيانا الموت من شدة البرد. ناهيك عن الإستغلال الذي يعيشونه من طرف
بعضهم البعض، أو من طرف الغير، كالإستغلال الجنسي،
السرقة، والإعتداء بالضرب المؤدي أحيانا إلى الوفاة.
إن رعاية الأطفال هو واجب علينا، وحق لهم، فالطفل من حقه أن يعيش طفولته بكل معانيها،
وتجلياتها وسط أسرته، وأقرانه، فيلعب، يلهو، ويتعلمْ لا أن يتشرد، فيتسول، ويسرق، ليصبح في الأخير مجرما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق