هل أخفقتَ في تربية أولادك؟!
كل شيء يتم بقدر الله: النفع والضرّ، والحياة والموت، والهداية والضلال…
لكننا لا نذكر هذه الحقيقة مثلما نذكرها حين نجد انحرافاً أو قصوراً
في أحد أولادنا.
ثم إننا نفاخر بمظاهر النجاح والنبوغ في أولادنا. فيباهي أحدنا بأن علامات
النجابة والنباهة بادية على ابنه منذ سنواته الأولى، أو أن ابنه متفوّق
في دراسته، أو أنه يحوز الجوائز الكثيرة في مسابقات حفظ القرآن الكريم،
أو المسابقات الثقافية أو الرياضية…
فحين نجد مظاهر النجاح نفاخر، وحين نرى أمارات التخلف نقول:
إنما الهداية بيد الله، وقد أراد الله لولدي هذا فماذا يسعني؟! وقد نحتجّ بأن
ابن نوح لم يهتد، مع أنّ أباه عليه السلام كان نبيّاً، وأن الله تعالى خاطب
نبيّه صلى الله عليه وسلم فقال:
{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}.
{سورة القصص: 56}.
إن الهداية بيد الله وحده، ولكن الله سنّ سنناً،
وجعل النتائج مرتبطة بالأسباب.
وحتى نكون مُنصفين نذكر أنّ بعض الأمور ترتبط بأسباب واضحة محددة،
يستطيع الإنسان، في الغالب، أن يسيطر عليها، لدرجة أنه يغفُل بذلك عن قدر
الله الفاعل ومشيئته الغلّابة، حتى إننا نردّد مقتنعين: “مَنْ جَدّ وَجَد، ومَن
سار على الدرب وصل”. مع أن الإنسان قد يجِدُّ ثم لا تنفتح له الأبواب.
ولكن أموراً أخرى ترتبط بشبكة معقدة من الأسباب، نعرف بعضها ونجهل
بعضاً، ونسيطر على بعضها، ونعجِز عن بعض… لذلك لا نجد العلاقة مطّردة
بين سبب منها والنتائج. ولا بأس أن نوضح ذلك في شؤون التربية.
إنّ شخصية الإنسان محصّلة لمؤثرات كثيرة جداً، منها الوراثي، ومنها
المكتسب. ومن المكتسب ما يبدأ في الشهور الأولى، أو في السنوات الأولى،
ومنها ما يكون في سنوات لاحقة… وإن من هذا وذاك ما يكون الأثر الحاسم
فيه للوالدين والأقربين، ومنها ما تشترك فيه عوامل البيئة المختلفة
من مدارس الحضانة والمدارس الابتدائية فما بعدها، ومن الكتب المدرسية
وغير المدرسية، ومن المجلات والصحف، ومن الإذاعة والتلفزة
والإنترنت… ومن الشارع والملعب والسوق…
ويبقى قدر الله هو الفاعل، فيجعل لبعض هذه المؤثرات نتائج أكثر أهمية
في نفوس أفراد، بينما يجعل لمؤثرات أخرى نتائج حاسمة في نفوس أفراد
آخرين. وقد يبدو أنّ اثنين خضعا لمؤثرات متماثلة ثم اختلفت شخصية
أولهما عن الآخر، فكان أحدهما مهتدياً، وكان الآخر غاوياً!! ولكثرة ما نجد
من نماذج لتبايُن آثار التربية ننفض أيدينا، وننهزم، ونقول: سلّمنا
الأمور لله!.
الأمر يحتاج إلى توضيحات:
الأول: إذا كانت بعض المؤثرات في نفوس أولادك خارجة عن سيطرتك،
فلا أقلّ من أن تهتمّ بالمؤثرات التي هي تحت سيطرتك، وهي أهم المؤثرات،
فتوجيهات الأبوين ورعايتهما، هي المؤثر الأقوى في بقاء الولد على الفطرة
التي فطره الله عليها، أو في تشويه هذه الفطرة
(فأبواه يهوّدانه، أو ينصّرانه، أو يمجّسانه)
[من حديث رواه البخاري ومسلم].
الثاني: إنك تسيطر على أهم المؤثرات التربوية، وهو التربية البيتية، ثم إن
لك أن تعمل، بحكمة ولباقة على التحكم بما أمكنك من المؤثرات الأخرى:
إلغاءً، وتقليصاً، وتعميقاً، وانتقاءً. فمثلاً قد يمكنك تهيئة ما يناسب من كتب
ومجلات وأشرطة تسجيل.. لكل مرحلة من مراحل عمر الولد، بل قد يمكنك
اختيار الحي المناسب أو المدرسة المناسبة، أو الأصدقاء المناسبين…
ولنذْكر أن الاعتساف والإكراه في هذا كله قد يضرّان ولا ينفعان.
كما أن الحكمة في توفير المال المناسب بين يدي الولد، في كل سن
، له دور في شعوره بالذات، وإحساسه برعاية أهله وحبهم له،
وفي حمايته كذلك من السرف والشطط والانحراف…
الثالث: إن المؤثرات التربوية في السنوات الأولى تكون عبر البيت ومَن فيه
من أبوين وإخوة… وما فيه من كتب وتلفاز… وكلما تقدم عمر الطفل زاد
فعل المؤثرات الخارجية. وإن من أهم المؤثرات الأصحاب والرفقاء. فإذا
صحبتَ ابنك معك إلى المسجد، وإلى زيارة الأسر التي تشهد لأبنائها بحسن
التربية… تكون قد أسهمتَ بتهيئة بيئة صالحة يختار منها
أصحابه وأصدقاءه.
الرابع: إن عليك استشعار الشفقة على أولادك، والحرص على هدايتهم،
واستفراغ جهدك في توجيههم وتعليمهم وتربيتهم… فإذا لم يكونوا كما
تحب، بعد هذا كله، لم تكن ملوماً عند الله.
الخامس: إن الله تعالى يبيّن أهمية التربية البيئية في الهداية والضلال.
وأنتَ تقرأ قوله سبحانه:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ …}.
{سورة التحريم: 6}.
وقوله:
{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}. {سورة طه: 132}.
والنبي صلى الله عليه وسلم يبيّن أن كل واحد راع ومسؤول عن رعيّته…
فلولا أن للإنسان دوراً في وقاية أهله من النار، وفي أمره إياهم بالصلاة،
وفي رعايته لهم… ما كانت أوامر الله تعالى وتوجيهات رسوله كذلك.
وأما أن ابن نوح عليه السلام لم يهتدِ، فلأن الله فعّال لما يريد، والمربّي
لا يحيط بجميع المؤثرات في نفس ابنه فضلاً عن أن يتحكم بها،
وأن يرتّب عليها النتائج.
السادس: إن تربية الولد تكون بالأسوة الحسنة، وتهيئة الجو الملتزم
في البيت، وبالتوجيه الحكيم، والتحبيب بقيم الإيمان والفضيلة… وإن
أسلوب التعنيف لا يكون إلا بقدر، وبعد استفراغ الجهود. ألم تَرَ كيف أن
النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
“مُروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع،
واضربوهم عليها وهم أبناء عشر..”. [رواه أحمد وأبو دواد]؟!.
إنّ في قوله – صلى الله عليه وسلم- هذا إشارات كثيرة. منها أن البدء
بالتوجيه يكون في سنّ مبكرة، وأنّ بين البدء بالأمر، وبين الضرب عليه،
ثلاث سنين كاملة!.
السابع: إن الولد يتأثر بسلوك أبويه والتزامهما بالإسلام أكثر مما يتأثر
بتوجيهاتهما القولية. وهو مطّلع أكثر من غيره على صدق
استقامتهما والتزامهما.
الثامن: وإن الولد، لا سيما في سني المراهقة، يحب أن يعمل من خلال
مجموعة. فإذا استطعتَ أن تُهيّئ له أسرةً توجيهية مناسبة له تكون
قد وفّرت على نفسك جهداً كبيراً.
وهناك قواعد وتوجيهات وتوضيحات أخرى يعرفها كثير منّا. والمهم أن نتّقي
الله في أولادنا، ونصدق في رعايتهم، ونسأل الله قبل ذلك كله، وبعده كذلك،
أن يهدينا وإياهم سواءَ السبيل.
كل شيء يتم بقدر الله: النفع والضرّ، والحياة والموت، والهداية والضلال…
لكننا لا نذكر هذه الحقيقة مثلما نذكرها حين نجد انحرافاً أو قصوراً
في أحد أولادنا.
ثم إننا نفاخر بمظاهر النجاح والنبوغ في أولادنا. فيباهي أحدنا بأن علامات
النجابة والنباهة بادية على ابنه منذ سنواته الأولى، أو أن ابنه متفوّق
في دراسته، أو أنه يحوز الجوائز الكثيرة في مسابقات حفظ القرآن الكريم،
أو المسابقات الثقافية أو الرياضية…
فحين نجد مظاهر النجاح نفاخر، وحين نرى أمارات التخلف نقول:
إنما الهداية بيد الله، وقد أراد الله لولدي هذا فماذا يسعني؟! وقد نحتجّ بأن
ابن نوح لم يهتد، مع أنّ أباه عليه السلام كان نبيّاً، وأن الله تعالى خاطب
نبيّه صلى الله عليه وسلم فقال:
{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}.
{سورة القصص: 56}.
إن الهداية بيد الله وحده، ولكن الله سنّ سنناً،
وجعل النتائج مرتبطة بالأسباب.
وحتى نكون مُنصفين نذكر أنّ بعض الأمور ترتبط بأسباب واضحة محددة،
يستطيع الإنسان، في الغالب، أن يسيطر عليها، لدرجة أنه يغفُل بذلك عن قدر
الله الفاعل ومشيئته الغلّابة، حتى إننا نردّد مقتنعين: “مَنْ جَدّ وَجَد، ومَن
سار على الدرب وصل”. مع أن الإنسان قد يجِدُّ ثم لا تنفتح له الأبواب.
ولكن أموراً أخرى ترتبط بشبكة معقدة من الأسباب، نعرف بعضها ونجهل
بعضاً، ونسيطر على بعضها، ونعجِز عن بعض… لذلك لا نجد العلاقة مطّردة
بين سبب منها والنتائج. ولا بأس أن نوضح ذلك في شؤون التربية.
إنّ شخصية الإنسان محصّلة لمؤثرات كثيرة جداً، منها الوراثي، ومنها
المكتسب. ومن المكتسب ما يبدأ في الشهور الأولى، أو في السنوات الأولى،
ومنها ما يكون في سنوات لاحقة… وإن من هذا وذاك ما يكون الأثر الحاسم
فيه للوالدين والأقربين، ومنها ما تشترك فيه عوامل البيئة المختلفة
من مدارس الحضانة والمدارس الابتدائية فما بعدها، ومن الكتب المدرسية
وغير المدرسية، ومن المجلات والصحف، ومن الإذاعة والتلفزة
والإنترنت… ومن الشارع والملعب والسوق…
ويبقى قدر الله هو الفاعل، فيجعل لبعض هذه المؤثرات نتائج أكثر أهمية
في نفوس أفراد، بينما يجعل لمؤثرات أخرى نتائج حاسمة في نفوس أفراد
آخرين. وقد يبدو أنّ اثنين خضعا لمؤثرات متماثلة ثم اختلفت شخصية
أولهما عن الآخر، فكان أحدهما مهتدياً، وكان الآخر غاوياً!! ولكثرة ما نجد
من نماذج لتبايُن آثار التربية ننفض أيدينا، وننهزم، ونقول: سلّمنا
الأمور لله!.
الأمر يحتاج إلى توضيحات:
الأول: إذا كانت بعض المؤثرات في نفوس أولادك خارجة عن سيطرتك،
فلا أقلّ من أن تهتمّ بالمؤثرات التي هي تحت سيطرتك، وهي أهم المؤثرات،
فتوجيهات الأبوين ورعايتهما، هي المؤثر الأقوى في بقاء الولد على الفطرة
التي فطره الله عليها، أو في تشويه هذه الفطرة
(فأبواه يهوّدانه، أو ينصّرانه، أو يمجّسانه)
[من حديث رواه البخاري ومسلم].
الثاني: إنك تسيطر على أهم المؤثرات التربوية، وهو التربية البيتية، ثم إن
لك أن تعمل، بحكمة ولباقة على التحكم بما أمكنك من المؤثرات الأخرى:
إلغاءً، وتقليصاً، وتعميقاً، وانتقاءً. فمثلاً قد يمكنك تهيئة ما يناسب من كتب
ومجلات وأشرطة تسجيل.. لكل مرحلة من مراحل عمر الولد، بل قد يمكنك
اختيار الحي المناسب أو المدرسة المناسبة، أو الأصدقاء المناسبين…
ولنذْكر أن الاعتساف والإكراه في هذا كله قد يضرّان ولا ينفعان.
كما أن الحكمة في توفير المال المناسب بين يدي الولد، في كل سن
، له دور في شعوره بالذات، وإحساسه برعاية أهله وحبهم له،
وفي حمايته كذلك من السرف والشطط والانحراف…
الثالث: إن المؤثرات التربوية في السنوات الأولى تكون عبر البيت ومَن فيه
من أبوين وإخوة… وما فيه من كتب وتلفاز… وكلما تقدم عمر الطفل زاد
فعل المؤثرات الخارجية. وإن من أهم المؤثرات الأصحاب والرفقاء. فإذا
صحبتَ ابنك معك إلى المسجد، وإلى زيارة الأسر التي تشهد لأبنائها بحسن
التربية… تكون قد أسهمتَ بتهيئة بيئة صالحة يختار منها
أصحابه وأصدقاءه.
الرابع: إن عليك استشعار الشفقة على أولادك، والحرص على هدايتهم،
واستفراغ جهدك في توجيههم وتعليمهم وتربيتهم… فإذا لم يكونوا كما
تحب، بعد هذا كله، لم تكن ملوماً عند الله.
الخامس: إن الله تعالى يبيّن أهمية التربية البيئية في الهداية والضلال.
وأنتَ تقرأ قوله سبحانه:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ …}.
{سورة التحريم: 6}.
وقوله:
{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}. {سورة طه: 132}.
والنبي صلى الله عليه وسلم يبيّن أن كل واحد راع ومسؤول عن رعيّته…
فلولا أن للإنسان دوراً في وقاية أهله من النار، وفي أمره إياهم بالصلاة،
وفي رعايته لهم… ما كانت أوامر الله تعالى وتوجيهات رسوله كذلك.
وأما أن ابن نوح عليه السلام لم يهتدِ، فلأن الله فعّال لما يريد، والمربّي
لا يحيط بجميع المؤثرات في نفس ابنه فضلاً عن أن يتحكم بها،
وأن يرتّب عليها النتائج.
السادس: إن تربية الولد تكون بالأسوة الحسنة، وتهيئة الجو الملتزم
في البيت، وبالتوجيه الحكيم، والتحبيب بقيم الإيمان والفضيلة… وإن
أسلوب التعنيف لا يكون إلا بقدر، وبعد استفراغ الجهود. ألم تَرَ كيف أن
النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
“مُروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع،
واضربوهم عليها وهم أبناء عشر..”. [رواه أحمد وأبو دواد]؟!.
إنّ في قوله – صلى الله عليه وسلم- هذا إشارات كثيرة. منها أن البدء
بالتوجيه يكون في سنّ مبكرة، وأنّ بين البدء بالأمر، وبين الضرب عليه،
ثلاث سنين كاملة!.
السابع: إن الولد يتأثر بسلوك أبويه والتزامهما بالإسلام أكثر مما يتأثر
بتوجيهاتهما القولية. وهو مطّلع أكثر من غيره على صدق
استقامتهما والتزامهما.
الثامن: وإن الولد، لا سيما في سني المراهقة، يحب أن يعمل من خلال
مجموعة. فإذا استطعتَ أن تُهيّئ له أسرةً توجيهية مناسبة له تكون
قد وفّرت على نفسك جهداً كبيراً.
وهناك قواعد وتوجيهات وتوضيحات أخرى يعرفها كثير منّا. والمهم أن نتّقي
الله في أولادنا، ونصدق في رعايتهم، ونسأل الله قبل ذلك كله، وبعده كذلك،
أن يهدينا وإياهم سواءَ السبيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق